في الوقت الذي تستعد فيه منظمة الدول المصدرة للبترول «أوبك» للاجتماع في نهاية هذا الشهر، هناك انعكاس في الأدوار بين القوى ذات الأوزان الثقيلة بالمؤسسة المسؤولة عن النفط عالميًّا. السعودية وعدوها اللدود إيران من بين الدول التي ستناقش بنود اتفاق التوريد، والذي إذا تم استبعاده، ستكون المرة الأولى الخاصة بقطع الإنتاج منذ الأزمة المالية، ولكن يبدو أن الرياض على أعتابها. ويقول بعض محللي صناعة النفط: الموافقة على مناقشة مثل هذه الاستراتيجية تعكس التضخم والتراجع الذي تعيشه السعودية منذ نحو عامين، حيث تعاني بالفعل من هبوط أسعار النفط الذي خلق فوضى اقتصادية في الدولة الخليجية الأكبر، أما بالنسبة لإيران فالوضع مختلف؛ لأنها تجني ثمار رفع العقوبات على صناعتها النفطية. يوضح تقرير لمؤسسة وود ماكينزي أن الاقتصادات القوية بدأت تتعرى، وأن الاقتصاد السعودي يعاني حالة من الهشاشة، فرغم أن الرياض لها احتياطات مالية ضخمة، ومستوى الديون منخفض لديها، وهي أكبر دولة مصدرة للنفط في العالم، وأكبر الدول التي تعتمد على النفط في الشرق الأوسط، إلَّا أنها ستضطر لتحمل أشد تباطؤ اقتصادي كأكبر دولة منتجة للنفط في المنطقة على مدى السنوات المقبلة. سيتباطأ الناتج الإجمالي المحلي للملكة بنسبة 5% حتى عام 2020، مما يؤكد عمق التباطؤ، كما أن التقرير يحلل الاقتصادات العربية الأخرى مثل العراقوالكويت وقطر، وبعيدًا عن العرب إيران. من المرجح وبسبب انخفاض أسعار النفط، ووسط الاضطرابات بسبب تنظيم داعش الإرهابي، سيتباطأ الإنتاج في العراق بمعدل 2.7% حتى عام 2010، أما الكويت سيضعف اقتصادها بنسبة 3.1%-2.5% في نفس الفترة، أما الإمارات من المتوقع أن تواجه نفس معدل الأرقام بنسبة من 4.8% إلى 3.1%. أما إيران فهي الدولة الوحيدة التي ستقاوم هذا الاتجاه، وسيرتفع معدل نمو اقتصادها، بمعدل متوسط 4% حتى عام 2020، وفقًا لشركة الاستشارات، والآن يعوض ناتجها الإجمالي المحلي العقوبات الغربية التي فرضت على اقتصادها. تحملت السعودية أكبر انخفاض في عائدات النفط، مما كان نكسة على إيراداتها الحكومية، ومن الواضح أنه بات يستنزف احتياطاتها النقدية بوتيرة سريعة، وفي الوقت ذاته، فإن اعتماد إيران على النفط أقل بكثير من الدول الخليجية. تقع العملة السعودية الآن تحت ضغوط كبيرة من المضاربين الذين يراهنون على أن المملكة ستضطر لرفع سعر صرف الريال، وهو عملة مرتبطة بالدولار الأمريكي، في حين أن أسواق الأسهم المحلية تراجعت هذا العام، حيث يخشى المستثمرون من تقلص عائدات النفط، مما يدفع الاقتصاد إلى الركود. تحتاج السعودية إلى رفع سعر برميل النفط إلى 92 دولارًا، لموازنة ميزانيتاها هذا العام، وهو مؤشر صارخ على التحديات التي تواجه المملكة في بيئة أسعار النفط الحالية. فايننشال تايمز