مازال التوتر هو سيد الموقف بين كل من مصر والمملكة العربية السعودية؛ الأمر الذي بدأ بقضية تيران وصنافير ورفض القضاء نقل السيادة على الجزيرتين الأخيرتين للرياض، وأعقب ذلك وقف إمدادات شركة أرامكو النفطية لمصر، ثم رفض الرياض لموقف القاهرة بمجلس الأمن إزاء الأوضاع في سوريا، وسط هذه الحالة السائدة كانت هناك سلسلة من الوقائع والأحداث شهدتها الأسابيع الماضية والتى قد تكون انعكاسًا أو سببًا فى هذا التوتر بين البلدين. أحدث هذه الوقائع الزيارة التي قام بها أحمد الخطيب مستشار العاهل السعودي الملك محمد بن سلمان لسد النهضة الإثيوبيي، وعرض أديس أبابا على المملكة دعم السد ماديًّا، وذلك وسط المخاوف المصرية من تأثير السد على حصة القاهرة السنوية من مياه النيل التي تبلغ 55.5 مليار متر مكعب. ووفقًا لتقارير عربية فإن "الخطيب قام بزيارة إلى سد النهضة الإثيوبي، وذلك في إطار تواجده حاليًا فى العاصمة أديس أبابا للوقوف على إمكانية توليد الطاقة المتجددة، وكان فى استقباله مدير المشروع سمنجاو بقلي". وذكر التليفزيون الإثيوبي الرسمي اليوم السبت أن "مستشار العاهل السعودي التقى أمس الجمعة رئيس الوزراء هيلي ماريام ديسالين، وجرى خلال اللقاء الاتفاق على تشكيل لجنة مشتركة للتعاون بين البلدين في مجال الطاقة"، كما دعا ديسالين السعودية إلى دعم المشروع ماديًّا والاستثمار في إثيوبيا؛ مؤكدًا رغبة بلاده في التعاون مع المملكة في مجالات الطاقة والطرق والكهرباء والزراعة، فضلًا عن التعاون في مجال السياحة. بدوره، قال الخطيب إن "السعودية وإثيوبيا لديهما إمكانات هائلة ستمكن البلدين من العمل معًا في تعزيز وتقوية العلاقات الاقتصادية والدبلوماسية بينهما"، وأجرى مشاورات مع وزير الخارجية ورقنه جبيهو، وتعد زيارة الخطيب لإثيوبيا الثانية لمسئولين سعوديين خلال أيام، حيث زارها الأسبوع الماضي وزير الزراعة عبد الرحمن بن عبد المحسن الفضلي، وفي 1948 بدأت العلاقات الدبلوماسية بين البلدين على مستوى القائم بالأعمال، وفي 1994 تم رفع درجة التمثيل الدبلوماسي إلى درجة سفير. زيارة مستشار الملك لإثيوبيا، جاءت بعد ساعات من تقارير عربية تتحدث عن زيارة للرئيس اليمني السابق علي عبد صالح لمصر مؤخرًا؛ موضحة أن "اليمني المخلوع والذي يتزعم القوات المعادية للملكة السعودية في حربها باليمن زار القاهرة سرًّا، وذلك رغم عقوبات الأممالمتحدة المفروضة عليه والتي من بينها عدم السفر". وكان العميد مراد العوبلي قائد اللواء 62 حرس جمهوري والمقرب من صالح، كتب على حسابه الإلكتروني بموقع "فيسبوك" أن "صالح سافر خارج اليمن، وعاد خلال الفترة القليلة الماضية"، مضيفا أن "صالح سافر إلى خارج اليمن ورجع بحمد الله خلال الفترة القليلة الماضية، ولا أريد أن يسألني أحد كيف ومتى وإلى أين؟". فى السياق نفسه، ظهرت أوائل هذا الشهر حلبة أخرى للتوتر بين المملكة ومصر، ففي ال4 من ديسمبر أكد وزير خارجية جيبوتي محمود علي يوسف ترحيب بلاده بوجود عسكري سعودي على أراضيها؛ موضحًا أنه "جرت زيارة استكشافية لقيادات عسكرية من المملكة لبعض المناطق الجيبوتية التي ستستضيف الوجود العسكري". وقال يوسف "نحن طبعًا وافقنا على ذلك مبدئيًّا، ونتوقع أنه في القريب العاجل سيتم التوقيع على هذه الاتفاقية"، حسبما نقلت عنه صحيفة الشرق الأوسط السعودية. ونقلت تقارير إعلامية عن مصادر دبلوماسية مصرية، قولها إن "القاهرة ترفض هذا الاتفاق بشكل كامل، على اعتبار أن تلك المناطق محسوبة على نفوذ دبلوماسي مصرى يقع في نطاق أمنها القومي، باعتباره عمقًا استراتيجيًّا مصريًّا في أقصى الجنوب". وأوضحت أن "هناك ريبة مصرية من التوجه السعودي والمغربي الموسع نحو تلك المنطقة، تحديدًا مع جولة ملك المغرب محمد السادس في عدد من الدول، وفي مقدمتها إثيوبيا، الشهر الماضي، وهو ما جاء مواكبًا لاتصالات سعودية مع جيبوتي لإقامة القاعدة العسكرية على أراضيها". ولفتت التقارير أيضًا إلى أن "القيادة السياسية المصرية تتفهّم التحرك السعودي، الذي يأتي لزيادة أوراق الضغط في إطار الصراع مع إيران، وتحديدًا في الحرب التي تقودها الرياض ضد الحوثيين في اليمن، نظرًا لما تتمتع به جيبوتي من موقع استراتيجي على البحر الأحمر عند خليج عدن". وتابعت قائلة إن "هذا التحرك يتعارض مع قواعد وأعراف متعارف عليها بين الدول العربية، وهى وقوع تلك المناطق في إطار النفوذ الدبلوماسي والاستراتيجي المصري لما لها من تأثير مباشر على قضية المياه وحوض النيل وممر قناة السويس".