حقق الجيش الليبي بقيادة اللواء خليفة حفتر، انتصارات في الفترة الأخيرة تعزز من فرض سيطرته على كامل ليبيا في المرحلة المقبلة، فقد حققت القوات الليبية في الأيام القليلة الماضية تقدما عسكريا في منطقة بنغازي، شرق ليبيا، الأمر الذي قد يغير الحسابات الدولية الخاصة بالمعادلة السياسية الليبية رغم إقرارها من المجتمع الدولي. وأعلنت قوات خليفة حفتر، أواخر الأسبوع الماضي، سيطرتها علي كامل منطقة القوارشة، غربي مدينة بنغازي (شرق)، التي تعد أهم المناطق التي كانت بعض الميلشيات الليبية تتحصن بها، وذلك بعد معارك طاحنة خاضتها ضد تنظيمي داعش وأنصار الشريعة، في حين أسفرت المعارك الطاحنة عن سقوط 21 قتيلاً في صفوف قوات الجيش مع إصابة أكثر من 50 جريحا آخرين، قبل أن تعود في اليومين الماضين، لإعلان سيطرتها على جزء مهم من منطقة قنفودة، غربي المدينة، مقتربة من إحكام سيطرتها على كامل المدينة. وكانت قوات حفتر في مدينة بنغازي، قد أطلقت في مايو 2014، عملية عسكرية واسعة تحت اسم "كرامة ليبيا" بهدف تطهير مدينة بنغازي خاصة، والبلاد بشكل عام من التنظيمات الإرهابية، ومنذ ذلك التاريخ، تحقق القوات الليبية تقدما بطيئا على كافة الجبهات، حيث استعادت شرق ليبيا بالكامل باستثناء مدينة درنة، إضافة إلى المحور الغربي لمدينة بنغازي، كما تمكن الجيش من السيطرة على جزء كبير من جنوب غرب البلاد، في انتظار تحرير مدينة طرابلس من الجماعات المسلحة الإرهابية. ورغم اعتراف المجتمع الدولي بداية من الأممالمتحدة والاتحاد الأوروبي باتفاق الصخيرات وحكومة الوفاق الليبية، التي لم تتم الموافقة عليها حتى الآن من البرلمان، إلا أن هذا التقدم جعل الغرب يشيد به، ففي بيان للاتحاد الأوروبي على لسان ناطقة باسم خدمة العمل الخارجي بالاتحاد، أشادت بانتصارات "الجيش الوطني الليبي"، وذلك في أول تعليق من الاتحاد يصف قوات حفتر صراحة ب"الجيش الوطني الليبي"، كما حمل بيان الاتحاد الأوروبي اعترافا آخر؛ بوصف الجماعات التي تقاتلها قوات حفتر، في بنغازي بأنها "إرهابية"، وذلك في فقرته التي قال فيها "يدعو الاتحاد الأوروبي جميع الليبيين للوحدة في الكفاح ضد الإرهاب"، مقدما تعازيه ل"ضحايا أفراد الجيش أو الليبيين الذين سقطوا وهم يكافحون ضد الإرهاب في بنغازي". ومن بين إعادة الحسابات الدولية أيضا، كان ترحيب الممثل الخاص للأمين العام للأمم المتحدة في ليبيا مارتن كوبلر، بما تحقق، إذ أشاد بتقدم "قوات الجيش الليبي في بنغازي"، وأكد كوبلر، أن "القضاء على الإرهاب لمصلحة جميع الليبيين"، وذلك من خلال تغريدتين على حسابه الشخصي على موقع التواصل الاجتماعي "تويتر"، كما سبق ذلك ترحيب صادر من قبل الولاياتالمتحدةالأمريكية على لسان المبعوث الأمريكي الخاص إلى ليبيا جوناثان وينر، الذي أشاد بما أسماها "تضحيات جنود الجيش الوطني الليبي في مكافحة الإرهاب في بنغازي". ويخوض الجيش الليبي المنبثق عن مجلس النواب بطبرق، ضد قوات تنظيم أنصار الشريعة وتحالف كتائب الثوار (قاتلت نظام معمر القذافي في 2011)، و"داعش" معارك مسلحة منذ أكثر من عام ونصف بالقوارشة، غرب بنغازي، فيما تصاعدت حدة المعارك في المنطقة قبل أيام. تلك التطورات على الأرض والتغيير في المواقف التي تحسب لصالح حفتر، وقواته علق عليها نعيم الغرياني، أستاذ العلوم السياسية في جامعة بنغازي، قائلا، إن "الغرب لا يعترف إلا بمبدأ القوة، وهو ما يفسر تغير التصريحات بشأن الجيش بعد أن اقترب من حسم المعركة لصالحه في بنغازي"، وتابع: "انتصار الجيش حاليا في بنغازي في ظل حظر السلاح الذي يفرضه المجتمع الدولي يحرج الغرب كثيرا، لذلك سارع بعض سياسييه في تبني تلك الانتصارات ومباركتها". واعتبر المتحدث باسم القوات المسلحة الليبية العقيد أحمد المسماري، عملية تحرير الضاحية بأنها "عملت على تقريب القوات المسلحة من حسم المعارك الجارية ضد الجماعات الإرهابية في بنغازي"، قائلًا: "سيتم قريبا إعلان تحرير كامل المنطقة الغربية من بنغازي، كون السيطرة على ضاحية القوارشة بالكامل إنجازًا كبيرا، في حين أن المنطقة كانت رمزا لتنظيم أنصار الشريعة، الذي يعتبر أكبر تنظيم إرهابي في المنطقة". ويرى مراقبون أن هذا التحول العسكرى الذي أحرزه الجيش الليبي بقيادة حفتر يعيد النظر في اتفاق الصخيرات الذي تم التوافق عليه برعاية الأممالمتحدة، وقد تتضمن المرحلة المقبلة بعض التعديلات بالاتفاق، وخاصة في المادة الثامنة في الاتفاق السياسي، والتي هي سبب الخلاف الحاصل بين رافضي الحوار السياسي والموافقين عليه، حيث تنص على نقل كافة الصلاحيات السيادية في الدولة إلى المجلس الرئاسي لحكومة الوفاق، بما فيها منصب القائد الأعلى للجيش الليبي، الذي يتولاه خليفة حفتر حاليا. وتفتح الانتصارات العسكرية التي يقودها حفتر شهيته على اقتناص أوراق رابحة في الحوار الليبي المقبل، حيث يرى قائد الجيش الليبي أنه لا بد من حصوله على ورقة رابحة خلال الجولة المقبلة من الحوار بعد فشل الحوار السابق، ولن يجد أفضل من ورقة معركة بنغازي؛ وبالتالي هو يسعى لإنهاء المعركة والسيطرة التامة على المدينة.