ما هذا، ماذا تفعلين بي؟ لماذا تدفعيني بعيدًا؟ أريد الجلوس يوووووووه!! الكنبة: لا تقترب مني، لا تقترب وإلا.. أنا: لم أنت غاضبة؟ ماذا فعلت حتى تعامليني هكذا؟ الكنبة: إذا كنت تدري فهي مصيبة، وإذا كنت لا تدري فالمصيبة أكبر. أنا: ماذا تريدين أن تقولي؟ وضحي أكثر! الكنبة: أنت جلست وجلست وجلست وجلست ولم تفعل أي شيء. هذا هو ما فلعته يا صديقي السابق أو صديقي المخلوع. أنا: لا لا.. أقبل منك أي شيء إلا الإهانة. لا أقبل أن تصفيني بالمخلوع. الكنبة: (تضحك بصوت مرتفع) ها ها ها.. أنت غاضبُ إذن من وصفك بالمخلوع، فلماذا إذن تترك المخلوع يتجول بطائرته في سماء البلاد وأنت ساكت. هل أنا الحيطة المايلة خاصتك، اذهب واعترض على التباطؤ في محاكمة المخلوع وأنت كل جلسة تجلس على قلبي وتتابع التمثيلية السخيفة بينما أنا أغلي غضبًا. وتقنع نفسك طوال الوقت بأن المحاكمة أمام المحكمة الطبيعية هو الحل المتحضر. اذهب بتحضرك بعيدًا عني واجلس على الأرض. أنا: وهل بيدي شيء ولم أفعله؟ الكنبة: كان بيدك الكثير ولا زال أمامك الكثير ولكنك لن تفعل شيء، بل ستظل تضرب كفًا على كفس معلنًا غضبك في حرص شديد على ألا يتجاوز جدران الغرفة التي تجلس فيها فوقي. أنت أيضًا تصدق بطيب خاطر أن ثورة إخوتك الأشراف قد عطلت عجلة الإنتاج وأوقفت مسيرة الاقتصاد. أنت وجدت راحتك في تعليق صمتك وخنوعك على شماعة الثورة. أنت لا تريد حتى أن تصحح أفكارك المغلوطة فإيرادات قناة السويس زادت نصف مليار دولار. وتأسست 2000 شركة بدأت العمل بالفعل بعدالثورة. أنا: أنا.. سمعت ذلك في التلفزيون المصري، وهو تلفزيون بلادي الذي يجب أن أصدقه. الكنبة: أليس لديك ريموت كنترول تغير المحطة أم أن استخدامه مقصور على تشغيل قنوات الرقص والأفلام والطبيخ؟ أنا: طيب وهؤلاء الذين لا يكتفون بإسقاط مبارك، بل تطاولوا على أسياد البلد وحماة الثورة يريدون أسقاطهم، هل هذا منطقي! هل هذا معقول! الكنبة: أليست الثورة هي من نادت بإسقاط النظام وهدم الدولة الأمنية القمعية الظالمة؟ أنا: نعم وقد كان وبالفعل مبارك في القفص والنظام سقط؟ الكنبة: هأو أو أو آآآآآآآآآآآآآآآآآآآو. الثورة أسقطت مبارك ولكنها لم تكمل هدم دولة الأمن والقمع والظلم، فلا زالوا كما هم. فلم يكفي مجلسك الموقر بتاع الجيش خط أحمر بتولي سلطة البلاد وانتهاك قانون الثورة وتحويلها إلى هوجة عيال ببناطيل ساقطة، بل حبس وعذب وقتل وكلبش المصابين في أسرتهم من ثوار مصر الأشراف بينما مبارك منعم في الحرير والأسرة باهظة الثمن ويتجول بالطائرة ليتشفى فينا. الكنبة: قل لي لماذا اختفى البنزين من محطاته ووصل سعر أنبوبة البوتاجاز إلى 40 و50 جنيه ولماذ ترتفع أسعار السلع الأساسية أسبوعًا تلو الآخر ولماذ يُقبض على من يوزعون منشورات توعية وغيرها من المطبوعات ولماذا يُتهم الثوار في شرفهم ولماذ يهجم عليهم بلطجية يحملون لافتة المواطنين الشرفاء على صدورهم ويشوهون أهالي مناطق مصرية أصيلة مثل بولاق أبو العلا والعباسية ويوهمون الناس بأن أهالي هذه المناطق يهاجمون الثوار. أنا: لا أدري بالتحديد لماذا ترتفع الأسعار، ولكني أعرف أن من يريد تخريب البلد هم هؤلاء الذين يسمون أنفسهم بالثوار وهم يريدون إسقاط الجيش؟ الكنبة: حبيبي الجالس أمام التلفزيون أنت تفتقر إلى فطرة البشر التي تساعدهم على التمييز بين الصدق والكذب. اسمعني جيدًا الجيش مؤسسة قوية متماسكة محترمة لا يمكن المساس بها كما أنها لا تتوقف ولا تتأثر بالأشخاص فالقيادات الشريفة موجودة في الجيش، ولكنها مغماة ومعطلة ومقهورة مثلما كنا مقهورين مثلهم مثلنا وقاهرنا واحد هو مجلس مبارك العسكري. أما الغلاء والاضطرابات الأمنية والانفلات وغيرها من مظاهر الفوضى ما هي إلا تربية للشعب المصري الذي قام بالثورة وحرم المجلس من شرف الانقلاب لأنهم كانوا يخططون للانقلاب على ظلم مبارك خلال قرنين ونصف من الزمن. ومندوبي المجلس العسكري في الوزارات هم من يديرون البلاد وينتقمون منا. أنا: إن المجلس حمى فكيف أنكر جميله ولو غادر المجلس الحكم لحدثت مجازر فكيف نسقطه؟ المجلسلم يحم الثورة، وقد كان بطلًا لمجازر كثيرة منها فض اعتصام التحرير : 25 فبراير، فض اعتصام التحرير وكشوف العذرية في 9 مارس، هجوم القوات الخاصة على المعتصمين في 8 ابريل، أحداث السفارة الاسرائيلية 27 مايو وتركيع الشرطة العسكرية لشباب مصر، احداث مسرح البالون في 28 يونيو، موقعة العباسية 23 يوليو، فض اعتصام التحرير1 اغسطس، أحداث السفارة الاسرائيلية في سبتمبر، مذبحة ماسبيرو في 9 اكتوبر، مجزرة محمد محمود في نوفمبر، مجزرة مجلس الوزراء في ديسمبر، وأخيرًا مجزرة استاد بورسعيد 1 فبراير لشباب الألتراس الذين إذا تحدثنا عن حماية الثوة فلابد من ذكرهم أنا: أنت تهزين يا كنبتي العزيزة، لقد اعتدى هؤلاء الشياطين على الجيش وجنوده وحرقوا المجمع العلمي وتراث وتاريخ مصر وألقوا المولتوف على الجنود. أنت من يجب أن تصححي معلوماتك. الكنبة: لست مندهشة مما تقول وسوف أرد عليك بكلمات بسيطة؛ كيف يكون من حرق ومن هجم من دمر ومن أساء لا يمكن هو المصاب دائمًا. هل رأيت حالة اعتداء واحدة بعينك أو مصاب أو قتيل من صفوف الجيش أو الشرطة الإصابات والشهداء كلهم من جانب واحد. ولما ثبت ذلك، بدأت قصة الطرف الثالث واللهو الخفي وحرق البلاد ولم يتمكن الطرف الأول من إثباتها. أنا: باختصار شديد لن أقتنع بما ترددين من ترهات إنه كلام فارغ. أنت أصبحت عليلة ولا أريد الجلوس عليكي مرة ثانية سوف أبيعك لتاجر الروبابيكيا. الكنبة: هذا ما أتمناه علني أجد إنسانًا حرًا للجلوس علي وأشعر بأنني أقدم خدماتي إلى من يستحقها، ولكن قبلا أمضي لابد لي من أن أنصحك نصيحة أخيرة لأننا من الممكن ألا نتقابل ثانيةً. اسمعني أيها الجالس دائمًا: افعل ما شئت وفكر كما شئت ولكن لا تنسى أن هناك حساب في آخرتك . فلا تقذف غيرك في شرفهم ولا تفتش في نواياهم ولا تتهمهم بالباطل ولا توزع عليهم طعنات لسانك عليهم كل صباح ومساء. فقط اعلم أنهم ينزلون لى الشوارع للدفاع عنك وهم يعلمون تمام العلم أن لكل شيء ثمن ومقابل ووافقوا على دفع الثمن من دماءهم وأرواحهم وراحتهم وأموالهم وعيونهم دفاعًا عن حرية أمة فلا يستحقون في المقابل أن تسبهم وتسب آباءهم وأمهاتهم أو أن تنكر الشهادة على شهيدهم. الأهم من كل ذلك، يجب أن تعرف عدوك الحقيقي وتصب عليه جام غضبك، فإذا كان المجلس حبيبك وحبيب البلاد ويريد الحفاظ عليها فلماذا يريد قتل المصريين جميعًا ولما يريد إبادتهم بإيديهم، نعم يريد إبادتهم وعندي الدليل، فإذا كان هناك بالفعل ثمة مخطط لإحراق البلاد فمن سيقوم به؟ بالتأكيد سوف تقوم به جماعات جريمة منظمة مدربة على مستوى على أعلى المستويات. في نفس الوقت يهيب بك العسكر حماة البلد، وحماة الثورة على حد قولك، أن تنزل إلى الشارع لتأمين مصر وحمايتها من أيدي المجرمين. وبما أنك أعزل ومدني وأنا آمرك بمواجهة عصابات جريمة منظمة فأنا بالتأكيد أريد أن أقتلك. كما أريد إجابة واضحة، أنى لك أن تتعرف على هذه الجماعات الإرهابية من العملاء والخونة الذين يخططون لحرق البلاد وهم في لباس مدني بدون أي علامات مميزة أو زي مميز؟ كيف ستتعرف عليهم؟ أظن أنه لا يوجد طريقة للتعرف عليهم، لذا سوف تتطلب منك حماية المنشآت (المباني والأثاث وغيرها من الأِشياء التي يمكن تعويضها أو استبدالها في مقابل الإنسان الذي لا يمكن تعويضه) أن تقتل وتضرب وتبطش بكل من يقترب منها حتى إذا كان موظفًا أو عاملًا بها لأنك ببساطة لا تعرف من يعمل بها. فالمطلوب أن نقتل بعضنا البعض أو يفتك المصري بأخيه. لقد قتلوا رموز الثورة فإذا كنت من الثائرين فقد قتلوا رمزك وقتلوا أبناء البلد ورجالها وشبابها ورد الجناين، فإذا كنت كنبة فقد قتلو أبناءك وأخوتك فلا فرق فيما حدث بين ثائر أو سلبي أو غير مبالي بما حدث. فالحكم العسكري يكشر عن أنيابه للجميع على حدٍ سواء ويهدر كالطوفان محذرًا من اجتياح كل من يواجهه أو بالأحرى كل من تسول له نفسه أو يرفع رأسه. ليس ذلك فحسب، فإعادة تربية المصريين جميعًا سوف تستكمل مسيرتها مطبقةً حد الخروج على الأسياد على الجميع بلا استثناء. فإذا كان القتل حتى يوم أمس من نصيب من ينزلون إلى ميادين التحرير، فقد تغيرت قواعد اللعبة بدءً من أمس عشية الذكرى الأولى لموقعة الجمل ليطال القتل والإرهاب المنظم شبابنا في كل مكان في أي وقت لعقابهم على المشاركة في الثورة. لذا أدعوك إلى أن تحزم أمرك وتختار أحد أمرين إما أن تظل جالسًا دائمًا، أو أن تهب إلى الشارع للمطالبة بتسليم مصرإلى أحد أبناءها الذين يخافون عليها من المدنيين ويقدرون أرواح أبناءها ومن خارج العصابة الحاكمة الجاسمة على صدورنا منذ عام 1954. واعلم أن القتل آت إليك لا محالة سواءً تخليت عن كنبتك أم لم تتخل، إلا أن النزول قد يقيك ويقي أولادك القتل إلى حدٍ ما، أما التمسك بالكرسي أو الكنبة فسوف يأتيك القتل لا محالة دون أن يتسائل أحد “إيه إللي وداك هناك” لأنك ساعتها سوف تكون في بيتك أو في الشارع أو في أي مكان. رحم الله شهداء الثورة من ناشطين وسياسيين ووطنيين وأولتراس وعشوائيين وباعة جائلين لأنهم في النهاية هم المصريين.