القرار 'الكارثي' بترحيل المتهمين بالتمويل، أماط اللثام من جديد عن المنظمات التي تسبح في بحر التمويل، وكشف حقيقة 'الإعلام المأجور' المتواطئ. فالمنظمات التي تعمل في ذات 'حقل التمويل' المفتوح علي البحري، أصابها الخرس، ولم تستنفر أدواتها، وأبواقها، كالعادة لتهاجم المسئولين عن السماح لهؤلاء العملاء بالسفر.. بل راحت تتغاضي عن هذه الطعنة المسمومة، للكرامة الوطنية، وكأن شيئًا لم يحدث علي أرض مصر. موقف كاشف، أفصح عن تلك الحقيقة الجازمة، التي يدركها الجميع، وهي أن مثل تلك المنظمات المأجورة، هي بمثابة الطابور الخامس المتربص بالوطن، والكامن في التربة المصرية، لينفذ جانبًا من سيناريوهات التدخل الأجنبي الصارخ في الشأن المصري الداخلي. وليس ببعيد عن ذلك، موقف الإعلام المشبوه، فالقنوات التي لا تترك شاردة، ولا واردة، دون صراخ وعويل، هذه القنوات أطبق عليها الصمت، ولاذت بصمت غريب، متعاملة مع الحدث، وكأنه مجرد خبر عادي، لا كونه مصيبة وطنية، أصابتنا جميعًا في كبريائنا.. هذا الموقف يبرهن علي الحقيقة الجازمة، وهي أن أمثال تلك القنوات، والأقلام الساقطة، لا تعمل لوجه الله، بل هي مجرد أدوات، تتربص بالوطن، وتوظف الأحداث حسب هوي السادة، القابعين في دوائر الشر، لتحقيق أهدافهم، ومبتغاهم، فإن تلاقي الحدث مع السيناريو المرسوم سلفًا، أعملوه بحثًا، وتمحيصًا، وأعادوه عشرات المرات، حتي يمل المشاهد من سماعه، أو متابعته: وإن تصادم مع ما يريدون، ويستهدفون، تغاضوا عنه، وأسقطوه من حساباتهم، وكأن شيئًا لم يحدث. تلك هي مهنيتهم، وحرفيتهم، التي يملئون بها الدنيا ضجيجًا، والتي سرعان ما تتكشف نواقصها، وتبرز عوراتها.. ولعل في تعاطيهم مع أزمة النائب 'مصطفي بكري' في قضية البرادعي التي أثيرت تحت قبة البرلمان، ما يسلط الضوء علي فقدانهم التام للقيم والأخلاق الصحفية، والممارسات الإعلامية السليمة. فحين تصدي النائب مصطفي بكري لما أسماه بتحريض د. محمد البرادعي للفوضويين وعملاء أمريكا، وأثار هذه القضية بقوة تحت قبة البرلمان، قامت الدنيا، ولم تقعد.. استل عدد من السياسيين والاعلاميين خناجرهم المسمومة، وراحوا يحتلون شاشات الفضائيات، ويسودون صفحات الصحف، منددين بما زعموه اتهام بكري للبرادعي بأنه 'خائن وعميل'. لم يدقق هؤلاء الذين تضم صفوفهم سياسيين، وإعلاميين، وصحفيين في حقيقة ما قاله بكري، لم يسع أي منهم لتحري الدقة، ومعرفة حقيقة ما قاله، بل انطلقوا في جوقة غريبة، ينددون بما استخدمه 'بكري' من ألفاظ، ويبنون عليه كل حساباتهم، ومواقفهم الغريبة، بل إن قناة ساويرس الملاكي أطلقت لمذيعتها 'ريم ماجد' أن تدعو علي الهواء المواطنين لإرسال برقيات استنكار إلي مجلس الشعب للمطالبة بالتحقيق مع 'بكري' بسبب اتهامه للبرادعي بالخيانة والعمالة، وسقط في نفس الهاوية اعلاميون كنا نظنهم كبارًا أمثال محمود سعد، وحسين عبدالغني ومحللون كنا ننتظر منهم الدقة أمثال عمرو حمزاوي. ولأن النائب 'مصطفي بكري' لا يقبل أبدًا استدراجه لمعركة لا يحدد هو وقتها، ومكانها، فقد آثر تجاهل الهجمات 'الفشنك' التي استهدفته، وحين جاء وقت الرد وقف في مجلس الشعب، وعلي مشهد من الناس كافة ليلقن مناوئيه جميعهم درسًا في أدبيات الأداء البرلماني الرفيع، وليكشف كذب وتضليل كل من زيف الحقائق من الصحفيين والإعلاميين. أثار ما قاله 'بكري' إعجاب وتقدير كل المصريين، الذين عبروا عن احترامهم لمنطقه، ثقتهم في أدائه، خاصة بعد أن ألجم خصومه، وأخرس أصواتهم.. وقد توقعت من الإعلاميين والسياسيين، الذين بنوا حساباتهم علي معلومات كاذبة، واتهامات مغلوطة، أن يتوبوا إلي رشدهم، وأن يعودوا لجادة الصواب، وأن يعترفوا بخطئهم، بل بخطيئتهم في حق النائب 'مصطفي بكري' بعد أن أثبت بالبراهين القاطعة كذب ما افتروا به عليه، لكن هؤلاء ظلوا يكابرون، غير مبالين بما اقترفوه من جرائم نكراء، ليكشفوا مجددًا أنهم مجرد أدوات وأقلام خاوية، تفتقد ما تبقي لها من مصداقية، ولعل ذلك هو ما جعل بعضهم يعترف علنًا، وتحت قبة البرلمان أن الناس يسبونهم ويعتدون عليهم في الشارع. لقد صدق أحد الزملاء حين قال لي: 'إن بعض النخبة.. من سياسيين، وإعلاميين، وممولين، عبارة عن حزمة واحدة.. تربط بينهم المصالح، والأهواء'!!