بعد أن فشلت فى تحييد الجيش، واشنطن تقبل بالنظام الجديد، والمقابل الإفراج عن مرسى!! ألمانيا اتهمت حكم الإخوان بدعم الارهاب.. والموقف من مرسى تحكمه اعتبارات أخرى مخطط الإخوان والتنظيم الدولى.. ممارسة الضغوط والحصول على مكاسب سياسية قبل الخروج من التاريخ!! الجماعة تخوض حربها الأخيرة، الخلافات تدب، والتحالفات تنفض!! تماسك الجيش المصرى اذهل الجميع، والسيسى تحدى الضغوط الأمريكية.. ومصر ليست »سوريا«!! كانت البداية تصريحًا صادرًا من وزير الخارجية الألمانى، كان التصريح صادما للكثيرين، لقد طالب »فيدو فستر فيلى« بوضع حد للإجراءات التى تحد من حرية حركة الرئيس المعزول محمد مرسى، أى الإفراج عنه فورًا وطالب أىضا بتمكين مؤسسة حيادية على الفور من الوصول إلى الرئيس المعزول، ولتكن اللجنة الدولية للصليب الأحمر!! ساعات قليلة، بعدها أدلت المتحدثة باسم الخارجية الأمريكية بتصريح يؤكد ذات المعنى، قالت فيه »إن الولاياتالمتحدة تؤيد دعوة ألمانيا للمطالبة بالإفراج عن محمد مرسى وتعبر عن هذا المطلب »علنا«!!، لم يتوقف الأمر عند هذا الحد، بل إن واشنطن اعتبرت وزعمت أن الاعتقالات الأخيرة فى مصر ذات دوافع سياسية!! لم يأت الحديث مصادفة، فثمة اتفاق مشترك، سبق اطلاق هذه التصريحات، كل له أسبابه ودوافعه: ألمانيا ليست بغريبة عن الأحداث التى تشهدها مصر، لقد كانت طرفا فاعلا فى الفترة التى تلت أحداث ثورة 25 يناير 2011، كانت منظمة »كونراد« الألمانية تمارس على الأرض المصرية ذات الدور الذى كانت تمارسه أربع من كبريات منظمات المجتمع المدنى الأمريكية فى مصر، كانت تقوم بعملية تمويل العديد من النشطاء بغرض نشر الفوضى فى البلاد، وكان معهد »جوته« الألمانى بالقاهرة مقرًا لاجتماعات متتالية لعدد كبير من المحرضين على المظاهرات الفئوية التي تلت أحداث الثورة. ولذلك كانت »كونراد« واحدة من المنظمات التى صدرت أحكام من محكمة جنايات القاهرة بإدانتها فى ما سمى بقضية »التمويل الأجنبى الأخيرة«. كما أن ألمانيا من البلاد المعروفة بتغلغل نشاط الإخوان المسلمين السياسى والاقتصادى فيها، ويتواجد على أراضيها عدد من كبار رجالات الاقتصاد الإسلاميين والذين يتمتعون بعلاقات خاصة مع صناع القرار فى البلاد. لقد وصفت الحكومة الألمانية فى الوقت السابق نظام محمد مرسى بأنه نظام داعم للإرهاب، وانتقدت المستشارة الألمانية »ميركل« ممارسات هذا النظام الإخوانى أكثر من مرة، إلا أنها لم تجد غضاضة فى اطلاق تصريحها الأخير، بهدف ممارسة الضغط على الحكام الجدد في مصر، والذين جاءوا نتاج الثورة العظيمة التى شهدتها البلاد فى 30 يونيو الماضى. أما الموقف الأمريكى فقد جاء بعد مرحلة من التردد، حاولت فيها واشنطن الامساك بكافة الخيوط، بعد أن فشلت فى ارغام الجيش المصرى بالتزام سياسة الحياد بين الرئيس المعزول محمد مرسى والشعب المصرى الذى اكتظت به الشوارع المصرية، إنه موقف يتناقض مع أطروحات أمريكية سابقة، فالإدارة التى تطالب بالإفراج عن الرئيس المعزول محمد مرسى، هى ذاتها التى التزمت الصمت إزاء قرار النيابة العامة بتوقيف الرئيس المصرى السابق حسنى مبارك فى 28 نوفمبر 2011. أن الموقف الأمريكى جاء على خلفية ما تردده جماعة الإخوان من أن الرئيس المعزول موقوف بقرار من الجيش المصرى، وأنه لا توجد اتهامات فى مواجهته، ورغم أن ذلك غير حقيقى، إلا أن عدم الإعلان عن التحقيقات التى بدأتها النيابة العسكرية منذ الأيام الأولى ربما كانت سببا أساسيا وراء ذلك، كما أن الرئيس المعزول موقوف أىضا على ذمة النيابة العامة، وقد أكد المستشار عادل السعيد النائب العام المساعد والمتحدث الرسمى باسم النيابة العامة أول أمس السبت »أن النيابة العامة تباشر تحقيقات موسعة فى بلاغات تلقتها ضد محمد مرسى وعدد من قيادات حزب الحرية والعدالة ومكتب ارشاد جماعة الإخوان وعدد من المؤيدين لهم.. وأشارا لنائب العام المساعد إلى أن هؤلاء يخضعون للتحقيق فى بلاغات واتهامات تشير إلى ارتكاب هؤلاء الأشخاص لجرائم التخابر مع جهات أجنبية بقصد الإضرار بالمصلحة القومية للبلاد وجرائم قتل المتظاهرين السمليين والشروع في القتل والتحريض عليه واحراز الأسلحة والمتفجرات والاعتداء على الثكنات العسكرية والمساس بسلامة البلاد وأراضيها ووحدتها والحاق أضرار جسيمة بمركز البلاد الاقتصادى وذلك باستعمال القوة والارهاب. كانت تلك هى الأسباب التى وقفت وراء التحفظ على الرئيس المعزول فى مكان أمين، خاضع للنيابة العسكرىة باعتباره قائدا أعلى للقوات المسلحة، وهو فى نفس الوقت مهتم بالعديد من الاتهامات الخطيرة، ومنها مسئوليته عن حادث رفح الذى وقع فى الخامس من أغسطس من العام الماضى وأدى إلى استشهاد 16 جنديا مصريا، وكذلك اختطاف عدد من الجنود الآخرين فى شهر مايوم من العام الجارى. واذا كانت جهات التحقيق قد تأخرت فى إعلان العديد من تلك الاتهامات الموجهة للرئيس المعزول، مما أحدث هذا الارتباك، ودفع إلى صدور تلك البيانات، إلا أن إعلان النيابة العامة أنها بدأت التحقيق مع الرئىس المعزول وآخرين يضع حدا بكل تأكيد لمحاولات الابتزاز والمطالبات الأمريكية الألمانية!! الموقف هنا أصبح شبيها بحالة الشيخ عمر عبدالرحمن الذى يقبع فى أحد السجون الأمريكية بمقتضى حكم قضائى صدر فى وقت سابق، ولذلك عندما طالب مرسى فى بدايات حكمه الإدارة الأمريكية بالإفراج عنه، كان الرد الأمريكى قاسيًا! وخلال الساعات القليلة الماضىة أجرت القاهرة اتصالات مع الإدارتين الأمريكية والألمانية أوضحت فيها حقائق الموقف وأكدت أن الرئيس المعزول موقوف على ذمة القضاء المصرى، وأنه يعامل معاملة جيدة، وأن وجوده فى مكان أمين على ذمة النيابة العسكرية والنيابة العامة يأتى بغرض الحفاظ على حياته، وأن القاهرة حريصة على أن يلقى الرئيس المعزول وآخرون محاكمة عادلة.. وهكذا لم يكن أمام واشنطن من خيار، وهى بذلك لن تستطيع التدخل أو ممارسة الضغوط إلا فى حال تبرئة الرئيس المعزول، أما الآن فهو لا يزال خاضعًا للتحقيقات التى قد تؤدى إلى محاكمته أو تبرئته، ولذلك فهى تركز فى الوقت الراهن على ارسال وفد من الصليب الأحمر الدولى لزيارة الرئيس المعزول فى سجنه والاطمئنان على حسن معاملته!! أدرك الإخوان »المسلمون« أن التحرك الأمريكى جاء ذرًا للرماد في العيون بعد الفشل الذى منيت به السياسة الأمريكية، والضغوط التى مارستها على المؤسسة العسكرية خلال الأيام الماضية. لقد سعت الإدارة الأمريكية إلى محاولة ابعاد الجيش عن المشهد السياسى والصراع الذى شهدته البلاد مؤخرًا ورفض عزل محمد مرسى استجابة للإرادة الشعبية، إلا أن الفريق أول عبدالفتاح السيسى رفض المطلب الأمريكى بكل صلابة وعناد رغم التهديدات التى جرى إبلاغها إليه عبر وزير الدفاع الأمريكى »شاك هاجل« والتى تزايدت حدتها منذ التاسع والعشرين من يونيو الماضي، حتى وصلت إلى ثماني مكالمات، تحدث فى احداها عن طلب الإفراج عن الموقوفين من جماعة الإخوان. لقد كان رد الفريق أول السيسى واضحًا ومحددًا، لن نتدخل فى شئون القضاء أبدًا، وهناك بلاغات وأحكام صدرت توجب التحقيق مع الرئيس المعزول وعدد من قيادات الجماعة، والقضاء وحده صاحب الكلمة الفصل فى ذلك. كانت حملات التحريض والأكاذيب التى بدأها عصام الحداد لا تريد أن تتوقف، وكلها استعداء للخارج ضد الداخل، حتى بلغت ذروتها بمطالبات المرشد العام للجماعة وحزب الحرية والعدالة والحداد والبلتاجى وكلها طالبت القوات الدولية وحلف الناتو بالتدخل العسكرى ضد الجيش المصرى بهدف اعادة الرئيس المعزول إلى سلطة الحكم فى البلاد رغم عزله شعبيًا. كان الموقف الأمريكى حتى هذا الوقت يتأرجح بين رفض نتائج ثورة جماهيرية كاسحة أدت إلى اسقاط النظام ورئيسه، وبين محاولة اللعب بالألفاظ للتأكيد على أن واشنطن لا تعتبر صندوق الانتخابات هو الفيصل فى العملية الديمقراطية، وإنما الممارسة بالأساس، وهنا راحت تحمّل الرئيس المعزول مسئولية ما آلت إليه الأوضاع فى البلاد. كان ذلك هو موقف الإدارة الأمريكية حتى وقت قريب، إلا أن تصريحات صدرت من البيت الأبيض والخارجية الأمريكية بعد ذلك بدت أقرب إلي الاعتراف بالحكم الجديد، ورفضت مطالب بالقطع الفورى للمساعدات، وقررت الوفاء بالتعاقد الذى وقعته سابقا مع الحكومة المصرية بشأن صفقة طائرات ال»إف 16«، فقررت إرسال الدفعة الأخيرة من هذه الطائرات فى موعدها المحدد. وقد بدا الموقف الأمريكى أكثر وضوحا بضغط الكونجرس والبنتاجون خلال الأيام القليلة الماضية، حيث قالت »ساكى« المتحدث باسم الخارجية الامريكية ردًا على سؤال يقول »هل مازلتم تعتبرون الرئيس مرسى الرئيس الشرعى لمصر« بقولها » من الواضح أن الشعب المصرى قال كلمته ونحن تكلمنا عن ذلك، وأن هناك حكومة انتقالية تقود المسار نحو الديمقراطية، ونحن كلنا أمل وعلي اتصال بأطراف عدة، ولكن من الواضح أنه (أي مرسي) لم يعد في موقعه. وعندما سُئلت »ساكي« حول ما حدث في مصر، وعما إذا كان يشكل انقلابًا أدي للإطاحة برئيس »منتخب« قالت: »إنه الظرف الفريد الذي يخص مصر، وكيف أن 22 مليونًا تكلموا عن الطريقة التي كان يحكم بها، وهذا هو الظرف الفريد، وليس من حق الولاياتالمتحدة أن تصدر أحكامًا علي ما تقوله أصوات الشعب المصري، وأن ما تفعله هو تشجيعهم علي التحرك قدمًا إلي الديمقراطية«، وقالت: »كما قلت من قبل فإن الديمقراطية ليست فقط الحصول علي الأصوات أو صناديق الاقتراع وتولي المناصب، الديمقراطية تعني إدارة الحكم بطريقة لا إقصائية، ليشمل كل الأطراف وقد استمعتم ل22 مليونًا يقولون إن الوضع لم يكن هكذا«. ومن الواضح أن الموقف الأمريكي أزعج جماعة الإخوان التي كانت تراهن علي إعادة إنتاج سيناريو »الحرب في سوريا«، فراحت تجري الاتصالات بالإدارة الأمريكية وبعض الأطراف الغربية الأخري للإفراج عن الرئىس المعزول، ووقف حملات القبض علي العديد من أعضاء وكوادر الجماعة وحلفائها، وإجبار واشنطن علي الزام الإدارة المصرية بتحقيق مصالحة وطنية مع جماعة الإخوان تفضي إلي بقاء التنظيم وعدم حله، والتوقف عن ملاحقة قيادات الجماعة والافراج عن المحبوسين منها خاصة أعضاء مكتب الإرشاد. وبالرغم من أن الإدارة المصرية أبدت استعدادها للمصالحة وعدم الإقصاء لمن لم يتورط في أحداث العنف أو تهديد أمن البلاد وارتكاب جرائم تمس سيادة الدولة، إلا أن الجماعة راحت تدفع بحشودها إلي الشارع، وتعلن الحرب علي الجيش ومؤسسات الدولة المختلفة، ومن بينها الأحداث التي شهدتها منطقة مقر الحرس الجمهوري ويبدو أن خطة الإخوان المسلمين التي أقرها التنظيم الدولي للجماعة في اجتماعه المؤخر في اسطنبول، تهدف إلي التصعيد واستخدام كافة الآليات المشروعة وغير المشروعة في تهديد أمن البلاد واستنفار كافة عناصر هذا التنظيم في شتي أنحاء العالم لممارسة المزيد من الضغوط علي الإدارة المصرية والتحريض ضد الجيش المصري وقادته العسكريين. وقد وضعت الجماعة خطة محددة للمواجهة في الفترة القادمة تقوم بالإضافة إلي التظاهرات والاعتصامات والمواجهات علي: السعي إلي اختراق القيادات الوسيطة بالجيش المصري وتحريضها ضد قيادة الجيش بزعم انتهاكها للشرعية والانقلاب علي الدستور وعزل الرئيس »المنتخب«. محاولة تحريض الجنود داخل الوحدات العسكرية من خلال الدعاية المضادة ونشر الشائعات بينهم حول وجود انشقاقات داخل الجيش بغرض تحريضهم ضد قادتهم. مطالبة كافة كوادر الجماعة وحلفائها بالتأكيد علي أن الرئيس المعزول سوف يعود لممارسة مهام منصبه في أقرب وقت ممكن، وذلك بغرض رفع الروح المعنوية لعناصر الإخوان وحلفائهم بهدف استمرار المواجهة. البدء في أقرب وقت ممكن بمخطط محاصرة المنشآت الحيوية والاستراتيجية بهدف إحداث شلل فيها يدفع الرأي العام إلي التحرك لإيجاد حل للأزمة الراهنة. السعي إلي التشكيك في الإعلان الدستوري، ورفض اصدار دستور جديد للبلاد وتعطيل إجراء الانتخابات البرلمانية بغرض تحقيق مكاسب سياسية للجماعة، تجعل منها رقمًا مهمًا في العملية السياسية المقبلة في البلاد. شن حملة دعائية هدفها تشويه سمعة الفريق أول عبدالفتاح السيسي واتهامه بأنه يسعي إلي توريط الجيش المصري، وذلك بهدف إحداث الفرقة داخل المؤسسة العسكرية. السعي لشق التحالف المعادي لجماعة الإخوان وتقديم إغراءات كبيرة لكل من هم مستعدون للمشاركة في هذا المخطط خاصة أن نجاح ذلك من شأنه أن يضعف الروح المعنوية للمواطنين، ويجعلهم أكثر استعدادًا للقبول بخيارات الجماعة للخروج من لمأزق الراهن. توظيف رجال الدين وأئمة المساجد للتشكيك في شرعية ما جري ومحاولة التحريض ضد الجيش وكافة المؤسسات الأخري بهدف كسب قطاع كبير من الجمهور المحايد في كافة المناطق. تلك هي خطوط عريضة من خطة الدعاية المضادة والتحركات علي الأرض التي تتبناها الجماعة كسبيل لإجبار الإدارة المصرية علي الاستجابة لمطالبها، وهي كلها أمور لن تؤدي إلي النتيجة المرجوة لعدة أسباب: أن الجيش المصري عندما انحاز إلي مطلب الجماهير الشعبية إنما كان بغرض تحقيق مطالبها المشروعة وأهمها إجراء انتخابات رئاسية مبكرة بعد أن فقد الرئيس المعزول شرعيته. أن قيادة الجيش سلمت ومنذ اللحظة الأولي إدارة البلاد للشعب، حيث تولي رئيس المحكمة الدستورية العليا منصب رئيس الجمهورية المؤقت، وأصبح ملزمًا بتنفيذ خارطة الطريق التي جري الاتفاق عليها مع عدد من الرموز السياسية والشعبية. أن زي ارتداد عن المكاسب الشعبية التي جري تحقيقها يعني أن البلاد ستدخل أزمة خطيرة تؤدي إلي حرب أهلية بين الشعب المصري وجماعة الإخوان، وهو أمر من شأنه أن يفجر بركانا من الدماء في الشوارع والمناطق المختلفة، وأن الجيش لا يمكن أن يقبل بذلك. أن مراهنة الإخوان علي إحداث انشقاقات داخل الجيش هو رهان في غير موضعه، فالجيش المصري كتلة واحدة تلتف حول القائد العام، كما أن العقيدة الوطنية للجيش المصري تتصادم مع عقيدة وفكرة جماعة الإخوان المعادي للدولة الوطنية. أن الإخوان مهما ارتكبوا من جرائم عنف وإرهاب لن ينجحوا في تحقيق أغراضهم وأهدافهم، بل أنهم سيدفعون الثمن كاملاً وسيطاردون من جماهير الشعب المصري في كل مكان خاصة بعد تآكل رصيدهم وانكشاف مخططاتهم. لكل ذلك فإن مخطط الإخوان وخطط التنظيم الدولي لن تنجح أبدًا في العودة بعقارب الساعة إلي الوراء. تدرك القيادة الإخوانية تلك الحقائق، وتعرف أن تجربة الجزائر ارتدت علي جبهة الانقاذ وحلفائها، بعد أن سالت دماء كثيرة فانصرف الكثيرون عنهم، وتراجعت شعبيتهم، وفقدوا أية امكانية للاستمرار، ولذلك قرروا العودة بعد سنوات من الاقتتال والإرهاب الذي مورس ضد الشعب الجزائري وأوقع مئات الآلاف من القتلي. لذلك جري الاتفاق علي المضي في طريقين متوازيين للجماعة الإخوانية في مصر في ضوء الوضع الراهن في البلاد ومعطياته: ممارسة الضغوط في الشارع من خلال التظاهرات وتعطيل حركة المرور وحصار المنشآت لإجبار السلطة علي تحقيق مكاسب سياسية للجماعة. التفاوض سرًا مع الإدارة المصرية بقصد إيجاد مخرج للأزمة الراهنة والتعامل مع الواقع، والتوقف عن المطالبة بعودة مرسي للحكم مجددًا، مع التأكيد علي ضرورة الحصول علي ضمانات ببقاء تنظيم الجماعة والافراج عن القيادات الإخوانية وتحقيق المصالحة الوطنية في ضوء هذه الشروط وغيرها. أيا كان الأمر، فالجماعة تدرك أن الجيش والشعب ومؤسسات الدولة المختلفة لن تسمح أبدًا بالانقضاض علي مكتسبات الثورة وأهدافها، ولذلك يسعي الإخوان بكل ما يملكون إلي انتهاز الفرصة، قبل أن يداهمهم الوقت ويجدوا أنفسهم خارج التاريخ. التفاعلات داخل الجماعة تحدث نتائجها، والخلافات تزداد حدتها، والتحالفات تتساقط وتنفض الواحد تلو الآخر، ولذلك يدرك الإخوان قبل غيرهم أنهم خسروا المعركة .كاملاً، ولذلك يبحثون عن طريق يضمن لهم الخروج من النفق المظلم الذي دفعوا أنفسهم إليه.. فهل ينجحون؟!