إنها تركيا التي منحت لنفسها تفويضا يخولها بأن تحكم المنطقة وتدير دفة الأمور في الدول العربية. ولهذا رأينا 'داوود أوغلو' وزير خارجيتها يصرح مؤخرا بأنه ينبغي عدم مشاركة نظام بشار في أي عملية انتقالية تجري في سوريا. ولا أدري بأي منطق يتحدث؟ ومن الذي منحه توكيلا ليرسم مسار دول المنطقة ويحدد مستقبلها؟! لقد ناقض" أوغلو" نفسه عندما قال إن تركيا هي أكثر دولة تبذل جهودا من أجل حل الأزمة السورية، فهل نسي أن تركيا هي التي أعانت علي تصعيد الوضع المأساوي في سوريا من خلال إيوائها المسلحين والمرتزقة وإرسالهم إلي سوريا عبر الحدود لشن حرب عصابات ضد الدولة في محاولة لإسقاط الشرعية عنها ؟ وهاهو اليوم يرتب أوراق القضية ليناقشها مع " جون كيري" وزير الخارجية الأمريكية الجديد وذلك خلال اللقاء المزمع له أن يتم الشهر القادم. ولاغرابة، فتركيا هي إحدي الدول الرئيسية في المنطقة التي أناطت بها أمريكا مهمة إسقاط الدولة السورية. ويظل الهدف محصورا في مناقشة الملف السوري، وهو الهدف الذي أخذت تركيا علي عاتقها تنفيذه بحرفية في سبيل استئصال الدولة. بيد أن " أوغلو"يغالط نفسه عندما يدعي أن مواقف تركيا تاريخية وترتكز علي الأخلاق ومراعاة الحقوق وأنها تنطلق من رغبتها في إحلال السلام في المنطقة. وأقول عن أي سلام يتحدث وتركيا هي التي أشعلت المواقف في سوريا باحتضانها للمسلحين الإرهابيين ودعمهم بكل الوسائل.؟ ثم أين هي الأخلاق ومراعاة الحقوق التي تنطلق منها تركيا ولقد رأينا كيف أن دورها في إشعال الحرائق في سوريا كان مدمرا أسقطت خلاله الأخلاق ونسفت كل القيم وداست علي الحقوق عندما منحت لنفسها تفويضا مفتوحا لتقويض دولة جارة وكانت بذلك رأس الحربة ضد دول المنطقة ؟ عار علي تركيا ماتقوم به، فلقد تمادت في غيها إلي الحد الذي خيل لها معه أنها تملك كل الصلاحيات التي تكفل لها رسم مستقبل الدول الأخري وتحديد مساراتها. لقد حشر "أوغلو" نفسه في موضوع سوريا وتحدث بلهجة استعلائية وكأنه الحاكم بأمره. ركب موجة القوي الخارجية التي تشكل خطرا علي سوريا وظهر كخادم للأجندة الأمريكية الصهيونية الرامية إلي تدمير قوة سوريا الاستراتيجية وتفتيتها. تجاوز الخطوط الحمراء وحشر نفسه عنوة في شأن لايخصه تماما كما فعل رئيسه "أردوغان". لقد لعبت تركيا دور الشيطان وكشفت بذلك النقاب عن حقيقتها بوصفها الأداة التي يستخدمها الغرب لتدمير وإبادة الدول العربية. ويكفي أنها فتحت حدودها لإرهابيي العالم لكي ينطلقوا من أراضيها نحو سوريا لينزلوا بها عمليات الإبادة وقتل أفراد الشعب السوري. تركيا وللأسف تقوم بعملية اختراق لدولنا في محاولة منها لاستعادة أمجاد الماضي علي أمل إحياء الدور القديم الذي كان لها لتصبح المنطقة تحت سلطان الأتراك تماما كما كان عليه الوضع أيام الامبراطورية العثمانية. غاب عن 'أوغلو' أن التاريخ لن يسمح بذلك نظرا للمتغيرات التي طرأت علي العالم. غير أن التاريخ سيسجل بالقطع الجريمة التي ترتكبها تركيا اليوم عندما ارتضت أن تلعب دورا خسيسا كرست من أجله أراضيها لإيواء المرتزقة وتدريبهم ومدهم بالمال والسلاح كي يكونوا أداة تدمير لسوريا الدولة الجارة.. لقد وقعت تركيا بذلك صك عمالتها للغرب وخضوعها للشيطان 'والله غالب علي أمره ولكن أكثر الناس لا يعلمون'.