وصف المسؤولون الأتراك والروس اغتيال السفير الروسي لدى أنقرة، أندريه كارلوف، أثناء زيارته لمعرض فني في أنقرة، بالعمل الإرهابي. وقال الرئيس الروسي فلاديمير بوتين إن الحادث الاستفزازي لن يؤثر على الذوبان القائم في العلاقات الروسية التركية، والتي دخلت في أزمة واسعة العام الماضي، حيث إن الطرفين يختلفان بشأن الحرب الأهلية في سوريا. حاولت تركيا تغيير معاييرها بعدما بدأت الحكومة السورية في تحقيق الانتصارات بجانب الفصائل الكردية السورية التي لا تؤيدها أنقرة، وفي الآونة الأخيرة عملت تركيا بشكل وثيق مع روسيا لإيجاد حل خاص بالمدنيين المحاصريين في مدينة حلب. حذر محللون من مخاوف انهيار العلاقات الدبلوماسية بين البلدين، حيث قال مصطفى أكيول، كاتب تركي "هذه ليست سراييفو عام 1914″، مشيرًا إلى اغتيال هابسبورغ من القوميين الصرب، وهو الحدث الذي سبق الحرب العالمية الأولى، مضيفًا "بالنسبة لأنقرة وموسكو لن يشنا الحرب، بل على العكس تمامًا قد يتقاربان". لا يزال الرئيس التركي رجب طيب أردوغان يواجه ورطة جيوسياسية حرجة، حيث إن علاقته مع الغرب في أدنى مستوى لها، والعديد من الحكومات تدين حركته ضد المعارضين عقب محاولة الانقلاب في الصيف الماضي، وبالتالي ستكون تركيا مضطرة لتقديم التنازلات لروسيا بعد مقتل سفيرها. وفي هذا السياق قال هنري باركي، مدير برنامج الشرق الأوسط في معهد وودرو ويلسون في واشنطن "أتى هذا في أسوأ وقت بالنسبة لأردوغان، الذي تفاوض بعناية مع بوتين بشأن سوريا، وهو نفس الوقت الذي تتوتر فيه علاقته مع الولاياتالمتحدة وأوروبا، وكان يحتاج لإظهار بعض التقارب مع روسيا"، ويضيف "الآن يجد أردوغان أن يده مع الروس أضعف مما سبق، وبالطبع بوتين سيستغل هذا بقدر الإمكان، وأردوغان سيدفع الثمن". وفي بيان أرسله فريق الرئيس التركي لوسائل الإعلام، أكد أن تركياوروسيا ستواصلان تعزيز التعاون، خاصة في مكافحة الإرهاب الدولي في الأيام المقبلة. الوسائل التي ستستخدم لمكافحة الإرهاب ليست واضحة، ولكن فيما يخص سوريا من المقرر عقد قمة بين وزراء خارجية تركيا وإيران وروسيا بشأنها، وموافقة تركيا المشاركة في هذه القمة تعني أنها تراجعت، وسمحت لحلفاء الرئيس السوري بشار الأسد برسم مستقبل سوريا. ويؤكد سليم سازيك، الباحث في مؤسسة القرن، وهي مؤسسة بحثية مقرها في نيويورك أن "دور تركيا في سوريا قد انتهى". في الداخل حلفاء أردوغان يلقون اللوم على عدوهم اللدود فتح الله جولن، عالم الدين المقيم في الولاياتالمتحدة، والذي اتهمته أنقرة بالتدبير لمحاولة الانقلاب في يوليو الماضي، ويرى ساكاز أن تركيا ستخرج نفسها من مأزق مقتل السفير الروسي بإلقاء اللوم على أنصار جولن، كما فعلت في إسقاط الطائرة الروسية. ومن جانبه قال إيكان إردمير، زميل بارز في مؤسسة الدفاع عن الديمقراطيات بمركز أبحاث للمحافظين الجدد في واشنطن "من خلال نظريات المؤامرة، والإشارة بأصابع الاتهام إلى الغرب، قد نرى مزيدًا من التمحور التركي تجاه روسيا". ويضيف "أردوغان وحزب العدالة والتنمية غاضبان من الهجمات الروسية على المتمردين في سوريا، ولكن الرئيس التركي لديه حبل مشدود العصب ليسير عليه، حيث تحقيق التوازن بين غضب مؤيديه، ورأب الصدع مع روسيا وإيران". في الوقت نفسه كان مقتل السفير الروسي أحدث علامة على الأزمة الأمنية التي تجتاح تركيا، كما شهدت البلاد ارتفاعًا مقلقًا في الهجمات الإرهابية المرتبطة بالفصائل المتطرفة من الإرهابيين والانفصاليين الأكراد، وكلاهما تم تغذيته عن طريق الفوضى المتزايدة في سوريا. ويوضح إردمير "بشكل عام استراتيجية تركيا هي توجيه القضايا الأمنية المحلية قدر الإمكان تجاه المؤامرات العالمية، لأن الاعتراف بفشل الأمن الداخلي هو اعتراف بالحكم السيئ". واشنطن بوست