في الوقت الذي يستهلك فيه الأطراف المتحاربون في اليمن الوقت للوصول إلى أهدافهم السياسية والعسكرية، ويماطلون في التوصل إلى حلول تنهي المعاناة التي يعيشها الشعب اليمني وتوقف الحرب التي وضعت البلاد على حافة السقوط في المجاعة، تصدر المنظمات الحقوقية إحصائيات وأرقاما مفزعة لتشير إلى أن الشعب اليمني بات لا يملك أقل مقومات الحياة الآدمية. أعلنت منظمة الأممالمتحدة للطفولة "يونيسيف"، عن مقتل أكثر من 1500 طفل في اليمن منذ بدء التدخل العسكري بقيادة السعودية في مارس عام 2015، حيث أودت الحرب في اليمن بحياة حوالي 7700 قتيل، بينهم 1546 طفلًا على الأقل، وأضافت اليونيسيف أنه بين مارس 2015 ومارس الحالي، قتل حوالي 1546 طفلًا على الأقل، وأصيب 2350 آخرين بتشوهات، وبين هؤلاء 1022 من الفتيان، و478 من الفتيات، و46 طفلا لم يعرف جنسهم، وخلال هذه الفترة تم تجنيد حوالي 1572 قاصرًا للقتال، وأكدت الوكالة الأممية أنها أحصت 212 هجومًا على مدارس، و95 هجومًا على مستشفيات خلال نفس الفترة. في الوقت نفسه، أعلنت وزارة حقوق الإنسان اليمنية، في تقرير قدمته، أمس الاثنين، يغطي الفترة الممتدة بين 1 يناير 2015 وحتى يناير 2017، عن مقتل 10 آلاف و811 شخصًا، وإصابة 37 ألفًا و888 آخرين، خلال عامين من الحرب الدائرة في البلاد، بخلاف الدمار الهائل في البنية التحتية والأملاك. وأضافت الوزارة، في اجتماع مجلس حقوق الإنسان المنعقد بجنيف، أن من بين القتلى 649 امرأة، و1002 من الأطفال، و9 آلاف و160 رجلًا، وأشار التقرير إلى أن الإصابات بين المدنيين بلغت 3875 امرأة، و3334 طفلا، و19 ألف و868 رجلًا، وأوضح التقرير أنه من بين ضحايا الحرب 315 قتيلًا و358 جريحًا جراء الألغام التي تم زرعتها في المناطق السكنية والقرى والمزارع والطرق العامة. في ذات الشأن، أفاد التقرير بأن حالات الاعتقال التعسفي والتعذيب والاختفاء القسري بلغت خلال هذه الفترة، 16 ألفا و804 حالة، منها 13 ألفا و938 عملية اعتقال تعسفي، ولفت إلى أن من تم إطلاق سراحهم يعانون من حالات نفسية وصحية سيئة، بسبب ما كانوا يتعرضون له من تعذيب وصل حد الموت للعديد من المعتقلين. بالتزامن مع خروج تقرير وزارة حقوق الإنسان اليمنية واليونسيف، جاء أيضًا تقرير لمنظمة هيومن رايتس ووتش الحقوقية، ليؤكد على أن الضربات الجوية التي ينفذها التحالف السعودي في اليمن وأدت إلى مقتل مئات المدنيين، قد ترتقي إلى مستوى جرائم حرب، داعية إلى وقف تسليح الرياض، وقال مدير قسم الشرق الأوسط وشمال إفريقيا في المنظمة، أحمد بن شمسي: لقد تم تشريد أكثر من 3 ملايين شخص في اليمن، وحوالي 80 بالمائة من السكان المحليين يعولون الآن على المساعدات الإنسانية، وأضاف بن شمسي، مستندًا إلى معطيات البرنامج العالمي للغذاء، أن اليمن يشهد حاليًا المستوى الأعلى عالميًا من سوء تغذية الأطفال، فيما يعاني كل شخص من أصل 5 في البلاد من نقص حاد في الطعام. وأشار إلى أن الوضع الإنساني في اليمن يزداد اضطرابًا، داعيًا جميع أطراف الأزمة إلى اتخاذ إجراءات عاجلة لتسويته، وشدد على أن الوضع يتحول إلى كارثة إنسانية عميقة، وقال بن شمسي: إننا بأنفسنا استطعنا توثيق 61 ضربة جوية نفذت من قبل التحالف وبطريقة غير قانونية، من الممكن أن يمثل بعضها حقًا جرائم حرب، وأضاف أن هذه الضربات أودت بحياة حوالي 900 شخص واستهدفت مناطق مدنية، بما في ذلك أسواق ومدارس ومستشفيات ومنازل شخصية، وتابع مشددًا: إن استهداف المواقع المدنية انتهاك مطلق لقوانين الحرب، وهو ما نتابعه بدقة في اليمن. من جانبها، قالت المديرة التنفيذية لبرنامج الأغذية العالمي التابع للأمم المتحدة، إرثارين كازين، أمس الاثنين، إن موظفي الإغاثة في سباق مع الزمن لمنع وقوع مجاعة تهدد الملايين في اليمن، وأضافت كازين: لدينا مخزون من الغذاء داخل اليمن اليوم يكفي لحوالي 3 أشهر فقط، وليس لدينا غذاء كاف لدعم الزيادة المطلوبة لضمان أن نتمكن من تفادي وقوع مجاعة هناك، وأكدت المسؤولة الأممية أن الوضع يتجه نحو الأسوأ، واستندت كازين، إلى التقارير السابقة الصادرة عن الأممالمتحدة والمنظمات الدولية الأخرى التي تفيد بأن هناك 10 محافظات في اليمن من أصل 22 محافظة وصل فيها الأمن الغذائي إلى حافة المجاعة، فيما دخلت محافظات الحديدة وتعز وصعدة مرحلة الخطر أو المجاعة المعلنة. في الوقت الذي يتزايد فيه الحديث عن المجاعات والأوضاع الإنسانية الكارثية في اليمن، تأتي التقارير التي توضح أن الدول التي تتباكى على حال الشعب اليمني هي نفسها التي تحتل المراكز الأولى في استيراد الأسلحة التي تقتل بها الشعب اليمني، حيث كشفت دراسة لمعهد ستوكهولم الدولي لأبحاث السلام، عن أهم مستوردي السلاح الأمريكي في منطقة الشرق الأوسط، لافتة إلى أن السعودية جاءت في المركز الأول بنسبة 13% من مجمل صادرات الولاياتالمتحدة للأسلحة، أي ما يعادل 6.5 مليارات دولار، وهو ما يشير إلى ارتفاع واردات السعودية من السلاح بنسبة 212 % مع دخول حرب اليمن عامها الثالث، فيما جاءت الإمارات، الحليف الأكبر للسعودية في حربها على اليمن، في المركز الثاني في قائمة المشترين للسلاح الأمريكي في الشرق الأوسط، حيث اشترت 8.72% من صادرات الأسلحة الأمريكية، بما قيمته 5 مليارات دولار.