تواصل الولاياتالمتحدةالأمريكية مخططها المشبوه للضغط على سوريا، عبر فرض المزيد من العقوبات التى بدأت عام 1979 في عهد الرئيس السوري الراحل حافظ الأسد، وتواصلت وتيرتها لاحقًا، بتفعيل ما يسمى ب"قانون قيصر"، مؤخرًا، ما يرفع عدد من طالتهم القوانين الأمريكية الجائرة خلال المدة المذكورة إلى 410 من المسئولين السوريين (سياسيين، وعسكريين، وأمنيين، ورجال أعمال) فضلاً عن 110 مصارف ومؤسسة حكومية تم إدراجها على القائمة السوداء للولايات المتحدةالأمريكية. وتطرح هذه التطورات الدرامية جملة تساؤلات حول قانون قيصر المشبوه؟ ولماذا قررت الإدارة الأمريكية تفعيله، حاليًا، ضد الحكومة السورية؟ وما الهدف الحقيقي لهذا القانون؟ ولماذا تستهدف أمريكاسوريا وبلدانًا عربية بالعقوبات دون أن تعامل إسرائيل وتركيا وقطر بالمثل رغم ضلوعها في دعم الإرهاب وارتكاب جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية؟ ينسب قانون قيصر الأمريكي ضد سوريا إلى منشق سوري، كان يعمل مصورًا عسكريًّا، وسط مزاعم عن التقاطه صورًا لمعتقلات سورية ثم قام بتهريبها لأقارب له في الخارج، قبل تهريبه بمساعدة المخابرات الأمريكية إلى خارج سوريا مع أفراد عائلته، إلى الولاياتالمتحدةالأمريكية التي منحته الجنسية، والترويج للصور التى زعمت الدوائر الأمريكية أنه التقطها، والتى اتخذتها لجنة التحقيق الأمريكية المكلفة ببحث جرائم الحرب في سوريا لإثبات وتوثيق ما تزعم أنه "جرائم يجب محاسبة مرتكبيها". ورغم أن هذه الملابسات تعيد التذكير بالأدلة المزيفة التى روجت لها واشنطن قبل غزو العراق، قبل أن تعترف بعد خراب العراق بأنه "معطياتها كانت خاطئة"، فقد بادر مشرعون أمريكيون بتقديم مشروع القانون عام 2016 بهدف فرض عقوبات على سوريا للضغط عليها من أجل التوصل لتسوية سلمية عبر التفاوض، ومحاسبة المسئولين عن انتهاك حقوق الإنسان، وبعد تردد "المصور" على لجنة التحقيقات الأمريكية والاستعانة بمنظمات مشبوهة (تتصدرها هيومان رايتس ووتش) جرى تمرير القانون من مجلس الشيوخ والنواب في ديسمبر 2019، رغم الأدلة المفبركة من قبل أجهزة الاستخبارات الأمريكية. وينص قانون قيصر على فرض عقوبات تشمل ثلاثة قطاعات رئيسية وهي النفط والغاز، وقطاع الطيران، وقطاع البناء والإعمار ثم استهداف المسئولين السوريين وتجميد ممتلكاتهم، في محاولة لتدمير ما تبقى من الاقتصاد السوري الذي يشهد محاولات مضنية من قبل الحكومة للنهوض به مجددًا، بعد نحو 10 سنوات من توظيف الميليشيات الإرهابية في استنزاف مؤسسات الدولة السورية، وغض الطرف عن التدخل التركي العسكري والتحالف الدولي في الشمال السوري. وينص القانون المشبوه على فرض عقوبات على الرئيس بشار الأسد وزوجته، وعلى المؤسسات الوطنية، وكل الدول الراغبة في مساندة الشعب السوري، مع إمكانية فرض أمريكا عقوبات على المستثمرين الأجانب أو الشركات المشاركة في حركة الإعمار وقطاع البناء والهندسة لمدة 10 سنوات وأيضًا في مجال الطاقة والنقل الجوي أو الدخول في معاملات مالية وتجارية مع الدولة السورية، ومراقبة السلطات الأمريكية لأعمال البنوك السورية واعتبار البنك المركزي السوري على القائمة السوداء لتبييض الأموال. وسيزيد القانون الأمريكي المشبوه من صعوبة الأحوال الاقتصادية والمعيشية للشعب السوري، ويؤخر حركة الإعمار التي كان سيقبل عليها الرئيس الأسد وذلك بسبب عدم تعرض الشركات الأجنبية للعقوبات الأمريكية، ناهيك عن صعوبة تعامل المؤسسات الحقوقية الدولية لمساعدة المهجرين، وفي وقت وصلت فيه معدلات الفقر إلى ما 85% بين السوريين، بالتزامن مع انهيار العملة المحلية (الليرة)، وزيادة نسبة البطالة وانهيار البنى التحتية، ووصول الخسائر المالية السورية إلى أكثر من نصف تريليون دولار وفقًا لآخر الدراسات المالية. ويرى محللون سياسيون أن القانون الأمريكي الجائر هدفه الانتقام من الشعب السوري والعمل على تجويعه وزيادة معاناته وإضعاف الجيش السوري وكامل مؤسسات الدولة السورية للوصول بالبلاد إلى التقسيم لصالح أمن ومستقبل دولة إسرائيل، بعد فشل التحالف الدولي بقيادة أمريكا تدمير المؤسسات السورية خلال السنوات العشر الماضية، كما يرى بعض المحللين أيضًا أن تلك العقوبات الأمريكية تهدف إلى زيادة الأزمة الاقتصادية في سوريا، وتهدف إلى تجريد الرئيس بشار الأسد من تحالفاته الدولية والإقليمية التي حافظت على استمرار وجوده ومحاولة عزل سوريا عن العالم على غرار ما يحدث لفنزويلا بأمريكا الجنوبية. يحدث هذا رغم تجاهل الإدارات الأمريكية للحقوق المشروعة للشعب الفلسطيني ولكل القوانين الدولية الصادرة من الأممالمتحدة ومجلس الأمن التى تعترف بحقوقه، مقابل الانحياز الأمريكي الأعمى لإسرائيل التى تواصل عمليات الاستيطان والقتل والتجويع للفلسطينيين، وسط تشجيع من واشنطن الداعمة لحكومات إسرائيلي، ناهيك عن منح أمريكا الجولان لإسرائيل ورضاها عن الضربات الجوية والصاروخية التي توجهها إسرائيل ليل نهار على المدن السورية، وغض الطرف عن جرائم الحرب التى ترتكبها تركيا في شمال سورياوالعراق وليبيا.