الهجمات الإرهابية المتكررة التي تتعرض لها المدن الأوروبية برغم الإجراءات الأمنية القوية التي تتخذها الأجهزة الأمنية والاستخباراتية بدول الاتحاد الأوروبي تضع علامات استفهام كبيرة علامات تجعل الأمن الأوروبي برغم إمكاناته على المحك، فمنذ أحداث شارل إيبدو منذ أكثر من عام في باريس إلى أحداث باريس الدامية في شهر نوفمبر الماضي وصولا الآن إلى الهجمات الإرهابية النوعية في مطار بروكسل الدولي وأحد محطات المترو الشهيرة وما خلفته من ضحايا ومؤخرا إحباط عملية إرهابية في ضاحية أورجنتي بباريس وغيرها من العمليات التي أحبطت في مدن أوروبا بجانب مشكلات اللاجئين وغيرها تطرح تساؤلات هامة حول ضعف الأمن الأوروبي بسبب عدم التعاون الأمني والاستخباراتي وتناقص تبادل المعلومات بالشكل المطلوب بين دول الاتحاد الأوروبي، هذا الاتحاد الذي يفترض فيه أنه المحارب للإرهاب والتنظيمات الإرهابية في بؤر الصراع بالشرق الأوسط وأفريقيا، فبرغم المعلوماتية الكبيرة والمتوافرة عن العناصر الأوروبية التي قامت بتلك العمليات إلا أن العمليات الإرهابية النوعية التي تجرأت على الضرب في المواقع الحساسة تفوقت على الأمن الأوروبي برغم الادعاءات الأمنية والقوانين التي سنها الاتحاد ومنها فرض فرنسا وبلجيكا قانون الطوارئ وغيرها من القوانين الأمنية الاستثنائية التي خالفت القوانين المتعلقة بالحقوق والحريات العامة التي تتميز بها أوروبا، وكلها إجراءات سمعنا عنها ولكنها لم تمنع وقوع تلك التفجيرات التي طالت الأرواح ومست سمعة الأمن والاقتصاد والسياسة الأوروبية. إن فشل الأمن الأوروبي لا يتحمله رجال الأمن والاستخبارات فقط بل يتحمله رجال الساسة الأوروبيين المسئولين عن وضع السياسات العامة المتعلقة بمواجهة ومجابهة الإرهاب حتى أصبحوا متهمين من الكثير من بلدان العالم بمسئوليتهم الكاملة عن تفشي هذا الإرهاب بعد ما فعلوه في العراق وسوريا وليبيا، فمازال رجال الساسة في أوروبا يميلون بالتبعية للسياسة الأمريكية لأنهم يسمحون بالإرهاب في بلد ولا يسمحون به في بلدانهم كما أنهم غير جادين بسبب مصالحهم غير الإنسانية بمدى فداحة وخطورة الإرهاب وانتشاره وتهديده للعالم كظاهرة كبرى تستوجب تضامن دولي حقيقي لصالح الإنسانية، لأن الإرهاب وتطور مراحله منذ أحداث سبتمبر وتنظيم القاعدة لم تمنعه الأجهزة الأمنية والإجراءات الاستثنائية التي يتشدقون بها بعد كل عملية إرهابية، ولقد آن الأوان لوضع أيادي ساسات أوروبا مع ساسات الدول لمكافحة الإرهاب والتخلي عن الأنانية والمتاجرة السياسية على حساب الشعوب والدول المسالمة والتضافر من أجل مجابهة الإرهاب والقضاء عليه بعد أن أصبح يضرب بقوة في كل بلد دون تفرقة بل ويجب على بلدان أوروبا مواجهة جذور الإرهاب والتطرف والاهتمام بالمناطق الفقيرة والمهمشة والمنعزلة لأسباب عرقية ودينية في بلدانهم حتى لا تقع فريسة تحت أيادي العناصر الإرهابية، فهل آن الأوان لأوروبا ولساساتها الرغبة في مواجهة الإرهاب ومد أياديها للدول الأخرى أم أنها مازالت غير راغبة بعد أن أصبح تكرار العمليات الإرهابية يدعو إلى السخرية من فاعلية الأمن الأوروبي وقدرته علة منع تلك العمليات قبل فوات الأوان .