تطورات جديدة شهدتها الساحة السورية في أعقاب الهجوم الإرهابي الاجرامي البشع الذي وقع في 18 من الشهر الحالي واستهدف مبني الأمن القومي وراح ضحيته وزير الدفاع "داوود راجحه" ونائبه "آصف شوكت" ورئيس شعبة الأزمة العماد "حسن تركماني" ورئيس الاستخبارات "هشام بختيار"، كما أصيب فيه وزير الداخلية وعدد آخر من المسئولين الأمنين حيث كان عدد من الوزراء والمسئولين الأمنين يعقدون اجتماعا لما أسمته بعض المصادر خلية الأزمة. ولاشك أن الجريمة تمثل نقطة تحول ميدانية وسياسية في الأحداث التي تشهدها سوريا منذ مارس من العام الماضي لاسيما بعد أن انتقلت المواجهة إلي قلب دمشق وتم استهداف الرموز الأساسية في النظام، الأمر الذي يفرض تساؤلات اليوم حول المسار الذي تتجه إليه سوريا والمنطقة. لقد بدا للكثيرين أن ما يحدث في سوريا ليس ثورة علي غرار ما حدث في تونس ومصر وإنما هو قتل وتخريب وتدمير إنها مؤامرة لاخراج سوريا من معادلة الصراع مع إسرائيل تمهيدا لنزع شوكة حزب الله والقضاء علي النظام الإيراني، وأنه لا يمكن استبعاد التورط الأجنبي في عملية بهذه الخطورة والدقة بل وربما رأي الغرب أن هذا أفضل سبيل لاسقاط النظام عبر قطع الرءوس بما يرفر عليه القيام بعمل عسكري لا يمكن التنبؤ بتداعياته. لقد التزمت الدول العربية الصمت إزاء الهجوم الارهابي علي رموز الدولة ولم يكن هناك تنديد بالارهاب ولعل هناك من فرح بهذه الوليمة الارهابية نذكر علي سبيل المثال الغرب وتتصدره أمريكا بالاضافة إلي المسئولين في السعودية وقطر وتركيا إذ أن نجاح الهجوم هو نتاج لجهودهم الدءوب في تقديم الدعم اللوجستي والمال والسلاح لما يسمي بالمعارضة السورية وتحديدا للجيش السوري الحر، فكأنهم بهذه العملية قد حصدوا النتائج الإيجابية التي كانوا يسعون إلي تحقيقها نكاية في النظام السوري وكمقدمة لاستنزاف مقدرات الدولة علي طريق إنهائها. غير أن هذه التطورات الحادة في المشهد السوري في ظل محاولة اغتيال واضحة للنظام الأمني والعكسري والسياسي لم تحرف الدولة عن صمودها في مواجهة الارهاب فكان أن سارعت بتعيين وزير دفاع جديد هو العماد "فهد الفريج" وتعهدت بالاستمرار في بتر الارهاب وفي المقابل كان غريبا أن نري هذا العمل الإرهابي الأثم وقد أعطي دفعة تشجيع للغرب فجاهر بضرورة أن يكون هذا الهجوم الإرهابي بداية تؤذن برحيل النظام ومن ثم معالجة الموقف في ظل مرحلة انتقالية وكان طبيعيا أن الغرب لم يدن العملية الآثمة ضد مكتب الأمن القومي لأنه كان وراءها بأجهزته الاستخبارية ودعمه للمعارضة المسلحة في سوريا، ومن ثم فإن تنفيذها يأتي في إطار المخطط التآمري الذي تم نسجه لسوريا لاسقاط الدولة وتفكيكها بعد ذلك. لقد سارع "أردوغان" ونفي أي تورط لتركيا في هجوم دمشق ! ونتساءل: كيف وتركيا هي التي أمدت الجماعات المناهضة للنظام بالدعم اللوجستي وبالسلاح والمال؟ ويكفي أنها تاؤي علي أراضيها متمردي الجيش السوري الحر الذي تبني تنفيذ الهجوم الذي استهدف مبني الأمن القومي، فكيف يمكن لتركيا اليوم أن تغسل يديها من هذا العمل الإجرامي وهو نتاج لما قدمته من دعم نفذته الأدوات المأجورة المرتهنة لها ولأمريكا ولدول عربية ضلت الطريق وأبت إلا أن تضيق الحصار علي سوريا لكي تعجل بسقوط الدولة ولهذا سارع وزير الإعلام السوري فاتهم مخابرات قطر والسعودية وتركيا وإسرائيل بالمسئولية المباشرة عن التفجير الإرهابي. ويرد التساؤل: ما هو موقف هذه الدول فيما إذا انقلبت الآية وقامت سوريا بتمويل جماعات مسلحة للعمل ضدهم وفتحت حدودها أمامهم وقامت بتحريضهم للقيام بعمليات إرهابية داخل دولهم؟ إن كل الوقائع تؤكد بإن استهداف مبني الأمن القومي في دمشق هو مؤامرة لإيجاد الفوضي وإسقاط الدولة مؤامرة جمعت بين إسرائيل وأمريكا والغرب والسعودية وقطر وتركيا وقوي "14 آذار" في خندق واحد ضد سوريا. كان يتعين علي المجتمع الدولي إدانة هذا العمل الإرهابي ولكن هذا لم يحدث بل إن أمريكا وجدته فرصة لزيادة الضغط علي سوريا من أجل رحيل النظام، وكذا كان رد الفعل الغربي أما روسيا فلقد أدانته وحذرت من دعم الغرب للمعارضة، كما استخدمت الفيتو ضد قرار من مجلس الامن يدين سوريا ويضعها ضمن الفصل السابع، وكذا فعلت الصين عندما افشلت الدولتان تمرير قرار مجلس الامن الخميس الماضي وهو القرار الثالث الذي تستخدم الدولتان ضده الفيتو خلال تسعة اشهر. ولا شك ان استهداف مقر الامن القومي بالصورة التي جري بها يشكل العملية الاخطر من نوعها التي شهدتها سوريا منذ بداية الاحداث في مارس من العام الماضي، وجاءت لتؤكد بأن سوريا تشهد اليوم معركة حاسمة علينا الانتظار لنري نتائج هذا الحسم.