يقول التاريخ إن سقوط غرناطة بأيدي مملكة إسبانيا،سنة 1492 وما يسمي باكتشاف أمريكا، عندما وصل كولمبس إلي جزر بهاما. مقتفيا أثر قبائل الفايكينغ ومن ثم قيام آلاف الأوربيين، ممن ضاقت بهم الحياة، و من مجرمين ضاقت بهم سجون بلادهم، فتم التخلص منهم ومن عناء رعايتهم،بالطبع احتاجت أوربا أيضا أن ترسل مجموعات من الجنود للحماية وتجارًا وأساقفة وحرفيين، هؤلاء المجرمون والمهاجرون، وهذا ما يقوله التاريخ، حملوا معهم إلي الأرض الجديدة بالإضافة إلي أمراضهم النفسية و إجرامهم، أمراضا وفيروسات وتلوثًا لم تعهده تلك الأراضي ولم يعرفه السكان الأصليون.. فساعدت الأمراض في 'إستقلال' المهاجرين الجدد بالأرض الأمريكية، كما ساعدت في القضاء علي السكان الأصليين إلا قليلا.. فلم يكن لسكان أمريكا أي مناعة ضد أمراض أوربا العديدة. المستوطنون الجدد أقاموا مستوطنات في الجزء الشرقي من أمريكا الشماليّة ومن ضمنها مدن صغيرة مثل نيو يورك، وبوسطن وفلادلفيا. أطلق علي نيو يورك في البداية اسم نيو أمستردام نسبة إلي سكانها الأوائل الّذين كانوا من أصلٍ هولندي. الكثير من المهاجرين وصلوا إلي الولاياتالمتحدة علي أمل بداية حياة جديدة في العالم الجديد. ازداد عدد السكان واتسعت مناطق استيطانهم. وتطوّرت المدن الصغيرة لتصبح مدنًا كبيرة ومزدهرة.كما تقول ويكيبيديا.. إشتهر البدائيون المهاجرون بمهنة الرعي.. رعي الأغنام والأبقار.. وتقول ويكبيديا أيضا: اتسمت حياة راعي البقر بكثير من العمل الشاق فكان عليه أن يرعي الحيوان ويعتني به ويحرره إذا وقع في شرك الأسلاك الشائكة أو وحل في الطين أو الرمال اللينة. وكان عليه أن يعتني بالحيوان المريض أو الجريح أو عند الولادة. وكان رعاة البقر يواجهون مخاطر أخري كثيرة مثل الكسور أو الجروح من جراء الرفس أو الوقوع عن حصان جامح. ومنذ ذلك التاريخ.. وإلي يومنا هذا.. لم تتخل الثقافة الأمريكية عن أهم مكوناتها.. 'رعي الأبقار'.. فهي تبحث في كل مكان.. عن 'بقر' لتقوم برعيهم.. تقدم لهم المأكل والمشرب، وتعالجهم وتضعهم في محميات وتوفر لهم كل ما يلزم.. وفي المقابل.. تحلبهم.. وإذا ما جاعت، تذبحهم وتسلخ جلودهم.. والرعي يحتاج إلي مكونين رئيسيين: الراعي والبقر.. ولكل صفات يجب أن يتمتع بها.. فالراعي يجب أن يكون قويا.. قادرا علي دخول أي مجال واجتياح أي أرض بكل الوسائل، وله حق الاعتراض الفيتو، ويملك سطوة المال.. والمعلومات ويعرف توجهات الريح وطبيعة الأراضي وجغرافيتها وتاريخها.. وقادر علي إقناع هنودها الحمر 'سكانها الأصليين' بأن هدفه الرعي ليس إلا.. فإن عارضوا يعرف كيف يفاوضهم، فإن امتنعوا يعرف كيف يلوي ذراعهم، يجبرهم.. يقاتلهم.. يقتلهم.. يمسح تواجدهم، ويطمس أثرهم.. في لحظات.. ومن ثم يمتلك القدرة علي أن يظهرهم بعد ذلك بأنهم إرهابيون.. جهلة، لا حضارة لهم و لا تاريخ ولا حقوق.. أما الجانب الثاني من المعادلة، فهو 'البقرة'.. فالبقرة يجب أن تثبت أنها 'بقرة' سهلة الانقياد.. تمتلك غباءً فطريا، وضحالة وسطحية.. تري الأخضر فتظنه الكلأ.. فتأخذ بالخوار وتجري نحوه.. تري أي سائل.. سولار أو بنزين أو سم ناقع فتظن أنه الماء.. فتأخذ بالخوار، وتجري نحوه.. ثم إن علي البقرة أن تثبت 'قوتها وعنفها' في فنون الرفس والنطح والعناد.. وعليها أن تأكل مما يأمرها الراعي بأكله.. وأن تشرب ما يأمرها بشربه.. حتي تسمن، وتكبر.. ويظهر عليها رغد العيش وهناؤه.. ثم إن عليها أن تتقدم ليتم حلبها بشكل دوري.. دون اعتراض.. فلا 'بقرة' تعارض 'راعي البقر'.. وإلا فهي عدوة للإنسانية.. تقوم بتصرفات غير مبررة.. همجية.. وهي في النهاية 'بقرة' ربما أصيبت بجنون البقر.. ويجب إعدامها بموافقة كل القوانين والأعراف التي تقف دائما إلي جانب 'راعي البقر'.. راعي البقر.. اكتشف منذ مدة، مراعي خضراء.. مليئة بالكلأ، والغاز والبترول.. ومليئة بالسكان.. فوقع في حيرة.. لديه المرعي وليس لديه البقر.. فمن أين يأتي بالبقر، ليرعاهم في هذه المراعي الخصبة؟! وللبقر مواصفات كما اتفقنا.. فهل سيكتسب هذه المواصفات والصفات سكان المراعي.. حتي يتمكن راعي البقر.. من إتمام مهمته.. ويتفضل برعيهم؟! هل نتمني لهم التوفيق في إثبات جدارتهم؟! محمد يوسف الوحيدي صحفي و إعلامي عربي فلسطيني. [email protected]