لقد تربيت وكبرت علي أرض طيبة، كريمة وعفيفة.. تحب وتتحب تملأ المكان دائماً بالخير، كانت تملك لتعطي، ليس من صفاتها البخل، كانت دائماً تتزين بحب ناسها لها، ومن ميزاتها الكرم والعطاء. البعض كان يتحاكي ويحكي لها.. لماذا؟ لأنها تملك في يديها لما لها وغيرها. الأنظار عليها، تفعل وتعمل من خير ساد الحارة، الشارع والمدينة حتي عما الأرض كلها.. إنها بلدي مصر. لقد عايشت آلام المهمشين في مصر وعانيت معهم متاعبهم وآلامهم من الشرق إلي الغرب، والشمال إلي الجنوب، أناس باتوا علي وشك الانتهاء منذ العصور والأزمنة الماضية، ولم يتراءي لأحد أن يقف بجانبهم من الأنظمة الفائتة التي تشابعت وملئت بطونهم من لقمة العيش لهؤلاء المهمشين، لقد كانوا ضحية ومازالوا علي مر السنين.. إلا من القلة التي كانت تقف بجانبهم ومازالت. لقد مرضوا وماتوا دون أن ينظر إليهم أحد، وكانوا بمثابة مفقودين في الأرض. لقد كانوا صورة غير مرئية. صورة ليس لها أنظار تراها، وتعمل من أجلها. دائماً ما رأيتهم يعيشون علي أمل الغد، الذي يحمل لهم حياة كريمة تعويضاً عما رأوه في الماضي. ومازالوا ينادون وينبحون لحياة تسودها ولو لقمة العيش الكريمة، وحياة أمن وأمان. يناشدون هنا وهناك، لكن للأسف.. لا حياة لمن تنادي أو تسمع. أتي الآن زمن الأخوان المسلمين الذين ملكوا السلطة بإرادة هؤلاء وعما فعلوه معهم، علي أمل أن تستعيد لهم جزء من الحياة الكريمة السعيدة. الآن ما هو دور الأخوان تجاه هؤلاء المهمشين؟ الذين تباكوا ومازالوا يبكون ويشكون ويتألمون لحالهم. ولن ينصلح حال بلادنا، إلاّ إذا توجهنا إلي هؤلاء ورفعنا من شأن حياتهم ومستواهم المعيشي الضنك. ها قد وضحت الصورة لأصحاب السلطة والنفوذ. ماذا أنتم فاعلون بهؤلاء الفقراء؟ الأحياء.. الأموات، الذين ولدوا وتربوا علي أرض كنانة الله الكريمة الطيبة. يا أصحاب السلطة والنفوذ، إذا لم تهتموا، وتراعوا هؤلاء الفقراء.. المساكين.. الغلابة، لن ترقي وترتقي بلادنا. نعم. هؤلاء الفقراء هم الثروة الحقيقية لمصر، هم أهلها الضائعين الذين باتوا في حكم أموات.. أحياء. ومصر بها الكثير من الخيرات الطيبة التي لم تستغل لصالح هؤلاء وغيرهم أيضاً، لكن العزيمة في هؤلاء، يريدون من يأخذ بأيديهم ويشدهم إلي هذا الخير، وهذه البنية والانتاج والعمل. هؤلاء هم الأمن والأمان لهذا البلد الطيب. أتوجه بكل إحترام وتقدير إلي أصحاب السلطة والنفوذ، كما لو كنت أحدثكم يا أخوان يا مسلمين. أن تنظروا إلي هذا الرجل العظيم - رضي الله عنه - ورحمه عمر بن العزيز، عندما حكم، ولم يكن في حكمه فقيراً واحداً، حتي كاد بيت الزكاة حينذاك مملوءاً بالأموال. وكيف كان هذا الرجل الذي كانت سياسته حين حكم بعد عبدالملك بن مروان والوليد وسليمان، عمل علي ترشيد الإنفاق، والبعد عن الإسراف والتبذير، والبعد عن الشح، عمل علي إيجاد المناخ المناسب للتنمية والبنية، لقد حفظ الأمن والأمان في عهده، قضي علي الفتن ورد المظالم والحقوق لأصحابها، حتي توفرت ووجدت الطمأنينة والأمن بين أبناء عهده الفقراء والأغنياء. وما أن كان في عهده أيضاً فائض الميزانية لدولته الذي تأتي من العمل والانتاج، الذي كان ينادي به. ليتنا يا أصحاب السلطة والنفوذ نتعلم من هذا الرجل - رضي الله عنه - الذي باتت الأمة تبكي عليه ليلاً.. نهاراً.. ولسنوات، لأنه حكم فعّدل. السادة المحترمين أصحاب السلطة والنفوذ، ولو كنت أقصد الأخوان المسلمين بكل تقدير وإحترام. لأننا واحد نعيش علي أرض واحدة، نحن في ترابط إلي يوم الدين. أعملوا شيئاً لهؤلاء المهمشين، افتحوا قلوبكم بكل صدق وكرم وعزيمة لهؤلاء. البلد في احتياج لهؤلاء، سواعد الوطن، انقذوهم قبل أن تقوم ثورة الجياع 'واللعياذ بالله'. واعلموا أنها لو قامت هذه الثورة لم يوقفها أحد إلاّ الله 'سبحانه وتعالي'. لأن روحهم قد فاضت وفاض بهم الكيل. أنهم يتألمون يوماً بعد يوم. أنهم يبكون.. والله علي ما أقول شهيد. نريد مصر في مصاف بلاد العالم، بلدنا الحبيب كبير لا ينقصة شيء إلا العزيمة والإصرار، والأقوي من هذا وذاك هو الحب والمصالحة، بكل تأكيد سوف نري النور يدخل في قلوبنا وبيوتنا. وسوف تكون بلدي الحبيبة أجمل بلاد العالم، كما كانت عليه من قبل وسوف تظل. يا سادة حبوا وتحابوا، أكرموا تكرموا، أفرحوا تفرحوا حتي تفرح أبناء وطنكم والعالم معكم، حتي ينسي الآلام والأحزان التي أدت بنا إلي الوراء دون تقدم للأمام. حماك الله يا مصر بقلم: محمد شوارب