إمعانًا في التأكيد علي ما قد يحل بالدول العربية من خلال الأجندة الصهيوأمريكية جرت تسريبات من إسرائيل تفيد بأن هناك تحركات في المنطقة تسعي لتفتيت المزيد من دولها، ولا شك بأن كل الدلائل والتحركات الغربية التي تدعمها للأسف دول عربية تسير نحو تجسيد هذا العمل الآثم علي أرض الواقع لكي تشيع الفوضي ويعم عدم الاستقرار ويجري الاجتراء علي الدولة ويسود التناحر الطائفي والمذهبي والأيديولوجي ويكشف عن وجهه القبيح ليدور النزاع في الداخل بين النظام ومعارضة يتم تسليحها وتمويلها من أجل اسقاط الدولة. أمريكا التي تقود المؤامرة اليوم بامتياز لم تأل جهدًا في متابعة تنفيذ المخطط الجهنمي ضد سوريا، فهي تعمل جاهدة علي اسقاط النظام وتدمير الدولة من خلال دعمها للمعارضة المسلحة بالمال والسلاح والدعم اللوجستي، ومن خلال التنسيق مع دول في المنطقة تتصدرها تركيا والسعودية وقطر. الغريب أن أمريكا الشيطان الأكبر حرصت مؤخرًا علي توجيه موعظة للمعارضة المسلحة في سوريا تطالبها فيها بعدم تفكيك كل الأجهزة الأمنية والحكومية في سوريا حتي لا ينتهي الأمر بها إلي الوضع لمأساوي الذي حلَّ بالعراق في أعقاب غزو أمريكا له في سنة 2003 وشروعها في حل جيشه واجتثاث البعثيين وترسيخ الطائفية العرقية الإثنية. أمريكا اليوم ترتدي مسوح الرهبان وتعظ المعارضة السورية بألاَّ تتزيد في حملاتها الهجومية ضد الدولة ومؤسساتها بشكل يؤدي إلي تدمير شامل للبنية التحتية، أمريكا التي أشعلت النيرات وعبأت المتمردين بروح السطو علي الدولة واسقاطها تحاول اليوم تجميل صورتها عندما تطالب المعارضة بأخذ الحذر وعدم التغول في عملية هدم الدولة واجتثاث مؤسساتها لأنه ستكون هناك حاجة لتلك المؤسسات في عملية انتقالية سياسية في المستقبل. أمريكا أوباما تعظ المعارضة بأن تتعلم من دروس الماضي وتنأي بنفسها عن الخطأ الذي وقعت فيه إدارة بوش عندما حلت الجيش وغيره من المؤسسات مما أدي إلي حدوث المزيد من الاضطرابات، وكأني بأمريكا تقول للمعارضة السورية فككوا الأجهزة الأمنية والحكومية التابعة للنظام الحاكم ولكن بقدر حتي لا تؤول العملية إلي ما آلت إليه في أرض الرافدين في أعقاب الاجتياح الأمريكي، حيث أدي حل الجيش وغيره من المؤسسات إلي زيادة الاضطرابات وأدي إلي إحداث فراغ في البلاد، ويقال إن من بين أسباب حذر إدارة أوباما اليوم حيال دعم المعارضة المسلحة في سوريا وجود أدلة حول صلات للقاعدة ببعض المجموعات المقاتلة ضد النظام أو بالأحري ضد الوطن. ويبدو أننا نعيش جميعًا اليوم كابوس التجزئة والتفتيت ولن تكون هناك دولة في المنطقة بمنأي عن هذه الأجندة الآثمة....