تقرير – خالد عبد المنعم و طارق صبحي شهدت الساحة الإعلامية في مصر جدلًا واسعًا؛ نتيجة الربط بين التفجير الإرهابي الذي طال الكنسية البطرسية في العباسية الأحد الماضي، وفتح معبر رفح الحدودي مع الجانب الفلسطيني، وفيما أكد برلمانيون مصريون عدم وجود علاقة بين فتح معبر رفح وتفجير الكنيسة البطرسية، كاللواء عصام أبو المجد، عضو لجنة الدفاع والأمن القومي بالبرلمان، إلا أن برلمانيين آخرين ربطوا التفجير الإرهابي بفتح المعبر، كاللواء حمادة القسط، عضو لجنة الدفاع والأمن القومي بمجلس النواب، الذي قال إن الموضوع مرتبط بأمرين فتح معبر رفح وأحكام الإعدام على حبارة، وأضاف القسط: الأمر تكرر كثيرًا، كلما يتم فتح معبر رفح تحدث مصيبة في مصر. وفي هذا السياق قال الأمين العام للحزب الاشتراكي المصري، أحمد بهاء الدين شعبان، إنه لا يتوافق مع الآراء التي تربط بين فتح معبر رفح والاستهداف البشع الذي تم ضد الكنسية البطرسية في العباسية، فمعبر رفح مفتوح بصورة رسمية بين الطرفين المصري والفلسطيني، كما أنه من المعابر القليلة التي يستطيع الشعب الفلسطيني من خلالها تأمين الدواء والعلاج وزيارة الأهل والتعليم، مشددًا على أن إغلاقه لا يشكل حلًّا، حيث أكد أن إغلاق المعبر على خلفيات الحدث الإرهابي يضر بمصالح مصر الاستراتيجية والتاريخية فيما يتعلق بالحرية والاستقلال، فالحديث الذي دار في البرلمان من بعض الشخصيات بالربط بين فتح المعبر والجريمة البشعة التي استهدفت الكنيسة الأحد الماضي كلام غير علمي، لأنه حتى في فترة إغلاق المعبر لم تتوقف العمليات الإرهابية، وقد سبقت جريمة الأحد الماضي عشرات العمليات الإرهابية، كما أن الجماعات الإرهابية ليست بالسذاجة لتهرب المتفجرات من خلال معبر رسمي يخضع لتفتيش دقيق ومزود بالوسائل الحديثة؛ لتفحص كل ما يدخل ويخرج منه، ولفت شعبان إلى أن تهريب المتفجرات يمكن من خلال الأنفاق السرية، ولكن الدولة المصرية دمرت معظم هذه الأنفاق. وأضاف أن الربط بين التفجير الإرهابي وفتح معبر رفح يضر بالمصالح الوطنية المصرية التي تحتضن القضية الفلسطينية، وإذا كان هناك ملاحظات أمنية على أسماء وشخصيات فلسطينية، فلتُعلن بشكل رسمي للرأي العام المصري، شأنها شأن أي قضية أخرى تمس الأمن المصري، وتعرض على المحاكم المصرية؛ لتأخذ العدالة مجراها، ولكن الحديث عن إغلاق المعبر هو بمثابة عقاب جماعي للشعب الفلسطيني، ويضر بأمن مصر. من جهته تساءل القيادي في الجمعية الوطنية للتغيير أحمد دراج: هل من المعقول أن كل انفجار يحدث في القطر المصري سواء في الدلتا أو سيناء يكون مرتبطًا بفتح معبر رفح؟ بالعقل لا يمكن طبعًا، مؤكدًا أن التفكير بهذه الطريقة عقيم لا يفضي إلى حلول صحيحة، وإذا كانت المتفجرات تدخل من معبر رفح، فهذا يعني أن الأمن المصري على هذا المعبر لا يقوم بدوره، وبالتالي فالكلام عن ربط المعبر بالعمل الإرهابي غير منطقي، والحديث عن أن طرق دخول الإرهابيين ممهدة حتى الدلتا يحمل الكثير من المغالطات. وقال دراج إن التصريحات التي تدور حول دور فتح المعبر في العمليات الإرهابية ما هي إلا شماعة تعلق عليها المنظومة الأمنية فشلها الناتج عن قلة الاهتمام وعدم التدريب، لافتًا إلى أن مشكلة الإرهاب في مصر أبعد من فتح معبر رفح وسن قوانين للإرهاب، فالإرهابي الذي يعتزم تفجير نفسه لن يلتزم بأي قانون من حيث المبدأ. وأكد دراج أن التلويح بإغلاق معبر رفح بذريعة الإرهاب سيخنق الشعب الفلسطيني داخل غزة، وهذا معناه أن ربط المعبر بالإرهاب سيساعد الكيان الصهيوني على خنق الشعب الفلسطيني أكثر، وإسكات صوت فلسطين للأبد. وحذر من أن إغلاق المعبر قد يتسبب في عدم اكتراث الشعب الفلسطيني بالتنسيق مع الجانب المصري في أي عمل قد يهديد الأمن المصري من الجانب الفلسطيني. وختم دراج قوله بأن تفسيرات كهذه التي تربط بين فتح معبر رفح والعمليات الإرهابية التي طالت مصر مؤخرًا، تفسيرات لعقول تبنت فكرة المؤامرة في كل شيء وفي الصديق قبل العدو. وفي السياق ذاته قال الباحث في شؤون الجماعات الإسلامية، ماهر فرغلي، إنه لا يوجد ربط بين فتح معبر رفح والعمليات الإرهابية في مصر، لأن منفذ العملية الإرهابية التي طالت الكنسية البطرسية تابع لخلية إرهابية موجودة منذ زمن، كما أن اسم الإرهابي منفذ العلمية مدرج لدى السلطات الأمنية على ذمة القضايا الأمنية، وكلهم معروفون للأجهزة المصرية منذ فترات طويلة. ولفت إلى أن الإجراءات الأمنية على معبر رفح مشددة جدًّا، وأن الربط بين فتح المعبر والعمليات الإرهابية كلام مرسل، سواء كان من البرلمان أو جهات إعلامية، فهو غير صادر عن الحكومة المصرية، أضف إلى ذلك أن هناك تعاونًا وتنسيقًا أمنيًّا بين مصر وحماس حول المعبر، فحماس منذ فترة سلمت مصر قوائم أمنية، وأجرت اجتماعات سياسية وأمنية مع مصر في الآونة الأخيرة. وفي تعليقه على ما ينشره الإعلام المصري الموجه، قال الناشط الفلسطيني أسعد الصفطاي في تصريح ل"البديل": إن المصريين الذين يحاولون تسهيل طرق للفلسطينيين ومساعدتهم في محنتهم، هم من لا يمكن نسيانهم، ولا يوجد فلسطيني مر على مصر إلا وقابل الكثير ممن قدموا له المساعدة أو استضافوه أو عملوا معه. وأضاف أن هذه الثلة من الإعلاميين تعرف مدى أهمية معبر رفح بالنسبة للفلسطينيين، وحينما يعلقون على المعبر في هذا الوقت تحديدًا، ويثيرون القضية إعلاميًّا، فإنهم لا يحاولون إلا فضح نوايا تخصهم وحدهم. مؤكدًا أن معبر رفح بالتحديد يعرف من وطئت أقدامهم أرضه نصرةً لغزة وقضيتها العادلة، وعلى مر العقد الماضي توافد المئات من النشطاء والصحفيين والأطباء والوفود من كل أنحاء العالم لكسر حصار غزة، وحين تقترب غزة من ذلك، وتصبح على مسافة من فك الحصار وعبر الشقيقة مصر، يخرج من وسط كل هذا الحلم من يعكر صفو الأمر.