تولى العزيز بالله خلافة الدولة الفاطمية بعد وفاة والده المعز لدين الله الفاطمي، في عمر 21 عامًا، ليكون الخليفة السادس للدولة الفاطمية عامة، والثاني في مصر خاصة، وبقى على كرسي الحكم 21 عامًا. ولد العزيز بالله أبو منصور بمدينة المهدية بتونس سنة 344ه، وقام بالأمر بعد أبيه المعز الفاطمي في ربيع الآخر سنة 365ه، فشهدت الدولة الفاطمية في عهده أوج قوتها وأقصى اتساعها، فامتدت من المحيط الأطلسي غربًا إلى الخليج العربي شرقًا، ومن أقصى الشام شمالًا إلى بلاد النوبة واليمن جنوبًا، وفتحت له حمص وحمأة وشيزر، وخطب له أمير الموصل، وخاف من بأسه إمبراطور بيزنطة، فخطب ودَّه وهداه، وأطلق له أسرى المسلمين في بيزنطة، وخطب له بجامعها الذي بناه الأمويون هناك سنة 96ه، أي إن قوة الدولة الفاطمية وقتها قد فاق الدولة العباسية، بل إن العزيز فكر في افتتاح الأندلس، لكنه أعرض عن ذلك بسب قوة الدولة هناك وشدة بأسها. شيد العزيز بالله الفاطمي قصرًا آخر له بمصر، غربي القصر الكبير الذي أنشأه جوهر الصقلي لمولاه المعز لدين الله، وسمي بالقصر الغربي الصغير و يشغل مكانه الآن مستشفى قلاوون للرمد، وكان بين القصر الشرقي الكبير والقصر الغربي الصغير فضاء فسيح يقف فيه عشرة آلاف من العساكر يطلق عليه «ما بين القصرين»، كما كان يصل بين القصرين سرداب تحت الأرض حتى ينتقل الخليفة بين القصرين بعيدًا عن أعين الناس. كما أنشأ العزيز مكتبة القصر التي قيل إنها كانت تحوي 200 ألف كتاب ومجلد، في فروع العلم كافة، وفاقت غيرها من المكتبات في العالم الإسلامي. كما يرجع الفضل إلى الخليفة العزيز بالله في تحويل الجامع الأزهر إلى جامعة عندما بنى بجواره دارًا لجماعة الفقهاء، وعددهم 35 فقيهًا، كانوا يجتمعون فيه بعد صلاة الجمعة ويدرسون القرآن حتى صلاة العصر، ثم أجرى عليهم الأرزاق ليتفرغوا للدراسة، وشرح نصوص التشريع الشيعي للناس. وعين العزيز بالله يعقوب بن كلس وزيرًا، و من أهم أعماله، أنه أصلح نظام الضرائب فزادت نتيجة ذلك موارد البلاد المالية، واستخدمها العزيز بالله في إصلاح مرافق البلاد وبناء منشآت عظيمة؛ كالقصر الغربي وقاعة الذهب وقصور عين شمس والمسجد الذي بدأه وأتمه الحاكم بأمر الله وأسماه مسجد الحاكم. ولما توفى يعقوب عيَّن العزيز بدلًا منه النصراني عيسى بن نسطوروس، الذي لم ينل حب الشعب لمبالغته في إكرام أهل الذمة حتى إن امرأة كتبت للعزيز في مظلمة قائلة : «بالذي أعز النصارى بعيسي بن نسطورس واليهود بميشا وأذل المسلمين بهما لما كشف ظلامتي». فعزل العزيز عيسى، لكنه أعاده إلى منصبه بشفاعة ابنة الخليفة العزيز ست الملك. توفي الخليفة العزيز بالله سنة 996م/386ه، بعد أن حكم مصر 21 سنة وخمسة أشهر، وخلفه ابنه علي منصور الملقب بالحاكم بأمر الله.