في سياق متصل لقيت الصورة المفبركة رواجاً علي ميدل إيست ونيويورك تايمز تحت عنوان: النيويورك تنشر فضيحة سحل وتعرية أفراد الجيش المصري لفتاة أثناء فض اعتصام مجلس الوزراء. وكان السؤال الأبرز: لماذا تلجأ تلك بعض الصفحات علي الفيس بوك وتويتر إلي نشر تلك الصورة بينما يوجد فيديو حي للواقعة التي تظهر جنديًا وهو يغطي جسد الفتاة بعد سقوطها علي الأرض وعلي المنوال نفسه دعا الدكتور محمد البرادعي في صفحته علي تويتر إلي التنديد بالواقعة والصورة المفبركة معلقاً في إشارة إلي الصورة المفبركة بقوله: هل رأيتم صور الشرطة العسكرية وهي تسحل الفتيات وتعريهم من ملابسهم؟ واستكمل ألا تخجلون دعوني أذكركم. ويقول عادل عبدالصادق الخبير بمركز الأهرام الاستراتيجي إن استخدام اللقطات والفيديوهات المفبركة علي المواقع الإلكترونية ليست المرة الأولي ولن تكون الأخيرة وذلك يتم باستخدام بعض برامج الفوتوشوب ومالتي ميديا لاختلاق وإعادة تركيب وإدخال أصوات وغيرها من الأساليب علي تلك المواد وهو ما يكشف عن نية وتوجه من يقوم بتلك الأعمال. وتنفيذها إعادة نشرها وبثها بهدف التأثير في تأجيج الرأي العام وتضليله وتبني وجهة نظره. أما عن واقعة القبض علي الفتاة فهي حقيقية ولكن تم تضخيم الواقعة واستخدام مفردات لا تعبر عن الواقعة مثل مفردة السحل أو التحرش أو فضيحة وهو أمر معتاد في استخدامات الفيديوهات التي تنشر علي المواقع الإلكترونية وينتجها الشخص أو الجهة التي تروج لهدف معين.. فإنه عندما يتم الاستناد إلي صورة ما أو مقطع فيديو لا يتم اتخاذه بالصورة كدليل إثبات إلا إذا كان هناك إذن من النيابة العامة أو من قام به صحفي مهني أو جهة مستقلة لا تعبر عن أي اتجاه أو تيار. وطالب عبدالصادق بأن تتحري المواقع والصحف والفضائيات الدقة في المواد التي يتم بثها أو نشرها علي المواقع الاجتماعية والبحث عن كونها ما إذا كانت تعبر عن هدف والغرض من نشرها. وماتزال هناك أيادٍ خفية تشعل الحرب النفسية بنشر المعلومات المضللة لإحداث البلبلة بين الشعب والجيش تارة وبين الشرطة والشعب تارة أخري.. من خلال تأجيج الرأي العام. حيث نشرت صفحة شباب 6 أبريل صورًا مفبركة لأحداث مجلس الوزراء تُظهر جنودًا من الجيش يعتدون علي سيدة محجبة وعددًا من الشباب يقومون بسحلهم بينما حقيقة الصورة تعود إلي أحداث إضرابات في المغرب، الأمر الذي يؤكد أن الصورة مفبركة لوجود عبارة علي درع أحد الجنود تقول 'فيصل القوات المساعدة' بينما الجميع يعلم أن قوات الشرطة والجيش المصري لا توجد بهما قوات من هذا النوع. وجاءت تعليقات أعضاء من الفيس بوك علي تلك الصورة المفبركة من قِبل حركة 6 أبريل حيث علق أحد الشباب بقوله 'الفبركة من أجل التخريب ولا يوجد للكذب رجلان ولابد من فضحه' وقدم الشاب الشكر لمن يسارعون بفضح الأكاذيب التي يتم نشرها علي الفيس بوك بغرض التحريض.. كما دشن بعض الشباب صفحة علي الموقع الاجتماعي الفيس بوك تحمل اسم 'أنا ضد شباب 6 أبليس' تتولي فضح الافتراءات والأكاذيب التي يتناقلها الشباب علي الفيس بوك. وفي دراسة سابقة رصدها المركز العربي لأبحاث الفضاء الاليكتروني حول الاستخدام السياسي للفيديوهات والصور المفبركة جاء منها علي سبيل المثال فبركة فيديوهات للمرشح مصطفي النجار وعمرو حمزاوي بدفع رشاوي للناخبين، كما ساق المركز العديد من الأمثلة التي تدلل علي تنامي استخدام الصور والفيديوهات علي نحو يغاير الحقيقة بهدف التحريض.. مثل فبركة صورة لشيخ سلفي في مظاهرات المسيحيين يحمل صليبًا وكذلك فبركة فيديو أحداث 91 نوفمبر التي تحتوي علي مشهد لمجند يجر قتيلاً ويلقيه بجوار القمامة، كما كشف المركز عن فيديو آخر ملفق لما عرف بقناص العيون حيث أثبتت التحريات أن الضابط وقت تصوير الفيديو كان في إجازة.. ومما يزيد الأمر اشتعالاً هو نقل هذه الصور والفيديوهات المفبركة علي أنها حقيقة مما يزيد من معدل انتشارها وتأثيرها السلبي علي الشارع. وكشف عادل عبدالصادق مدير المركز العربي لأبحاث القضاء الإليكتروني أن أمريكا تدعم الانترنت ب 52 مليون دولار كما تضمن حرية الانترنت.. وتحذر من تقييده، ولكن ليس بغرض حرية التعبير كما هو معلن وإنما لتوظيف القوة الناعمة للتكنولوجيا الحديثة.. حيث باتت الأنظمة في كثير من الدول العربية في مصيدة الشبكة العنكبوتية بكل تعقيداتها وطبيعتها الهلامية.. الأمر الذي يتطلب نمطًا جديدًا من المقاومة. وفرض الرقابة علي المواقع الاجتماعية أصبح موضوعًا لكثير من النقاشات والاهتمامات الفكرية والأخلاقية والقانونية بعد تزايد استخدامها في إحداث بلبلة في أوساط الرأي العام وطالب عبدالصادق بوضع رقابة صارمة علي الاستخدام السييء للانترنت والمواقع الاجتماعية.. بعد أن أصبحت واحة لتأجيج الصراعات.. وكذلك تضييق الخناق علي كل الذين يحاولون توظيف قوة التكنولوجيا لخدمة أغراض بعينها.. وفرض أرائهم علي الملايين بغض النظر عن الحدود الجغرافية والتاريخية للشعوب والبلدان. وأشار عبدالصادق إلي أنه حان الوقت للعمل علي توعية المواطنين وتنمية إحساسهم بأهمية التقنية الحديثة بل ضرورة استخدامها مع الحرص علي استغلال العوالم الافتراضية من أجل التواصل الآمن وتنمية الشعوب وتطوير الأفكار.. وكذلك توعيتها بالخروقات والمضايقات التي تطال المستخدمين والناشطين علي الانترنت داخل وخارج الوطن.. وكذلك منع الجماعات المتطرفة من مصادرة حسابات مَن لا يغرد في سربهم. وقال عبدالصادق إن مصر لم تصدر تشريعات ولم تنظم المواقع الإليكترونية ولم يتم سن قوانين تخص الرقابة أو المنع والخضوع لضوابط معينة، الأمر الذي حدا بالكثير من النشطاء والناس العاديين للتمادي في العمل علي إثارة الموضوعات الحساسة والمفبركة وغير الحقيقية، التي كثير منها يمس الأمن القومي للبلاد حيث تمثل تلك التصرفات علي الشبكة العنكبوتية خطرًا علي المواطنين في ظل سياسة التطرف والغلو التي تجتاح بعض نشطاء الفيس بوك في ظل أجواء الثورات الشعبية والاضطرابات التي يشهدها الشرق الأوسط وفي مقدمتها مصر.