تعتزم دول قبرص واليونان وإيطاليا، بالإضافة إلى الكيان الصهيوني، مد خط أنابيب تحت الماء لنقل الغاز من حقل "ليفيثان" إلى مدينة "برينديزي" الإيطالية. وكتبت صحيفة "كاثيميريني" القبرصية، الأحد الماضي، أن مدراء وزارات الطاقة في الدول الأربع سيجتمعون في 23 يناير الجاري في مبنى المفوضية الأوروبية ببروكسل؛ لمناقشة خطة لبناء خط أنابيب تحت الماء لنقل الغاز بطول 2000 كيلومتر، والاجتماع بمثابة لقاء تحضيري من قبل وزراء الطاقة لاجتماعهم الشهر المقبل في إسرائيل. وأشارت الصحيفة القبرصية إلى أنه وفقا للبحث الفني الأولي، فإن إنشاء خط أنابيب ممكن من الناحية التقنية وقابل لأن يرى النور اقتصاديا. وأوضحت دراسات سابقة أن خط الأنابيب الذي سيجتاز قبرص واليونان قبل أن يصل إلى إيطاليا ستبلغ تكلفته حوالى 5 مليارات يورو، بما يعادل 5.5 مليار دولار، وهى أقل بكثير من التقديرات السابقة. وقال وزير الطاقة الإسرائيلي، يوفال شتاينتز: «عندما كنا نتحدث عن هذا المشروع في العام الماضي توقع الكثيرون أنه من غير الواقعي مناقشة هذا الأمر، لكن الولاياتالمتحدة أعلنت في الوقت الراهن أن المشروع يمكن تنفيذه». وأضاف وزير الطاقة الإسرائيلي أن خط الأنابيب إلى اليونان يجب أن يمر تحت المياه العميقة، وسيكون أطول اتصال تحت سطح البحر فى العالم، وأشار إلى أن الدراسة أفادت بأنه من الممكن القيام بذلك من الناحية الهندسية. ووفقا لموقع "غلوبيس" العبري، سيتم تشغيل خط الأنابيب من حقل "ليفياثان" الإسرائيلي عبر قبرص واليونان ليلتقي خط أنابيب (المشترك بين اليونان وإيطاليا)، والمنتهي في إيطاليا. وكانت وكالة "رويترز" ذكرت سابقا أن شركة "توتال" الفرنسية تستعد لبدء الحفر في الكتلة ال11 أم، من مقاطع حقل نفطي قبرصي، يقع بجوار حقل "ظهر" المصري للنفط، الذي يحوي أكبر احتياطيات للغاز الطبيعي في البحر الأبيض المتوسط، إذ تم اكتشافه في عام 2015. وتقع في المنطقة الاقتصادية القبرصية بشرق البحر المتوسط إحدى أكبر حقول الغاز المكتشفة في عام 2000، وهو حقل "أفروديت"، الذي يعتبر استمرارا ل"ليفياثان" الإسرائيلي، وفي عام 2015، أعلنت شركة النفط والغاز الإيطالية "إيني" عن اكتشاف حقل "ظهر" العملاق للغاز قبالة السواحل المصرية، بمساحة حوالي 100 كيلومتر مربع وحجم قد يصل إلى 850 مليار متر مكعب من الغاز الطبيعي. إسرائيل ومنافسة روسيا منافسة تل أبيب لموسكو في الاستحواذ على السوق الأوروبية مازالت محتدمة، فالكيان الصهيوني يعتمد على الكثير من الخطط البديلة لاختراق أوروبا، فكرة تصدير الغاز الإسرائيلي إلى تركيا لا تزال هي الأخرى على طاولة المفاوضات بعد أن أجرى الجانبان محادثات مطولة حول إنشاء خط الأنابيب، خاصة أن وزير الطاقة الصهيوني أكدّ أن مشروع الأنبوب البحري الجديد لن يكون بديلا عن تركيا مضيفا: أننا بحاجة على الأقل إلى اثنين من خطوط الأنابيب للانفتاح على أوروبا. عندما وقعت اتفاقية التسوية بين تركيا والكيان الصهيوني في نهاية يونيو 2016، تعززت آمال تل أبيب بأن تبدأ المفاوضات بين الجانبين لعقد اتفاق بين البلدين في نهاية العام المقبل لمد خط أنبوب للغاز من حقل ليفياثان الإسرائيلي عبر البحر المتوسط إلى تركيا. الاهتمام الشديد من جانب الكيان الصهيوني بتصدير الغاز إلى تركيا يرجع إلى عدة أسباب، أهمها أنه في حال توقيع صفقة ضخمة لبيع الغاز إلى تركيا، سيتمكن من تطوير حقل لفيتان الذي يحتاج إلى استثمارات ضخمة. والسبب الثاني للاهتمام الصهيوني، إمكانية تصدير الغاز الإسرائيلي عبر تركيا إلى أوروبا التي تعتمد على روسيا في تزويدها بما يقدر ب30% من احتياجاتها من الغاز الطبيعي الذي يصل إليها عبر أوكرانيا، وتريد تل أبيب أن تحل محل موسكو في توريد الغاز لأوروبا لكي يكون ذلك ورقة في صالحها. وتكمن خطورة المشروع الإسرائيلي البحري للغاز في الالتفاف على تركيا صعودًا إلى أوروبا؛ فروسيا التي تزود تركيا بنحو 60% من احتياجاتها من الغاز لن تسمح لإسرائيل من حيث المبدأ بانتزاع السوق التركي منها أو التوغل على حسابها إلى الأسواق الأوروبية، لكن أنبوب الغاز البحري لن يمر من تركيا هذه المرة، الأمر الذي سيحظى بقبول الدول الأوروبية، خاصة بعد أن استبعدت هذه الدول أنقرة من مفاوضات الانضمام للاتحاد الأوروبي، بالإضافة لعلاقة أوروبا المتدهورة مع موسكو. ففي ديسمبر الماضي، وافق الاتحاد الأوروبي على تمديد العقوبات الاقتصادية على روسيا، وبالتالي الأنبوب الإسرائيلي للغاز قد يلقى قبولًا لأوروبا الساعية للاستقلال عن سطوة الغاز الروسي عليها من جهة، وعن تحكم أنقرة في صنبور إمدادات الطاقة إلى جزء كبير من أوروبا من جهة أخرى، الأمر الذي سيفتح باب المفاضلة الأوروبي بين الغاز الروسي والغاز الإسرائيلي، خاصة أن المؤشرات توضح أن كلفة إنتاج الغاز الإسرائيلي ستكون مرتفعة مقارنة بكلفة الانتاج الروسية. ولا تقتصر محاولات الكيان الصهيوني باتجاه الغاز التي تستهدف موسكو إلى البعد الاقتصادي، لكن هناك بعدا سياسيا، حيث ذهبت صحيفة هآرتس العبرية إلى أن روسيا ستتخلى عن دعمها لإيران مقابل الغاز الإسرائيلي، وتراهن الصحيفة على أن الكرملين يضع أولوياته الاقتصادية والسياسية أهم بكثير من علاقته مع إيران، وهي أولويات ضمان موارد الطاقة الرئيسية، الأمر الذي يشير إلى أن تل أبيب تعتبر الغاز ورقة ضغط على روسيا. الجدير بالذكر أن موسكو تدعم توجهات إيران في الملف السوري، كما زودت طهران بمنظومة الدفاع الجوي إس-300، كما تتعزز روسيا من وجود حزب الله في سوريا لمحاربة الإرهاب، وهي الأمور الذي أغضب الجانب الإسرائيلي.