نعم الشعب يريد الاستقرار، لقد ضج الناس من الفوضي، تدهورت أحوالهم المعيشية، وأوضاعهم الاقتصادية، وتردت أحوالهم الأمنية، وأصبح الناس علي وشك الانفجار. لقد وقف الشعب المصري مدافعًا عن الثورة، خرج الملايين ليشاركوا فيها منذ اليوم الأول، قدموا مئات الشهداء وآلاف الجرحي، اسقطوا النظام بهدف تحقيق الحرية والعدالةالاجتماعية والكرامة. لم يخرج الناس إلي الشارع، لاستبدال نظام فاسد بفوضي عارمة، ولم يتصدوا للآلة القمعية من أجل تحقيق الانفلات الأمني الذي يكاد يهدد الاستقرار ويفتح الطريق أمام سيادة البلطجة، لكنهم ناضلوا من أجل الأمان والاستقرار ولقمة العيش الكريمة. مضت شهور عديدة علي انطلاق الثورة، تحققت خلالها إنجازات كبري، لكن هذه الانجازات أضحت جميعها مهددة بفعل المؤامرات التي تحاك ضد الثورة والثوار من قبل قوي خارجية وداخلية لا تريد لمصر أن تتقدم وأن تتصدر المشهد في عالمنا العربي. وهذه القوي لها أهدافها التي لا تخفي علي أحد، فأمريكا وإسرائيل يأتيان في مقدمتها، والغرب يشارك أيضًا ويدعم الساعين إلي تنفيذ مخطط شيوع الفوضي واسقاط الدولة، قدموا حتي الآن أكثر من مليار وسبعمائة مليون جنيه لتنفيذ المخطط، سعوا إلي تدريب الكوادر وعقد دورات تدريبية لهم علي الاعتصامات والحشد ومقاومة السلطات داخل الأراضي المصرية. لقد تكشفت خلال الأيام الماضية فصول من هذا السيناريو الذي جري إعداده بحرفية كبيرة، ولمسناه علي أرض الواقع في أحداث مسرح البالون وماسبيرو والسفارة الإسرائيلية وشارع محمد محمود وأخيرًا وليس آخرًا أمام مجلس الوزراء وشارع قصر العيني. لقد أكدت العديد من الشواهد أن البلاد تتعرض لمؤامرة كبري أعلنت عناصرها بشكل واضح وصريح أن الهدف هو تقسيم الجيش وتفتيته واسقاط مؤسسات الدولة وصولاً إلي اسقاط الدولة ذاتها وفتح الطريق أمام مخطط التقسيم علي أرض الواقع. إن الغريب في كل ذلك، هو هذا الدور المشبوه الذي تلعبه بعض الفضائيات ووسائل الإعلام المصرية والعربية والاجنبية علي السواء، حيث راحت تمارس التحريض، وبث المعلومات والشائعات الكاذبة، وبدت وكأنها تصب لصالح ذات المخطط. وبالرغم من أن الشواهد تعطي دلالة واضحة علي تورط عناصر بعينها من إعلاميين وحقوقيين ومرتزقة وسياسيين وبلطجية في هذه المؤامرة، إلا أن الجهات المعنية تزال صامتة، وكأنها لا تريد الكشف عن أسماء هذه الشخصيات وحقيقة الدور الذي تقوم به في إطار هذا المخطط. وإذا كان بعض مرشحي الرئاسة وبعض كبار السياسيين قد مضوا علي نفس الطريق في تحريض بعض العناصر علي الاستمرار في مخطط الفوضي، فهذا أمر لا يجب التسامح معه، بل يجب محاسبة كافة المتورطين بلا استثناء. لقد وصلت الأمور في البلاد إلي مرحلة خطيرة، وهناك معلومات جادة تتردد عن مخططات تآمرية هدفها اشعال النار في الخامس والعشرين من يناير المقبل، والبدء في مسلسل اغتيالات لعدد من الشخصيات الوطنية، بقصد إرهابها وإسكات صوتها، وهي كلها أمور يتوجب التصدي لها بكل حسم وكل قوة. وإذا كنا ندرك بالفعل أن كافة هذه المخططات سوف تتحطم علي صخرة الإرادة المصرية، فإننا في نفس الوقت لا يجب أن نتساهل مع من يتسببون في إثارة الفتنة وضرب الاقتصاد الوطني في البلاد. وإذا كنا نقر بالحق في النقد والمحاسبة لكل من يفرط في حق المصري أو يعتدي علي حريات الشعب المصري، فإننا نحذر في الوقت ذاته من خطر الإساءة لمؤسسات الدولة والسعي لإثارة الفتنة بداخلها وتحديدًا مؤسسات الجيش والشرطة والقضاء. إن المؤامرة علي الوطن، ليست كلامًا مرسلاً كما يحاول البعض التأكيد علي ذلك، بل هي مؤامرة جادة، أطرافها معروفة، وآلياتها مكشوفة، ولكن فقط نحن ننتظر الإعلان عن ذلك رسميًا، ومحاسبة كل المتورطين أمام الرأي العام. إن الشعب المصري الذي صبر طويلاً، لن يبقي هكذا وهو يشهد بأم عينيه قوي الشر وهي تتآمر علي أمنه واستقراره ولقمة عيشه، وكيانه الوطني، بل إن الحقيقة التي يجب أن يعرفها الجميع، أن الشعب إذا ما خرج هذه المرة فهو لن يترك العابثين والمتآمرين بل سيحاسبهم حسابًا عسيرًا، وسوف تتحول شوارع البلاد إلي برك من الدماء، ولن يفلت أحد من كل هؤلاء المتآمرين بعيدًا عن الحساب. إن الشعب المصري لن يفرط أبدًا في حريته، ولن يسمح لقوي الثورة المضادة بأن تقفز علي ثورته، بزعم أنها المعبرة عن الثورة، فهؤلاء فوضويون لا يريدون استقرارًا للوطن، ويسعون إلي ارهاب كل من يكشف مخططاتهم ويتصدي لمؤامراتهم التي حاكوها بمشاركة قوي الخارج وفلول النظام السابق في الداخل. إن للمصريين مطالبون جميعًا بالتصدي لهذا المخطط، وحراسة منشآتنا الحكومية والحيوية من الأيادي العابثة التي تريد حرق البلاد، ولا يجب أبدًا السماح للقلة المارقة بفرض إرادتها علي الشعب ومصادرة حريته وحقه في الاختيار، فهؤلاء الذين يتحدثون عن الديمقراطية، هم أبعد الناس عنها، لأنهم مجرد أدوات تنفذ أجندات محددة مقابل أموال كثيرة تتدفق إلي الجيوب بقصد هدم الوطن علي رؤوس الجميع ولصالح أمريكا وإسرائيل. هؤلاء الفوضويون لا يؤمنون بالوطن ولا بالقيم ولا بالحرية وحق الأغلبية، بل هم مجرد عصابات منظمة درب بعضها في الخارج بقصد عرقلة الثورة والدفع بالأبرياء في مواجهة مع مؤسسات الدولة وصولاً إلي مخطط الفوضي الهدامة. إن مصر تنادي أبناءها المخلصين في هذا الوقت تحديدًا بأن يتحركوا للتصدي لهذا المخطط الاجرامي ودحره وكشف أبعاده، والنضال بكل قوة من أجل اتمام الانتخابات وصولاً إلي تسليم الجيش السلطة إلي قيادة مدنية منتخبة في أواخر شهر يونيو المقبل. إن الذين يظنون ان الشعب المصري سيبقي علي صمته واهمون، ولا يعرفون هذا الشعب، ولا يدركون معدنه الأصيل الرافض دومًا لسياسة القهر والتآمر وبيع الأوطان لحساب الآخرين. إن المصريين أصحاب أول حضارة علي وجه الأرض، تصدوا من قبل لمئات المؤامرات ودحروها وقدموا مئات الآلاف من الشهداء دفاعًا عن وطنهم وماضيهم وحاضرهم ومستقبلهم، وهؤلاء هم علي استعداد لأن يدفعوا المزيد من الشهداء دفاعًا عن رسالتهم الخالدة وتاريخهم المجيد.