زي النهاردة.. منذ طفولتي.. كنت أنتظر هذ اليوم.. يوم «عيد الأم».. لأمنحك يا «أمي» بعضًا من حقك علي.. وعلي أشقائي في هذه الدنيا.. ولكن.. وآه من «لكن» يأتي اليوم، هذه المرة «حزينًا.. كئيبًا.. مرًا كمرارة العلقم».. فالصورة الحلوة.. والقلب العطوف.. ولحظات حبك الأبدي، غابت يا «أمي» مع غيابك عن «دنيانا» قبل ما يقارب العام بأيام قليلة. لسه «يامه» جرح فراقك «أخضر».. فقلبي.. وقلوب أشقائي «مكلومة» و«حزينة».. وكأنك رحلتي عنا بالأمس.. وبالأمس فقط.. سنة كاملة مرت «يامه»، وروحك لسه ساكنة جوانا.. وحضن قلبك الذي كان يحتوينا، لا يزال ينبض بحبك الأبدي.. فكم من السنين يا «أمي» سيبقي جرح فراقك «نازفًا» بداخلنا..؟ موتك «يامه» خلانا نعرف يعني إيه «وجع» لما يمس أوتار القلوب.. ويعني إيه «حزن» لما يملأ النفوس.. ويعني إيه «حرمان» من أطهر قلب، وأنقي روح، وأجمل إحساس.. موتك «يامه» كسر نفسي، ونفس اخواتي.. وحطم جوانا معاني كتيرة، كنا بنتباهي بيها.. وانتي عايشة بيننا.. وجوانا.. وروحك محلقة حوالينا.. في قربنا منك.. أو بعدنا عنك.. ابتسامتك كانت جنتنا.. وقلبك كان مستودع كل أحاسيسنا. فاكرة «يامه» لما كنت بسيب دراستي في جامعة «أسيوط» أركب القطار يوم 20 مارس بالليل، علشان أحتفل معاكي بعيد الأم، وأرجع في اليوم التاني.. كنت «يامه» بعد فلنكات السكة الحديد، ومحطات المراكز والمحافظات، ومعرفش النوم، ولا الراحة، غير لما ألاقي نفسي جوه «حضنك» وبين ذراعيكي.. ولما اتخرَّجنا، واتغربنا.. كنا في القرب، وفي البعد، معاكي.. بنحتفل بيكي.. ونقبل يديكي.. وكانت دعواتك لينا هي «البركة» و«المنحة الإلهية» اللي رزقنا بيها ربنا من «شهد» لسانك العطر، وقلبك المفعم بحبنا. وكان «عيد الأم» يا أمي، هو عيدنا الحقيقي.. نلتف فيه من حولك.. نكلم ولادنا، وأحفادك الحاضرين، نعرفهم معني «الحب» اللي تشربناه من حنيتك علينا، وحبك لينا، وتضحيتك من أجلنا، وخوفك علي كل واحد فينا، وسهرك الليالي الطوال علشان راحتنا، وقلبك الذي لا يرتاح حتي تطمني علي كل واحد فينا.. كنا بنحكيلهم عن تضحياتك علشانا، وازاي اتحديتي الدنيا والبوليس اللي كان بيطاردنا علشان حبنا لبلدنا. «آه» يا «أمي» من وجع الفراق.. ومن غربة الجسد.. ومن فراق وجهك الملائكي.. وسيرتك العطرة، اللي هنفضل نحكي فيها، ونقصها علي ولادنا، ونتغني بيها.. بالأم الصعيدية التي غرست «حبا» في قلوب أولادها، فربطتهم برباط مقدس إلي يوم الدين.. بصاحبة الكبرياء، التي لم تسمح لأحد في هذه الدنيا، أن يدوس لها «علي طرف» حسب لغة أهل الصعيد.. بسيدة العزة التي كانت، وحتي لحظات رحيلها الأخيرة تدرك معني «الكرامة».. ولصاحبة القلب الرؤوف، والتي كانت معطاءة في السر، لننهل من نهرها العذب، هي والوالد العظيم الراحل كل «نبل الحياة». كنت أشعر بالفخر يا أمي، والرضاء عن نفسي في مثل هذا اليوم من كل عام، وأنا أقدم لك «هديتك» أو أرسلها عبر أحد أشقائي إذا منعتني ظروف العمل، والدنيا، بما فيها من مشاغل.. لكن «اليوم».. و«اليوم».. يا «أمي» جاء عيدك.. وقلبي مكلوم لفراقك.. فلمن أقدم «هديتك»؟.. لمن يا «أمي».. سبحانك اللهم وغفرانك.. وكل عام وأنت في رحاب المولي سبحانه.. يرحمك.. ويرعاك.. ولا نملك يا «أمي» في هذا المقام العظيم، إلا «الصبر».. و«الصبر».. وسبحانك يا مالك الملك.. تجلت حكمتك.. استودعناك أعز الناس في قلوبنا.. و«إنا لله وإنا إليه راجعون».