انتصرت مجددًا منظمة الأممالمتحدة للثقافة والعلوم "يونسكو" للتاريخ والتراث الفلسطيني، بإعلانها مدينة القدسفلسطينية محتلة من قبل إسرائيل، ورغم أن القرار لا يحمل جديدًا ولا يقلل من ممارسات إسرائيل شيئًا إلا أنه يؤكد عدم شرعية تواجد الكيان الصهيوني في العاصمة الفلسطينية "القدس"، ويثبت النجاح الدبلوماسي الفلسطيني، خاصة أنه يأتي بالتزامن مع زيارة الرئيس محمود عباس، إلى الولاياتالمتحدة ولقاء نظيره الأمريكي، دونالد ترامب. انتصار دبلوماسي جديد صوتت منظمة الأممالمتحدة للتربية والعلم والثقافة "يونسكو"، لصالح قرارين خلال الجلسة الخاصة والمغلقة التي عُقدت أمس الثلاثاء في مقر المنظمة بباريس، حيث يختص القرار الأول الذي قدمته فلسطين بالتنسيق مع الأردن، وبدعم من الدول العربية، تحت عنوان "فلسطينالمحتلة" بثلاثة أقسام، الأول يتعلق بالقدس وهو الأصعب، والثاني يتعلق بغزة، والثالث ببيت لحم والخليل، وينص القرار على أن البلدة القديمة في القدسفلسطينية خالصة لا علاقة لها باليهود، مع التأكيد على تاريخ المدينة وتراثها الحضاري المرتبط بالمسلمين والمسيحيين، ويؤكد أن المقابر والحرم الإبراهيمي في الخليل، وقبر راحيل في بيت لحم، مقابر ومناطق إسلامية خالصة، ويتيح القرار أمام المنظمة الدولية إرسال مندوب بشكل شبه دائم لمتابعة الانتهاكات الإسرائيلية. مشروع القرار لاقى ترحيبا من قبل أغلبية أعضاء المجلس التنفيذي لليونسكو، حيث صوت لصالحة 22 عضوًا، أبرزهم مصر ولبنان والجزائر والمغرب وعمان وقطر والسودان، في مقابل 10 أعضاء صوتوا ضد القرار، أبرزهم أمريكا وبريطانيا وإيطاليا وهولندا وليتوانيا واليونان وألمانيا، فيما تعلق القرار الثاني بالمؤسسات التربوية والثقافية بالأراضي العربية المحتلة بما فيها الجولان، وحصل على 38 صوتًا من أصوات الأعضاء في المنظمة، مقابل صوت واحد معارض. ترحيب فلسطيني القرار الأممي لاقى ترحيبا كبيرا من قبل السلطة الفلسطينية، حيث أكد وزير الخارجية، رياض المالكي "رغم محاولات الحكومة الإسرائيلية اليائسة لتقويض قرارات فلسطين في اليونيسكو، إلا أن العالم صوت لصالح قراراتنا، مختارًا أن يقف بجانب الحق في وجه الظلم والاحتلال وسياساته غير الشرعية"، وأضاف أن هذه القرارات تشير إلى الجوانب التاريخية والتراثية والحضارية بمدينة القدس، وتؤكد ضرورة إرسال مندوب لليونيسكو للتواجد بشكل دائم في القدس، لمراقبة ما تقوم به إسرائيل، السلطة القائمة بالاحتلال، من انتهاكات وإجراءات تهويدية وتدميرية تسعى من خلالها إلى طمس معالمها التاريخية والحضارية والدينية أو تغيير طابعها. وأوضح سفير فلسطين باليونسكو، منير أنستاس، أن إسرائيل قامت بضغط كبير على العواصم، وشنت حملة كبيرة ضد صدور هذا القرار لهدف واحد هو تشريع ضم القدس وإلغاء القرارات المتعلقة بها، لأنها تذكر إسرائيل بأنها قوة احتلال هناك، وأضاف أن التطور الأخير مهم للغاية، لأنه أعاد التأكيد والتذكير بالقرارات السابقة، وذكر إسرائيل أنها قوة قائمة بالاحتلال وأن كل ما تتخذه من إجراءات لفرض قانونها وإداراتها هي إجراءات باطلة، ما يعني أن قانون ضم القدس باطل وغير مشروع. الاحتلال يستشيط غضبًا في المقابل، أثار القرار غضب وسخط الاحتلال الصهيوني الذي طالما دخل في معارك مع المنظمات الحقوقية والأممية التي تعترف بحق فلسطين التاريخي في أراضيها، حيث شن رئيس الحكومة الإسرائيلية، بنيامين نتنياهو، هجومًا حادًا ولاذعًا على القرار، وقال إن إسرائيل تكفر بمنظمة اليونسكو ولا تؤمن إلا بحقيقة أن القدس ملك لها موحدة وإلى الأبد وستظل تحت سيادتها وهي قدس أقداسها. ووصف المندوب الإسرائيلي لدى الأممالمتحدة، داني دانون، في تغريدات له على موقع التواصل الاجتماعي "تويتر" قرار اليونسكو بشأن القدس ب"المتحيز والخادع"، وزعم إنه لن يغير من حقيقة أن القدس هي العاصمة التاريخية والأبدية للشعب اليهودي، كما قال إن بلاده لن تقف صامتة أمام ما اعتبره قرارًا مخجلًا، فيما قال وزير المواصلات الإسرائيلي، إسرائيل كاتس، إنّ الجواب المناسب على القرار هو تشريع قانون القدس الكبرى، الذي يحدد توسيع حدود القدس ويعزز الأغلبية اليهودية فيها عبر ضم مستوطنات المحيطة بالقدس هي "غون عتسيون، بيتار عيليت، معاليه أدوميم وعغعات زئيف". السفير الإسرائيلي لدى اليونسكو، كان له رأي مختلف عن رؤسائه، حيث اعتبر أن القرار الجديد سجل تقدمًا لصالح إسرائيل المقارنة بالقرارات السابقة، مشيرًا إلى أن خمس دول جديدة صوتت ضد القرار، بعدما صوتت إلى جانبه في المرات السابقة، وأضاف أن القرار تضمن هذه المرة نصًا يؤكد أن القدس مقدسة للأديان السماوية الثلاث، وأكد أن إسرائيل ستواصل جهودها حتى إسقاط هذا القرار. اليونسكو.. شاهد على الحقوق الفلسطينية قرار اليونسكو لم يكن الأول من نوعه، فطالما وقفت هذه المنظمة الأممية مع الحقوق الفلسطينية واتخذت العديد من القرارات التي تصب في صالح الشعب والأراضي الفلسطينية، وأثارت هذه القرارات في حينها غضبًا واستنكارًا لدى الصهاينة، ومن أبرز هذه القرارات التي اتخذتها المنظمة في أكتوبر العام الماضي، حيث صوت المجلس التنفيذي على قرار تضمن تعريفًا بأن الحرم القدسي الشريف مكان مقدس للمسلمين، ولم يذكر القرار أي علاقة لليهود به وبحائط البراق الذي يسمونه "حائط المبكى"، وهو القرار الذي استشاطت له القيادات الصهيونية وأعلنت على أثره وقف التعاون مع المنظمة الأممية وعد الاعتراف بها. وخلال الدورة ال36 للمنظمة التي عقدت في أكتوبر عام 2011، رفعت المنظمة الأممية علم فلسطين على مقر اليونسكو، تأكيدًا على انضمام فلسطين إلى المنظمة، بعد تصويت على انضمامها أيده 107 دول، في حين رفضه 14 دولة، وامتنع عن التصويت 52 دولة، لتصبح فلسطين الدولة رقم 195 في منظمة الأممالمتحدة للتربية والثقافة والعلوم، رغم معارضة الولاياتالمتحدة وعدد من الدول الحليفة لإسرائيل لذلك. زيارة عباس إلى أمريكا الانتصار الدبلوماسي الفلسطيني الذي يدعم عدم التنازل عن شبر في الأراضي الفلسطينيةالمحتلة لصالح الاحتلال، يتزامن مع وصول رئيس السلطة الفلسطينية، محمود عباس، إلى أمريكا أمس الثلاثاء، في زيارة من المقرر أن تستمر ثلاثة أيام، يلتقي خلالها نظيره الأمريكي، دونالد ترامب، وعددًا من كبار القادة الأمريكيين. واستبق الرئيس عباس الزيارة بتأكيد تمسكه بالثوابت الفلسطينية التي أقرها المجلس الوطني عام 1988، والتي تنص على عدم القبول بأي حل لا يضمن دولة فلسطينية في حدود عام 1967 وعاصمتها القدسالمحتلة، وأضاف عباس أنه يحمل للرئيس الأمريكي كلمة موحدة اتفق عليها العرب جميعًا وهي الإصرار على دولة فلسطين على حدود 67 وعاصمتها القدس، وانتقد حل الدولة الواحدة، وقال إن إسرائيل تريدها بنظامين لتزيد العنصرية والتمييز ضد الفلسطينيين.