باتت مؤشرات الخلاف بين مصر والسعودية تتجه نحو الصعود، خاصة بعد زيارة أحمد الخطيب، مستشار العاهل السعودي، يوم الجمعة الماضية إلى العاصمة الإثيوبية أديس أبابا وزيارة سد النهضة، الأمر الذي اعتبر اسفزازا للإدارة المصرية، بما يحتم عليها التفكير في رد مناسب على تلك الخطوة التصعيدية. تحرك سعودي وصل مستشار العاهل السعودي بالديوان الملكي، أحمد الخطيب، يوم الجمعة الماضية إلى العاصمة الإثيوبية، أديس أبابا، لزيارة سد النهضة الإثيوبي والوقوف على إمكانية توليد الطاقة المتجددة من السد، وقالت مصادر رافقت المسؤول السعودي في زيارته، إن الخطيب، كان في استقباله مدير مشروع سد النهضة، سمنجاو بقلي، كما أنه أجرى مشاورات مع وزير الخارجية الإثيوبي ورقنه جبيهو. وأكد التليفزيون الإثيوبي الرسمي أن مستشار العاهل السعودي التقى، الجمعة الماضية، رئيس الوزراء الإثيوبي، هيلي ماريام ديسالين، وأنه جرى خلال اللقاء الاتفاق على تشكيل لجنة مشتركة للتعاون بين البلدين في مجال الطاقة. من جانبه، دعا ديسالين، السعودية إلى دعم مشروع سد النهضة ماديًا والاستثمار في إثيوبيا، وأكد رغبة بلاده في التعاون مع السعودية في مجالات الطاقة والطرق والكهرباء والزراعة، فضلًا عن التعاون في مجال السياحة، فيما قال الخطيب: إن السعودية وإثيوبيا لديهما إمكانات هائلة ستمكن البلدين من العمل معًا لتعزيز وتقوية العلاقات الاقتصادية والدبلوماسية بينهما، وأشار، خلال لقائه مع وزير الخارجية الإثيوبي، إلى أن المستثمرين السعوديين يرغبون في العمل بإثيوبيا في المجالات الاستثمارية المختلفة. توسيع دائرة الخلافات زيارة المسؤول السعودي رفيع المستوى إلى إثيوبيا تعتبر الثانية خلال أيام، حيث سبقتها زيارة قام بها وزير الزراعة، عبد الرحمن بن عبد المحسن الفضلي، الأسبوع الماضي، الأمر الذي أثار علامات استفهام متعددة حول توثيق السعودية لعلاقاتها مع إثيوبيا في هذا التوقيت بالتحديد الذي تتطور وتتصاعد فيه الخلافات المصرية السعودية، فهل تسعى المملكة إلى إثارة غضب القاهرة مجددًا باتخاذ المزيد من الإجراءات الاستفزازية، خاصة مع التخوفات المصرية من تأثيرات سد النهضة على حصتها من مياه النيل؟. يرى العديد من المراقبين أن التحركات السعودية في إثيوبيا تأتي في الوقت الذي تبحث فيه المملكة عن نقاط ضعف القاهرة لتضغط على القيادة المصرية، التي حاولت خلال الفترة الماضية الخروج من العباءة السعودية وانتهاج سياسة مستقلة بعيدا عن إملاءات المملكة، وهو ما لم تتحمله الرياض. بدأت الخلافات في الظهور خلال الأزمة السورية، حيث أظهر المسؤولون في القاهرة مؤخرًا دعمهم الضمني للنظام السوري بقيادة الرئيس بشار الأسد، وعمليات الجيش السوري الساعية لتحرير أراضيه من الجماعات والتنظيمات الإرهابية، وما جاء بعد ذلك من تصويت القاهرة لصالح مشروع روسي في مجلس الأمن لم يتماش مع استراتيجية السعودية في سوريا، كما كان لكلا البلدين موقف مختلف من إدارة الأزمة في اليمن، إضافة إلى أن قضية جزيرتي "تيران وصنافير" تركت أثرا على العلاقات بين قياديي البلدين. منذ ذلك الوقت بدأت التحركات والخطوات الاستفزازية تتصاعد بين الطرفين، وكانت البداية مع وقف شركة أرامكو النفطية السعودية، إمدادات النفط التي كانت ترسلها إلى مصر، وهو ما دفع القاهرة إلى البحث عن بدائل نفطية للمملكة، وكان في مقدمة الخيارات المصرية إيران والعراق، اللذان يملكان علاقات متوترة مع المملكة. خلال الفترة الأخيرة، حاولت السعودية توسيع دائرة أزمتها مع مصر، فعملت على ضم باقى الدول الخليجية إليها، وظهر ذلك جليًا في بيان مجلس التعاون الخليجي الذي انتقد بلهجة حادة اتهام مصر لقطر بتدريب وتمويل الأطراف الإرهابية المتورطة في عملية تفجير الكنيسة البطرسية في القاهرة الأسبوع الماضي، وتعتبر المرة الأولى التي ينتقد فيها بيان باسم دول الخليج مجتمعة مصر بهذه الحدة، وهو ما أرجعه مراقبون إلى إلحاح من قبل القيادة القطرية التي تحمل العديد من الضغائن تجاه مصر، وبدعم وإيعاز من المملكة مباشرة، وربما صياغه سعودية أيضًا. خيارات مصرية يبدو أن السعودية قد أخذت على عاتقها توسيع الخلافات بينها وبين مصر، الأمر الذي قد يدفع القيادة المصرية للتفكير في خيارات للرد على استفزازات المملكة المتكررة، ومن بين هذه الخيارات، تأتي إمكانية استخدام ملف اليمن كورقة مناورة مع السعودية الغارقة في المستنقع اليمني، مثلما يعتبر الملف السوري أيضا ورقة للضغط على السعودية. كذلك يمكن لمصر تشكيل تحالف جيوسياسي مع إيران، التي تُعد العدو اللدود للمملكة، تماما مثلما تلعب السعودية بالورقة الإثيوبية التي تهدد أمن مصر القومي، وهو أمر يسهل على مصر فعله، خاصة في الوقت الذي تميل فيه بالفعل إلى المعسكر السوري الروسي الإيراني. إضافة إلى ذلك، فقد شهدت الأسابيع الأخيرة تبادل تصريحات دبلوماسية بين كل من مصر وإيران، وخلال اليومين السابقين، التقى وزير الخارجية الإيراني محمد جواد ظريف، عددًا من السفراء الجدد المعتمدين لدى إيران من بينهم القائم بالأعمال المصري، ياسر عثمان، وجاء ذلك بالتزامن مع زيارة نائب محافظ البنك المركزى الإيراني أكبر كوميجاني، للقاهرة، الأربعاء الماضي، للمشاركة في منتدى الاستقرار المالي والإسلامي.