«انتحال صفة صحفي» تهمة تلاحق وتهدد أمن وسلامة «الصحفيين»، فإننا لسنا بصدد مغالطة منطقية فقط، وإنما تعارض بين الواقع والقوانين المنظمة له، وأن ثمة قصور وخلل في اعتراف القانون بالصحفيين.. بهذه المقدمة بدأ مرصد «صحفيون ضد التعذيب» الصادر أمس، تقريره عن المخاطر التي تواجه الصحفيين بمصر. وتنص المادة 65 من قانون 76 لسنة 1970 بشأن إنشاء نقابة الصحفيين على أنه «لا يجوز لأي فرد أن يعمل في الصحافة ما لم يكن اسمه مقيدًا في جدول النقابة، بعد حصوله على موافقة من الاتحاد الاشتراكي العربي». وتنص المادة 115 من القانون ذاته، على «مع عدم الإخلال بأي عقوبة أشد، يعاقب كل مَن يخالف أحكام المادتين 65، 103 بالحبس مدة لا تزيد على سنة، وبغرامة لا تتجاوز 300 جنيه، أو بإحدى هاتين العقوبتين، ويعاقب بنفس العقوبة كل شخص غير مقيد في جداول النقابة ينتحل لقب الصحفي، وتؤول حصيلة هذه الغرامات إلى صندوق المعاشات والإعانات في النقابة». ووفقًا لما سبق، فإن أي صحفي غير مقيد بإحدى جداول نقابة الصحفيين هو مُعرَّض لأن يُتهم بهذة التهمة، وأن تصدر بشأنه عقوبة سالبة للحرية أو عقوبة مادية، فيجب أن تتغير القوانين لتتناسب مع الواقع وتصحح تنظيمه. رئيس التحرير التنفيذي ل"البوابة نيوز" سابقًا رئيس التحرير التنفيذي لجريدة البوابة نيوز سابقًا محمد الباز، والصحفيان نضال ممدوح ومحمد حمدي أبو السعود، المحرران بالجريد ذاتها٬ أحيلوا إلى محكمة الجنايات المختصة بدائرة محكمة استئناف القاهرة، في القضية رقم 9836 لسنة 2016 جنح قصر النيل والمقيدة برقم 7 لسنة 2016 كلي جنح صحافة وسط القاهرة، والتهم «انتحال صفة» لعملهم بالصحافة دون القيد بجداول نقابة الصحفيين، وإهانة السلطة القضائية. وتعود أحداث القضية إلى مطلع مارس الماضي، عندما نشرت جريدة «البوابة» تقريرًا صحفيًّا لمؤتمر «الحماية القانونية لحرية الفكر والتعبير.. نحو مجتمع حر ومبدع» الذي أقامه المجلس الأعلى للثقافة والتابع لرئاسة الوزراء، وحضره كل من وزير الثقافة حلمي النمنم، ووزير الثقافة الأسبق جابر عصفور، وهو التقرير الذي اعتبرته النيابة إهانة لها. رئيس تحرير يساعد محررًا على «انتحال صفة صحفي» محمد سعد خطاب، الذي كان يعمل صحفيًّا بجريدة «صوت الأمة»، واجه الاتهام ذاته، في دعوتي 7889 7890 لسنة 2016 جنح الدقي، حيث اتهم خطاب بانتحال صفة صحفي، واشتغال بالمهنة دون أن يكون عضوًا في نقابة الصحفيين، بعد أن نشر موضوعًا بالجريدة عن رجل الأعمال علي المارودي ونجله. محكمة جنح الدقي برئاسة المستشار أحمد عبدالمجيد برأت محمد سعد خطاب من تهمة انتحال صفة صحفي، لكن الدعوة أيضًا اختصمت عبد الحليم قنديل، الذي واجه تهمة تسهيل ومساعدة خطاب في انتحال صفة صحفي، قبل أن يصدر حكم لصالحهما بالبراءة. براءة محررة في كفر الشيخ برأت محكمة الحامول الجزئية بكفر الشيخ برئاسة المستشار أيمن لبيب، الزميلة سمر عبد الرحمن، المحررة الصحفية بجريدة كفر الشيخ وشبكة أخبار مصر، من تهمة انتحال صفة صحفي. واتُهمت سمر في دعوى قضائية حملت رقم 11986 بانتحال صفة، قبل أن تحكم ببراءتها، وقالت في حيثياتها إن المحكمة اطمأنت إلى براءة المتهمة من تهمة انتحالها صفة صحفي وتأكدت من كيدية الاتهامات، حيث قدمت المذكورة عدة كارنيهات وإفادات تثبت أنها تمارس مهنة الصحافة بالفعل، وقدمت كارنيهًا لجريدتها تم التأكد من صحته يحمل اسم المجلس الأعلى للصحافة. مصور «التحرير» مصور جريدة التحرير أحمد رمضان، الذي ألقي القبض عليه أثناء تغطيته إحدى جلسات محاكمة قيادات الإخوان بأكاديمية الشرطة، واجه تهم «انتحال صفة صحفي والانتماء لجماعة الإخوان المحظورة»، قبل أن يطلق سراحه بعد احتجاز لم يدم أكثر من 24 ساعة. صحفية «البيان» رئيس مجلس إدارة جريدة البيان، نجيبة المحجوب، ورئيس التحرير إبراهيم عارف، والصحفية سارة علاء الدين، أحالهم النائب العام السابق في مايو 2015، إلى محكمة الجنايات، متهمًا الأولى والثالثة ب«نشر أخبار كاذبة من شأنها تكدير الأمن العام في البلاد»، و«مزاولة مهنة الصحافة دون أن تكونا مقيدتين بجداول نقابة الصحفيين»، ومتهمًا الأولى والثاني ب«ارتكاب جريمة تعيين وتشغيل أشخاص في أعمال صحفية من غير أعضاء نقابة الصحفيين»، والثاني بتهمة الإخلال بواجبات وظيفته وما تفرضه عليه أصول مهنته، بشأن الإشراف على ما تنشره الجريدة من أخبار. كما أهاب النائب العام في بيانه بنقابة الصحفيين «الاضطلاع بدورها المقرر قانونًا واتخاذ ما يلزم من إجراءات للحد من اشتغال غير الصحفيين النقابيين بمهنة الصحافة؛ حرصًا على آداب المهنة وتقاليدها، وتوعية الصحفيين بضرورة الالتزام بميثاق الشرف الصحفي». وكانت «البيان» قد نشرت تقريرًا قالت فيه: «إن ستة وكلاء نيابة قُتلوا في طريق صحراوي»، قبل أن تسارع بالاعتذار عن الخبر وحذفه من موقعها الإلكتروني. مراسل «المصري اليوم» في سيناء في سبتمبر 2013 واجه مراسل المصري اليوم، أحمد أبو دراع، الذي تمت محاكمته عسكريًّا، تهمة انتحال صفة صحفي، بحسب ما جاء على لسان المتحدث العسكري السابق، العقيد أحمد علي، الذي أوضح خلال مؤتمر صحفي للإعلان عن نتائج العمليات العسكرية بسيناء إن «أبو دراع يواجه تهم إشاعة أخبار كاذبة، حيث أدعى أن القوات المسلحة هدمت مساجد واستهدفت النساء والأطفال، كما أنه تواجد في مناطق عسكرية لا يسمح للمدنيين بالتواجد بها إلَّا بتصريح»، مؤكدًا أن سيناء بها مئات الصحفيين، والمدعو أبو دراع ليس عضوًا بنقابة الصحفيين وليس صحفيًّا، وإنما هو مراسل لإحدى الجرائد الخاصة. محرر «البوابة نيوز» فوجئ محمد خيري، المحرر الصحفي بجريدة البوابة نيوز، الذي كان يمارس المهنة منذ ثماني سنوات، بحكم غيابي صادر من محكمة جنح الدقي المنعقدة في 1 يناير 2017، بالحبس سنة وغرامة 30 ألف جنيه في القضية رقم 12926 لسنة 2016، والمقامة ضده من بهجت راضي، أحد قيادات حزب الوفد بالمنوفية، الذي يتهمه فيها بالتشهير وانتحال صفة صحفي. وأوضح خيري في حديثه لمرصد صحفيون ضد التعذيب، أن تفاصيل الواقعة تعود إلى خبر نُشر على الموقع في مايو الماضي، حول تقديم سكرتير مساعد حزب الوفد بالمنوفية شكوى ضد أحد قيادات الحزب بالمحافظة، إثر خلافات بين الطرفين، فيما لم يتطرق لتفاصيل الخلافات نفسها في الخبر، موضحًا أن القيادي بالحزب بهجت راضي أقام دعوى ضده عقب نشر الخبر، وتم تحريكها إلى أن صدر فيها حكم دون مثوله للتحقيق أو سماع أقواله، والمستشار القانوني بالجريدة تقدم بالمعارضة على الحكم وتواصل مع نقابة الصحفيين، التي طلبت منه خطابًا من الجريدة يفيد عمله بها للتصديق عليه وتقديمه من خلال المعارضة. حماية الصحفيين تبدأ باعتراف القانون وطالب التقرير في توصياته بسرعة إصدار قانون نقابة الصحفيين، بعد أن يتم إدراج الصحفيين الإلكترونيين ضمن نطاق عمل النقابة، بناءً على اعتراف قانون التنظيم المؤسسي الجديد بها، وفتح باب القيد بالنقابة للصحفيين الإلكترونيين عقب إصدار القانون بدون حد أقصى، لتستوعب العاملين بالصحافة الإلكترونية، وتعديل تعريف الصحفي بقانون النقابة؛ حتى يشمل كل ممارسي المهنة، حتى إن كانوا غير نقابيين. كما طالب بتعديل العوار القانوني الخاص بأن يمارس الصحفي المهنة قبل أن يقيد بجدول الصحفيين تحت التمرين، والذي يعرضه لخطر المساءلة القانونية، وتعديل شروط القيد بنقابة الصحفيين؛ حتى تستوعب المشكلات التي تواجه الصحفيين الخاصة بالتعيين والتأمين، وأن تعلن النقابة عن وجوب إرسال المؤسسات الإعلامية قوائم بالصحفيين المعينين وقوائم الصحفيين تحت التمرين؛ لكي تجبرهم على تعيين الصحفيين المتمرنين عقب انتهاء مدة التدريب؛ لضمان حق الصحفي وحمايته من الاستغلال، وحتى لا يتم التضييق عليه لكونه غير مقيد بالنقابة، وأن المؤسسات، التي ترفض ذلك يتم توقيع عقوبة عليها.