مع دخول 1500 أسير فلسطيني يومهم ال12 في معركة الإضراب عن الطعام، احتجاجًا على ممارسات الاحتلال الصهيوني الجائرة بحقهم واستمرار اعتقال عدد كبير منهم إداريًّا دون توجيه اتهام لهم، ينتفض الشارع الفلسطيني تضامنًا مع هؤلاء الأسرى الذين ساءت الأحوال الصحية لبعضهم؛ نتيجة لهذا الإضراب، ليخرج الآلاف من مختلف المناطق الفلسطينية، ويعلنوا اليوم الجمعه "يوم غضب فلسطيني" في وجه الاحتلال. قبل أيام دعت حركة التحرير الوطني "فتح" أقاليم الضفة الغربية إلى انخراط كافة مكونات الشعب ومؤسساته في فعاليات إسناد إضراب الأسرى وتشكيل جبهة موحدة تقف مع عدالة مطالب الأسرى الفلسطينيين في سجون إسرائيل، وأعلنت الحركة حينها أن أمس الخميس سيكون يوم إضراب شامل يشمل كل مناحي الحياة كخطوة إسنادية احتجاجية من كافة الفلسطينيين، فيما أعلنت أن اليوم الجمعة سيكون "يوم غضب"، وأن صلاة الجمعة ستقام في خيام الاعتصام، بالإضافة إلى الاشتباك مع القوات الإسرائيلية في كافة نقاط التماس، وحمَّلت الحركة حينها الإسرائيليين وأدواتهم المسؤولية الكاملة عن حياة الأسرى، وعن حالة التدهور التي قد تحصل في المنطقة نتيجة للتعنت الإسرائيلي والاستهتار بمطالب الأسرى، ورأت الحركة أن تصاعد الإجراءات الإسرائيلية يستدعي الرد بتوسيع رقعة المواجهة والاشتباك مع الجيش الإسرائيلي في كافة الأنحاء. الدعوات الفتحاوية لقيت تجاوبًا شعبيًّا فلسطينيًّا كبيرًا، حيث شهدت الأراضي المحتلة إضرابًا شاملًا عم جميع الأراضي الفلسطينيةالمحتلة، وشهدت مدن الضفة الغربية بما فيها القدسالمحتلة وكذلك قطاع غزة، أمس الخميس، إضرابًا عامًّا لم تشهده الأراضي الفلسطينية منذ سنوات؛ تضامنًا مع الأسرى المضربين، حيث أغلقت المؤسسات العامة والمحال التجارية أبوابها، كما تعطلت الدراسة في الجامعات والمدارس، وتوقفت المواصلات العامة، واستثنيت الخدمات الصحية من الإضراب، كذلك اندلعت مواجهات مع الاحتلال في مناطق متفرقة من الضفة الغربية أثناء مسيرات داعمة للإضراب، وقال شهود عيان إن المواجهات اندلعت إثر إطلاق قوات الاحتلال الرصاص الحي والمطاطي وقنابل الغاز المدمع باتجاه مسيرات انطلقت من العديد من المدن والبلدات والمخيمات نحو نقاط الاحتكاك مع الاحتلال، وتزامنًا مع الإضراب الذي شل الأراضي الفلسطينية، وجهت حركة فتح واللجنة الوطنية لإسناد الأسرى المضربين وجهات أخرى دعوات للمشاركة في "يوم غضب تلتئم فيه وحدة الشعب الفلسطيني، وإقامة صلاة الجمعة في خيام الاعتصام". الجدير بالذكر أن الاحتلال الصهيوني اختار التصعيد في وجه الأسرى المضربين؛ في محاولة لإنهاكهم وفك إضرابهم، حيث قال محامي هيئة شؤون الأسرى والمحررين الفلسطينيين، كريم عجوة، إن عددًا من الأسرى المضربين عن الطعام أصيبوا بإصابات مختلفة؛ جراء اعتداء قوات الاحتلال عليهم داخل سجن عسقلان، أمس الخميس، وأضاف المحامي أن قوات الاحتلال اقتحمت غرف الأسرى المضربين رقم "3 و2 و1″، وتم الاعتداء بوحشية على الأسرى، بسبب رفضهم التفتيش العاري، ما أدى لإصابة 5 منهم، اثنين في الرأس وبقية الأسرى برضوض في الوجه، ونقل المحامي عن أحد الأسرى هناك أن أوضاع المضربين صعبة للغاية وقوات الاحتلال تجري تفتيشات استفزازية بشكل يومي؛ لإرهاق الأسرى وإنهاكهم وإذلالهم خلال فترة الإضراب، وأشار إلى أن الأسرى قاطعوا الفحوصات الطبية، وهناك مخاوف جراء ذلك على حياة الأسرى، وخاصة المرضى منهم. الإضراب الفلسطيني الذي يدخل يومه الثاني عشر يأتي على وقع استمرار الانقسام الداخلي بين حماس وفتح، وبين سلطتي رام اللهوغزة، وتصاعد خطاب التشهير والاتهامات المتبادلة وحرق صور الرئيس "محمود عباس" في القطاع، وزيادة الشرخ الاجتماعي والسياسي بين ضفتي الوطن، عقب الإجراءات التي اتخذتها السلطة الفلسطينية بحق رواتب موظفي قطاع غزة، والتي طالت نحو 60 ألف موظف، وتجسدت آخر مشاهد الانقسام الفلسطيني في إبلاغ السلطة الفلسطينية إسرائيل، أمس الخميس، بأنها ستتوقف عن دفع ثمن إمدادات الكهرباء لقطاع غزة، الأمر الذي قد يؤدي إلى انقطاع الكهرباء بالكامل عن القطاع. يرى بعض المراقبين أن دعوة الإضراب عن الطعام أو ما أسماه الفلسطينيون "إضراب الكرامة" تخطت أهدافها المُعلنة بتحسين الأوضاع المعيشية للأسرى وغيرها من المطالب التي جاءت في وثيقة الإعلان عن الإضراب، بل جاءت لتوحيد الصف الفلسطيني من جديد وحشد تأييد جميع الفصائل الفلسطينية خلف القضية المركزية مجددًا، خاصة أن قضية الأسرى لا يختلف عليها فصيل؛ باعتبارها أهم القضايا الوطنية والإنسانية على الساحة الفلسطينية، فالأسير "مروان البرغوثي" الذي أطلق الدعوة لإضراب الأسرى في سجون الاحتلال، على الرغم من تبعيته لحركة فتح، إلا أنه يملك شعبية كبيرة في صفوف مقاومي باقي الفصائل الفلسطينية، سواء حماس أو الجهاد الإسلامي وغيرهما، كما أن معركة الأمعاء الخاوية لم تفرق بين الفصائل والحركات الفلسطينية، فقد ضمت مقاومين من كل الجبهات الفلسطينية، وتعاطف معها كافة الشعب الفلسطيني باختلاف توجهاته، الأمر الذي دفع البعض إلى القول بأن دعوة "البرغوثي" المعروف ب"مانديلا فلسطين" قد تنجح في توحيد الصف الفلسطيني خلف القضية المركزية مجددًا ووضع الخلافات جانبًا.