تواجه الحكومة البريطانية دعوى قضائية أمام المحكمة العليا في لندن ضد بيع الأسلحة إلى المملكة العربية السعودية، في حلقة جديدة من الضغط لوقف استمرار تورط المملكة المتحدة في الحرب الضارية التي تشنها السعودية ضد اليمن. وأقيمت الدعوى من قبل نشطاء الحملة المناهضة لتجارة الأسلحة، حيث يتهمون المملكة المتحدة بالمشاركة من خلال مبيعات أسلحتها المستمرة في الفظائع السعودية في اليمن. كانت المملكة المتحدة قد رخصت أكثر من 3.3 مليار جنية إسترليني من الأسلحة بما في ذلك طائرات مقاتلة وصواريخ وقنابل للقوات السعودية منذ بدء قصف اليمن في مارس 2015. وتأتي هذه القضية، التي بدأ نظرها أمس الثلاثاء، في الوقت الذي تسعى فيه حكومة تيريزا ماي لتعزيز صادرات الأسلحة من خلال صفقات تجارية ما بعد البريكست مع تركيا ودول الخليج. في الشهر الماضي، وافقت تيريزا ماي على صفقة معدات طائرات مقاتلة بقيمة 100مليون جنية استرليني مع تركيا. جاء ذلك في أعقاب تقارير من داوننغ ستريت تفيد بأن رئيسة الوزراء كانت تدفع من اجل اتفاقات تجارية بمليارات الجنيهات مع دول الخليج، بما فيها السعودية والبحرين. من المتوقع أن تكون لهذه الدعوى القضائية، التي ستشمل معلومات مقدمة من منظمة العفو الدولية وهيومن رايتس ووتش، انعكاسات كبيرة على الصادرات الدفاعية لأنها سوف تحدد مشروعية عمليات نقل الأسلحة الحكومية إلى السعودية. وقال أندرو سميث، المتحدث باسم الحملة، "على مدى ما يقرب من عامين حتى الآن، تواطأت المملكة المتحدة في تدمير السعودية لليمن. المقاتلات والقنابل البريطانية لعبت دورا محوريا في عمليات القصف، وساعد الدعم السياسي البريطاني على إضفاء الشرعية عليه". وأضاف: "نحن دائما يقال لنا أن المملكة المتحدة تدعم حرية التعبير والديمقراطية، إلا أنها باعت أسلحة بقيمة مليارات الجنيهات إلى واحدة من أكثر الأنظمة وحشية وقمعا في العالم لاستخدامها ضد واحدة من أفقر البلدان في المنطقة ". الأممالمتحدة ودعم أوروبي وشعبي للقضية: دعوى الحملة المناهضة لتجارة الأسلحة سوف تستشهد بعدد من المنظمات الدولية بما في ذلك لجنة من خبراء الأممالمتحدة والبرلمان الأوروبي، الذي أدان الهجمات السعودية المستمرة ضد اليمن باعتبارها غير قانونية. تسرد هذه الهيئات الدولية سلسلة من انتهاكات للقانون الإنساني الدولي، بما في ذلك أذى للمدنيين، تدمير البنية التحتية الأساسية والأضرار التي لحقت بالممتلكات الثقافية. وكشفت نتائج استطلاع رأي أجرته مؤسسة "ابينيوم" مؤخرا – عينة بلغت 2000 من البالغين – أن 62 % من البريطانيين يعارضون مبيعات الأسلحة إلى السعودية مقابل 11% فقط داعمين. ويشير نشطاء الحملة أن المملكة المتحدة ملزمة بوقف مبيعات الأسلحة للسعودية بموجب معاهدات الأسلحة العالمية والقانون الدولي في حالة استخدام الأسلحة لارتكاب جرائم حرب أو خرقا للقانون الإنساني الدولي. وأوضح جيمس لينش، رئيس مراقبة الأسلحة وحقوق الإنسان في منظمة العفو الدولية، أن الحكومة البريطانية رفضت بشكل متكرر وقف عمليات بيع الأسلحة، قائلا أن هناك تقارير واسعة النطاق وذات مصداقية تؤكد "انتهاكات جسيمة ومستمرة لقوات التحالف التي تقودها السعودية لحقوق الإنسان والقانون الإنساني الدولي، بما في ذلك جرائم حرب محتملة". وأضاف: "إنه لوضع محزن أن تضطر المنظمات غير الحكومية للذهاب إلى المحكمة في محاولة لإجبار الحكومة البريطانية أن تفعل الشيء الصحيح بالنسبة للشعب اليمني". المصلحة كالعادة: تأتي دعوة الحملة بعد عدد من المطالبات البرلمانية أيضا لوقف مبيعات الأسلحة للسعودية، لاسيما بعد أن أتضح للبرلمان أن وزارة الدفاع فشلت في تقديم احتجاجات إلى السعودية لاستبدال الذخائر العنقودية البريطانية الصنع بأسلحة أكثر دقة. كما تظهر ردود الوزراء في البرلمان أيضا أن المملكة المتحدة لم تتلق تأكيدات من السعودية أن الطائرات البريطانية الصنع لن يتم استخدامها لإسقاط الذخائر العنقودية. ورغم ذلك، تعلن الحكومة البريطانية أن جميع صادرات الأسلحة تخضع ل"معايير ترخيص صارمة" وأن كل صادرات الأسلحة تمتثل امتثالا تاما مع القانون الدولي والوطني. وفي هذا الصدد، قال أندرو سميث لموقع ميدل ايست اي: "عندما تم إثارة مسألة القنابل العنقودية لدى الرأي العام، نفت كل من الحكومة البريطانية والقوات السعودية استخدامها. وبعد ذلك اضطر النظام السعودي أن يقر بالحقيقة، ولكن الحكومة البريطانية تعتبر الأمر بيزنس كالمعتاد". وأضاف: "أي جيش يستخدم القنابل العنقودية هو ليس لديه مصلحة في التقليل من الخسائر في صفوف المدنيين. ومن المخزي أنه لم يتم إخبارنا إذا استخدمت طائرات البريطانية في ذلك. يجب إجراء تحقيق كامل." ميدل إيست آي