وزير التعليم العالي يزور "مدرسة 42" الفرنسية: تعليم يُحاكي السيناريوهات الواقعية    دخلنا في محافظات العيار الثقيل.. الحكومة تزف بشرى سارة لأهالي المنيا    قش الأرز.. تحد بيئي تحول لكنز اقتصادي| شاهد    مدبولي: مشروعات الصرف الصحي تمثل أولوية هامة على أجندة المبادرة الرئاسية «حياة كريمة»    رئيس الوزراء يتفقد التشغيل التجريبي لمحطة معالجة الصرف الصحي بقرية برطباط غرب مغاغة.. صور    أفشة: مباراة سيراميكا صعبة| وتعاهدنا على الفوز باللقب    تجهيز ملاعب الكرة الشاطئية لبطولة كأس الأمم بالغردقة (صور)    إصابة 5 أشخاص في حادثي تصادم بالمنيا    محافظ كفر الشيخ: تحرير 14 محضرًا ضد مخابز مخالفة بدسوق    العثور على جثمان مجهول الهوية بمياه ترعة في الشرقية    تأجيل محاكمة بائع خضار استدرج شخص وقتله بشبين القناطر لجلسة الأربعاء    «آثار أبوسمبل» تستعد للاحتفال بتعامد الشمس على وجه رمسيس الثاني    بالاسم .. الصحة تدشن موقعاً إلكترونياً لمعرفة المثائل و البدائل للادوية الهامة    تنظيم قافلة طبية مجانية في قرية أبو مندور بكفر الشيخ ضمن «حياة كريمة»    مدبولي: نحرص على متابعة تنفيذ مشروعات تطوير الخدمات الطبية لكونها تأتي على رأس أولويات عمل الحكومة    يد الأهلي يواجه فلاورز البنيني في نهائي بطولة إفريقيا    نائب رئيس جامعة الأزهر: العلم الذي دعا إليه الإسلام لم يقف عند العلوم الشرعية أو العربية    داعية بالأوقاف: الانشغال بالرزق قد يبعدنا عن ما طلبه الله منا    عاجل.. التفاصيل الكاملة للهجوم على مقر الحزب الحاكم في اليابان: نفذه ملثم    وزير الصناعة يبحث مع اليونيدو الموقف الحالي لمشروعاتها بالسوق المصرية    التضامن: خطوط الوزارة الساخنة تستقبل 225 ألف اتصال خلال سبتمبر    مصر تشدد على ضرورة إيقاف العدوان الإسرائيلي وفك الحصار عن قطاع غزة    ضبط تشكيل عصابى تخصص في تقليد العملات النقدية وترويجها    جامعة القاهرة تطلق قافلة تنموية شاملة لمنطقة كفر طهرمس الأربعاء المقبل    موعد مباراة يوفنتوس ضد لاتسيو في الدوري الإيطالي والقنوات الناقلة    14 عبادة مهجورة تجلب السعادة .. عالم أزهري يكشف عنها    خيري الكمار يكتب : رسالة إلى وزير الثقافة .. المهرجانات فى خطر    تأثير النوم الجيد على صحة العقل والذاكرة    التصرف الشرعي لمسافر أدرك صلاة الجماعة خلف إمام يصلي 4 ركعات    جامعة الأقصر تنظم ندوة تثقيفية عن انتصارات أكتوبر    مركز سقارة ينظم دورة للعاملين بالمحليات عن دورة "الخريطة الاستثمارية لمصر "غدا    عيار 21 الآن بعد آخر ارتفاع.. سعر الذهب اليوم السبت 19-10-2024 في الصاغة    «8 زلازال في 20 يومًا».. عباس شراقي يكشف أسباب الزلزال المتكررة في إثيوبيا وخطورتها    الشيخ أحمد كريمة يوجه رسالة لمطرب المهرجانات عمر كمال    حزب الله يُعلن استهداف جنود ومواقع إسرائيلية    المخرج عمرو سلامة لمتسابقة «كاستنج»: مبسوط بكِ    رغم اعتراض ترامب.. قاضية تُفرج عن وثائق فى قضية انتخابات 2020    تجمع «بريكس» يدعم إنشاء تحالف للطاقة النووية    بدر عبدالعاطي: زيارة وزير خارجية إيران لمصر تؤكد حرصنا على منع التصعيد بالمنطقة    «مينفعش الكلام اللي قولته».. إبراهيم سعيد يهاجم خالد الغندور بسبب إمام عاشور    بعد ارتفاعه.. سعر الدولار الرسمي أمام الجنيه المصري اليوم السبت 19 أكتوبر 2024    مدير مستشفى العودة: قوات الاحتلال تطلق الرصاص على مركبات الإسعاف وتمنعها من الوصول للمصابين    بسبب الأجرة.. ضبط سائق تاكسي استولى على هاتف سيدة في القاهرة (تفاصيل)    حضور كبير في حفل تامر عاشور بمهرجان الموسيقى العربية.. كامل العدد    تامر عاشور ومدحت صالح.. تفاصيل الليلة الثامنة من فعاليات مهرجان ومؤتمر الموسيقى العربية    الصور الأولى من حفل خطوبة منة عدلي القيعي    منتج عمر أفندى يكشف حقيقة وجود جزء ثان من المسلسل    عمرو أديب: المتحف المصري الكبير أسطوري ولا يضاهيه شيء    بوتين يؤكد «بريكس» لم تنشأ ضد أي اتحاد.. وتعمل انطلاقا من القيم المشتركة بين أعضائها    ليلة لا تُنسى.. ياسين التهامي يقدم وصلة إنشادية مبهرة في مولد السيد البدوي -فيديو وصور    كيف تطور عمر مرموش مع آينتراخت فرانكفورت؟.. المدير الرياضي للنادي الألماني يوضح    دورتموند يعود لطريق الانتصارات بفوز على سانت باولي في الدوري    أفضل 7 أدعية قبل النوم.. تغفر ذنوبك وتحميك من كل شر    ضبط مسجل خطر بحوزته 10.2 كيلو حشيش بالشروق    "الكهرباء كانت مفصولة".. غموض يكتنف حريق مخزن الخيش بالزقازيق -صور    بطولة إفريقيا ل كرة اليد - موعد مباراة الأهلي ضد فلاورز البنيني في النهائي.. القناة الناقلة    اللواء نصر موسى يحكي تفاصيل ساعة الصفر في حرب أكتوبر    30 شهيدا بينهم 20 طفلا وامرأة في قصف مخيم جباليا في غزة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



قطع العلاقات الخليجية مع قطر.. صراع التوكيل الرسمي للولايات المتحدة
نشر في البديل يوم 02 - 06 - 2017

لم يكن قرار الدول الأربعة السعودية والإمارات والبحرين ومصر بقطع العلاقات مع قطر مفاجئا، ومع كون الخلاف بين هذا التكتل وقطر ليس خلافا جوهريا جاءت الاتهامات السعودية والخليجية لقطر بدعم الإرهاب مضحكة من أطراف كانت ولم تزل فاعلة في خلق وتشكيل منظومة الإرهاب الوهابي المسلح.
قد لا يعرف الكثيرون أن قطر كانت الطرف المبادر والأسبق للمساهمة الفاعلة في تخريب سوريا (تمويلا وتسليحا وتجنيدا) ورافقتها تركيا المنفذ الحدودي الرسمي لقوى الإرهاب هناك، ولحقت بهما مملكة آل سعود بعد نحو عام من بداية الحرب السورية، تلك الحقيقة في ذاتها مدخل لفهم جذور الخلاف الحالي الذي ارتقى إلى مرتبة الصراع بقطع العلاقات وما سيتبعه من تداعيات اقتصادية وسياسية، خلاف يعبّر في أحد وجوهه عن تفسخ وانهيار السياسات التلفيقية لبعض الأطراف العربية التابعة لأمريكا ومنظومة الغرب، من حيث استحالة بقاء "عنوان" للاستقلالية، ولو كانت نسبية وهامشية، تحت إدارة أو سلطة هي مرتكز للسياسات الاستعمارية في حقيقة الأمر، فالدولة القطرية – كالسعودية – تستطيع بالطبع التمتع بهامش للفعل والتوجيه العملي لبعض ما يحدث في الشرق الأوسط لكن على هذا أن يلتزم بالمظلة الأمريكية الكبرى وسقفها، وبأي مظلة وسقف آخرَين تقررها، من هنا جاء قطع العلاقات فَجرا بتوقيت المنطقة العربية بموازاة أول الليل تقريبا بتوقيت واشنطن.
بوقوع ما سُمي بالقمة الأمريكية العربية الخليجية الإسلامية، بدا واضحا أن الحسم في الاتجاه الأمريكي الجديد – القديم نحو تطبيع عربي كامل ومُسبَق وغير مشروط للعلاقات مع الكيان الصهيوني هو محَدد رئيسي لا يمكن لطرف عربي داخل معسكر تلك القمة عدم الالتزام الواضح به، بالإضافة إلى محَدد آخر ملازِم هو العداء القاطع مع إيران وكافة مكوّنات محور المقاومة كما نص إعلان الرياض اللاحق للقمة، والذي لم تتجشم مملكة آل سعود عناء عرضه على الدول المشاركة وصدر بعد مغادرة وفودها للمملكة، الأمر الذي أثار حفيظة الدويلة القطرية التي أنفقت وتنفق مليارات الدولارات من أجل تشكيل "دور إقليمي" خاص بها، تجمع فيه بين وجهين: الأول كونها مشيخة عائلية خليجية نفطية ذات دور وظيفي في ارتكاز القوة العسكرية الأمريكية، المهدِدة لشعوب المنطقة ولإيران في آنٍ واحد، وفي تزويد الغرب بالنفط ورهْن احتياطات نفطها لقوة النظام العالمي وسوقه ومديريه، والثاني كونها منظومة سياسية تسعى للعب دور قيادي عابر لحدودها بعنوان "عربي إسلامي" يرث النفوذين المصري والسعودي ويحل محلهما، ويستخدم في ذلك أوراق لعب وضغط للتفاوض مع الكيان الصهيوني باسم العرب ول"تحييد" الدور الإقليمي لإيران (دون إقصائه على الطريقة السعودية) وفتح الطريق أمام حل تصفوي للقضية المركزية في فلسطين، حل تذهب له الشعوب والأنظمة العربية برعاية قطرية تستخدم الإخوان المسلمين كأداة لمشروعها، ويأتي في سياق "الإصلاح" و"الديموقراطية" والتعايش السلمي وغيرها من الشعارات والعناوين التي تبنتها قطر، مع استقدامها لآلاف من المدربين والإعلاميين والمثقفين انخرطوا في تقديم دورات تدريبية في الديموقراطية وحقوق الإنسان لشباب عربي وشغّلوا العشرات من المنابر الإعلامية تزيّف نفس تلك الأفكار، في دويلة لا تعرف الانتخابات وتقبع فيها قاعدة عسكرية استعمارية ضخمة، تماما كما أعلنت حماس في وثيقتها التمسك بكامل التراب الفلسطيني من على بعد كيلومترات قليلة من نفس القاعدة.
صراع على الوكالة
يعود انضمام وفاعلية قطر في إطار مشروع الشرق الأوسط الجديد إلى سنوات طويلة مضت وليس فقط إلى حضورها البارز في قمة ترامب آل سعود، التي مثّلت قمة هذا المشروع في جانب ونقطة البداية لنهايته في جانب آخر، ومن المفروغ منه أن إجراءات ك"اتصال هاتفي بين الأمير تميم والرئيس الإيراني روحاني" وما شابهها لا تنفي الطبيعة الوظيفية لدويلة قطر ذاتها، بكل انعكاسات تلك الطبيعة في الاقتصاد والسياسة الإقليمية والدولية والتوجهات السياسية العامة، فما يجمع قطر بجيرانها من مشيخات الخليج وعلى رأسها مملكة آل سعود أعمق كثيرا من الشد والجذب النابعين من تناقض ثانوي وليس رئيسيا، والدليل الأبلغ على ذلك هو إزاحة قطر للضغوط التي تُمارَس عليها إلى حماس تماما كما تتمتع قطر بعلاقات ممتازة مع الكيان الصهيوني، تناقض كهذا يمكن فهمه بقراءة جذب قطر لحماس في بداية الحرب السورية والذي ترافق مع تمويلها وتسليحها للعشرات من الجماعات الإرهابية المخربة لسوريا، فخرجت حماس من سوريا التي قدمت لها عبر سنوات طويلة كل أشكال الدعم بلا حدود، من هنا فالعداء مع الكيان الصهيوني ليس أساسا أقيم عليه التحالف القطري الحمساوي وهو أبعد ما يمكن عن كونه "تحالف مقاومة"، ومن ناحية أخرى فمخيم اليرموك السوري ذو السيطرة الحمساوية الذي تم تسليمه للجماعات الإرهابية مع تقنية الأنفاق التي طالما ارتبطت في السابق بتقنيات محور المقاومة، شهود على أن حماس بدورها لا تقيم تحالفاتها على أساس هذا العداء أيضا.
بعد سنوات من تشكيل قطر وصيانتها لمشروع الدور الإقليمي السابق ذكره، جاءت قمة ترامب آل سعود – والتي لم تفوّتها قطر – لتطرح أحد المكوّنات الرئيسية لهذا المشروع على أنها اتجاه عام بقيادة سعودية محضة، أي تقدم الشعوب العربية والرخاء الاقتصادي والسلام الكبير وتصفية القضية الفلسطينية بحل سلمي يضمن بقاء الكيان الصهيوني ومصالحه ومكافحة الإرهاب، وكلها بضاعة قطرية شكّل مجموعها رأس الحربة لمشروع الدور الإقليمي لقطر، لكن السقف المتفق عليه أمريكيا وسعوديا وإماراتيا ومصريا لا يشمل استخدام أوراق ضغط محتمَلة على الكيان الصهيوني أو أي ما يفيد التحدي للإرادة الأمريكية، كالتسامح مع أي قوى تنتهج المقاومة المسلحة أو تسعى لضمان قوة فلسطينية مسلحة خارج الحظيرة الأمريكية المباشرة على اتساعها، ومن هنا كان التناقض الثانوي بين هذا المعسكر من جهة والمعسكر القطري من ناحية أخرى وكان الانزعاج القطري، ومن ثم التراشق الإعلامي بين الجهتين الذي لم يشمل مضمونا سياسيا واضحا لتناقض حقيقي بين سياستيهما، وبعد ذلك الرضوخ القطري في الصراع بطرد عناصر حمساوية مسؤولة عن عمل الحركة في الضفة الغربية، رضوخ جاء متأخرا نسبيا بالقياس إلى عُمْر قمة ترامب آل سعود، مما يشير إلى أن حسم الضغط النهائي على قطر كان أمريكيا وليس سعوديا، في ظل تلميحات أمريكية – أحزنت القيادة القطرية حزنا بالغا – بالتفكير في نقل قاعدة العديد العسكرية الأمريكية من قطر إلى الإمارات.
على أي حال فالوقائع الحالية تشير إلى فوز سعودي إماراتي جديد بمنصب الوكيل الرسمي الأمريكي، فوز يزيح أي وكيل آخر ولو امتلك أو يمتلك مشروعا متطابقا للوكالة، ويحصره في خانة "الشريك" فيها دون أن يكون في قيادتها، مع بقاء أطراف أخرى في خانة "التابع" كمصر والأردن.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.