أثارت الدعوة القضائية التي تقدم بها المحاميان أحمد محمود وأيمن عويان، أمام محكمة القضاء الإداري بمجلس الدولة؛ للمطالبة بإلزام مجلس النواب بتقديم قانون العدالة الانتقالية والمصالحة الوطنية طبقًا للدستور، حالة من الجدل، حيث اختصمت الدعوى 31851 لسنة 71 قضائية، كلًّا من رئيس الجمهورية، ورئيس مجلس النواب ورئيس مجلس الوزراء بصفتيهما. وذكرت الدعوى أن نص المادة 241 من الدستور تلزم مجلس النواب في أول دور انعقاد له بإصدار قانون للعدالة الانتقالية الذي يكفل كشف الحقيقة والمحاسبة، واقتراح أطر المصالحة الوطنية وتعويض الضحايا، وذلك وفقًا للمعايير الدولية، وأشارت الدعوى إلى أن عدم إصدار القانون حتى الآن نتج عنه ارتباك بالمجتمع، مما أثر على وحدته وتماسكه، فضلًا عن حالة الاستقطاب الحاد التي عاقت نقدم البلاد. قال صلاح عيسى، عضو مجلس النواب، في تصريحات خاصة ل«البديل»: المادة 241 تنظيمية وليست إلزامية لمجلس النواب، خاصة أن أجندة المجلس في دور الانعقاد الأول كانت مكتظة بأكثر من 320 قرارًا بقانون تم إصدارها قبل انتخابات مجلس النواب، ومن ثم تطلبت من الأعضاء وقتًا طويلًا لدراستها والموافقة عليها. وأضاف أن المجلس ينتظر انتهاء الحكومة من إرسال مشروعها، بالإضافة لمشروعات القوانين الأخرى التي يطرحها النواب من أجل دراستها ومناقشتها بدقة؛ لأن العدالة الانتقالية من القوانين المهمة التي تحتاج إلى عدم التسرع في إصدارها؛ لأنها تخص أزمات السبع سنوات الماضية. بينما ترى مارجريت عازر، عضو لجنة حقوق الإنسان بمجلس النواب، في تصريحاتها الخاصة ل«البديل»: لم تعد البلاد تمر بمرحلة انتقالية، بل نشهد استقرارًا بالمؤسسات كافة، مشيرة إلى أن البرلمان نجح خلال فترته الماضية في تشريع عدة قوانين تنخرط ضمن مفهوم العدالة الانتقالية، وأبرزها قوانين تعويضات شهداء الثورة وقوانين زيادة ميزانية التعليم. وأضافت أن الشعب لن يقبل بتلك الأصوات التي تطالب بقانون العدالة الانتقالية والمصالحة مع الإخوان، مشيرة إلى أن القضاء أعلن موفقه صراحة بتصنيف الإخوان جماعة إرهابية، ومن ثم لن تتصالح الدولة معهم الآن من أجل دماجهم في الحياة السياسية من جديد، بعد كل ما ارتكبوه من جرائم في حق الشعب. ويقول الدكتور شوقي السيد، أستاذ القانون الدستوري: محكمة القضاء الإداري ليست صاحبة الاختصاص في الفصل بهذه الدعوى المقدمة؛ لأن المجلس هو صاحب سلطة مستقلة في إصدار القوانين، وكل ما يقع على البرلمان من تأخر في إصدار قانون العدالة الانتقالية هو مسؤولية سياسية ومخالفة دستورية؛ لعدم التزامه بالمادة 241 من الدستور، التي ألزمته بإصدار قانون العدالة الانتقالية في دور الانعقاد الأول. وأضاف في تصريحاته ل«البديل» أنه يتوقع فشل هذه الدعوى المرفوعة ورفضها أمام القضاء الإداري، وأنها تأتي تحت دعاوى الشو الإعلامي، فليس هناك سابقة من رفع دعوى ضد مجلس النواب لتأخره في تشريع قانون؛ لأن القضاء غير مختص بإلزام البرلمان بإصدار تشريع معين تحقيقًا لمبدأ الفصل بين السلطات. من جانبه يرى عادل رمضان، المحامي بالمبادرة المصرية للحقوق الشخصية، أن الظرف السياسي لإصدار قانون العدالة الانتقالية لم يعد موجودًا من الأساس حتى ترفع دعوى قضائية ضد البرلمان لتأخره في تشريع القانون؛ لأن قوانين العدالة الانتقالية ليست اعتيادية، وكان الوقت المناسب لإصدارها في عهد الإخوان، لكن بسبب سياستهم الفاشلة لم تحقق ذلك. وأوضح في تصريحاته ل«البديل» أن قوانين العدالة الانتقالية تستهدف محاكمة كل المسؤولين عن الفترة السياسية التي سبقت اندلاع الثورة، في مرحلة الانتقال من سلطة إلى سلطة جديدة، لكن هذا لم يعد موجودًا الآن بعد محاكمة مبارك ورموز نظامه أما المحاكم طوال مدة السبع سنوات ماضية، ومن ثم حتى لو صدر قانون العدالة الانتقالية الآن فلا يجوز محاكمة مبارك بناء عليه؛ لأنه تمت مساءلته القانونية أكثر من مرة أمام القاضي، وفقًا لما أقرته قوانين حقوق الإنسان والقانون الدولي. وأشار إلى أنه غير منطقي تطبيق قانون العدالة الانتقالية على قيادات وزارة الداخلية ومحاكمتهم على سياسات التعذيب والانتهاكات، خاصة أن القيادات المسؤولة عن هذه السياسات التي اندلعت بسببها الثورة عادت من جديد الآن في مواقعها بالوزارة، وبالتالي فهم الخصم والحَكَم، مختتمًا بأنه يفضل عدم خروج قوانين جديدة في ظل تركيبة مجلس النواب الحالي المعادي للحريات والحقوق.