دائمًا ما يسبق دعم الولاياتالمتحدةالأمريكية للمملكة العربية السعودية ودول خليجية لإحدى صفقات السلاح حالة من البروباجندا الإعلامية، تبدأ بإظهار رغبة وهمية بعدم تزويد واشنطن للمملكة السعودية بالسلاح نظرًا لانتهاكات السعودية في عدوانها على اليمن، وبعدما تأخذ أمريكا اللقطة الإعلامية التي تروج لديمقراطيتها أمام الرأي العام، تقوم بعد فترة وجيزة بتزويد الرياض بما ترغب من السلاح. زيف الديمقراطية الغريب في التصريحات الأمريكية أنها تسعى إلى منع الأسلحة دقيقة التوجيه عن السعودية، بينما ستزود الرياض بالأسلحة التقليدية التي تعتبر الخطر الرئيسي في قتل المدنيين بصورة عشوائية؛ نظرًا لقلة كفاءتها، حيث قالت الولاياتالمتحدة إنها سوف تحد من مبيعات الأسلحة للسعودية؛ بسبب المخاوف بشأن قتلى من المدنيين في غارات التحالف الذي تقوده الرياض في اليمن، وأفاد مسؤول في البنتاغون بأن "الأسلحة الدقيقة التوجيه لن تسلم للسعودية"، كما عبر الرئيس الأمريكي باراك أوباما عن "قلقه" من الأخطاء الناتجة جراء الضربات الجوية في اليمن. وقال نيد برايز، المتحدث باسم مجلس الأمن القومي الأمريكي، إن "بلاده حذرت السعودية من أن التعاون الأمني الأمريكي ليس شيكًا على بياض". وأضاف أنه في الوقت الذي تلغي واشنطن بعض مبيعات الأسلحة للسعودية، ستواصل تزويد الرياض بالمعلومات الاستخباراتية التي تركز على الأمن على حدود البلاد. وأشار برايز إلى أن "الولاياتالمتحدة ستوفر تدريبًا للطيارين المشاركين في الضربات الجوية في اليمن؛ لتفادي سقوط ضحايا مدنيين". وبخصوص تزويد أمريكا للرياض بالأسلحة التقليدية والتي تقتل أيضًا، أردف برايز أن الولاياتالمتحدة ستمضي قدمًا في الكثير من العقود المبرمة بين البلدين، ومنها بيع طائرات هليكوبتر عسكرية تقدر قيمتها بثلاثة ملايين دولار أمريكي. ويبدو أن منع واشنطن بيع بعض الأسلحة للرياض ليس لانتهاكات الأخيرة الإنسانية في عدوانها على اليمن وإلا لما باعتها الأسلحة بجميع أنواعها، فجميع هذه الأسلحة مخصصة للقتل، سواء كانت ذكية أو غبية، ولكن يبدو أن أمريكا لا تريد للسعودية أن تمتلك أسلحة معينة ذات تكنولوجيا عالية، وفي نفس الوقت تستثمر هذا المنع بأسلوب يعطي انطباعًا بأنها داعمة للإنسانية والقيم الحضارية، خاصة أن واشنطن داعم رئيسي وشريك أساسي للسعودية في عدوانها على اليمن. ويبدو أن هناك اتفاقًا ضمنيًّا بين واشنطنوالرياض على تمرير هذه المسرحيات الهزلية على المجتمع الدولي، فاللواء أحمد عسيري، المتحدث باسم قوات التحالف، رفض التعليق على المنع الأمريكي للسلاح عن السعودية، وقال لوكالة الأنباء الفرنسية "لا نعلق على تصريحات مجهولة"، كما كشف الجنرال السعودي المتقاعد، أنور عشقي، والمقرب من البلاط الملكي السعودي، في حديث له لراديو "بي بي سي"، أن اتفاقًا بين واشنطنوالرياض حدث قبل أن تصدر أمريكا قرارها بمنع بعض الأسلحة كالعنقودية والانشطارية عن المملكة، وبرر ذلك بأن واشنطن من تدعم الرياض أصلًا في اليمن. الادعاءات الأمريكية السابقة لمنع السلاح مسلسل المنع الأمريكي لعدم بيع السلاح للسعودية ليس الأول من نوعه، ففي شهر سبتمبر الماضي مهد مجلس الشيوخ الأمريكي الطريق أمام صفقة لبيع دبابات وعتاد عسكري آخر بقيمة 1.15 مليار دولار للسعودية، في تأييد لحليف مقرب من الولاياتالمتحدة بالشرق الأوسط، بعد أن تواردت أنباء عن عدم رغبة واشنطن بالإضافة للكونجرس الأمريكي نفسه في إتمام الصفقة مع الرياض؛ نظرًا لانتهاكاتها في اليمن، وقتها صوت المجلس بأغلبية 71 صوتًا مقابل 27 ضد تشريع يهدف لعرقلة الصفقة، وأحبط التصويت بأغلبية ساحقة جهودًا قادها السناتور الجمهوري راند بول والسناتور الديمقراطي كريس ميرفي لعرقلة البيع؛ بسبب مخاوف من بينها دور السعودية في الصراع اليمني ومخاوف من أن تؤجج الصفقة سباق تسلح بالمنطقة. موافقة الكونجرس على إتمام الصفقة العسكرية مع الرياض جاءت بعد أن استمرت البروباجندا الأمريكية لشهور بتلويح واشنطن بعدم تزويد الرياض بالصفقة العسكرية؛ نظرًا لاعتبارات إنسانية، ولكن في نهاية المطاف تمت الصفقة. وتكرر المسلسل الأمريكي بعدم بيع الأسلحة لدول خليجية بدعاوى إنسانية، وبعد ذلك بفترات وجيزة قامت بإتمام هذه الصفقات المشبوهة، الأمر الذي يشير إلى أن مصالح أمريكا الاقتصادية فوق أي اعتبار إنساني أو أخلاقي، ففي نوفمبر الماضي وافقت الولاياتالمتحدة على بيع صفقة أسلحة كبيرة للكويت، وتراجعت عن منعها السابق بإمداد قطر بهذه الطائرات، حيث تستعد الولاياتالمتحدةالأمريكية حاليًّا لتمرير صفقة توريد مقاتلات حربية بقيمة 31 مليار دولار، بعد توقفها لمدة عامين لصالح الكويت وبعض الدول الخليجية، وكانت الإدارة الأمريكية الحالية قد تحفظت على السماح بتمرير تلك الصفقة إلى قطر، نظرًا لدورها المشبوه في العديد من صراعات المنطقة، إلا أنها وافقت فيما بعد، حيث قالت وكالة التعاون الأمني الدفاعي بالولاياتالمتحدة في بيان، إن وزارة الخارجية الأمريكية أبلغت الكونجرس باحتمال بيع طائرات من طراز إف-15كيو إيه إلى قطر مقابل 21.1 مليار دولار، وطائرات إف إيه-18 إلى الكويت مقابل 10.1 مليار دولار، الأمر الذي يثبت أن الولاياتالأمريكية متورطة في دعم الدول الخليجية التي تتهمها واشنطن نفسها بأنها المسؤولة عن الصراعات والانتهاكات في المنطقة العربية، وتدعم تحركاتها.