اكدت محكمة القضاء الاداري بالاسكندرية الدائرة الاولي بالبحيرة برئاسة المستشار الدكتور محمد عبد الوهاب خفاجي نائب رئيس مجلس الدولة في حكم مهم لها يؤرخ لمبدأ استقلال النقابات المهنية وفقا للدستور الجديد وضرورة تعايش القوانين مع واقع الحياة وتوافقها مع احكام الدستور. وكشفت عن ان نص قانون نقابة الاطباء مازال يلزمها بان تعمل في اطار السياسة التي وضعها الاتحاد الاشتراكي الذي اندثر منذ عدة عقود, وهو ما يعكس ان القانون يعيش بمعزل عن الدستور وغيبوبة تشريعية عن واقع الحياة, وانه يجب تحرر النقابات من الخضوع للعمل الحزبي والزمت وزير الصحة بتعويض طبيب تم غلق عيادته بالمخالفة لنصوص القوانين الضعيفة وقضت المحكمة برئاسة المستشار الدكتور محمد عبد الوهاب خفاجي نائب رئيس مجلس الدولة وعضوية المستشارين صالح كشك ومحمود النجار نائبي رئيس مجلس الدولة بالزام وزير الصحة بان يؤدي الي الطبيب حليم الجندي تعويضا مقداره خمسون الف جنيه عن الاضرار المادية والادبية التي حاقت به من جراء قرار وكيل وزارة الصحة بالبحيرة غير المشروع بغلق عيادته الخاصة مدة اربعة اشهر الذي استند في ديباجته انه صدر بناء علي ' توصية معالي الوزير ' والزمت الوزارة المصروفات قالت المحكمة ان المشرع الدستوري ارتقي بمهنة الطب والزم الدولة بتحسين اوضاع الاطباء, واخضع جميع المنشأت الصحية والمنتجات والمواد ووسائل الدعاية المتعلقة بالصحة لرقابة الدولة, وانه جعل من استقلال النقابات المهنية مبدأ دستوريا من الاسس الديمقراطية, لكي تمارس نشاطها بحرية للدفاع عن حقوق اعضائها وحماية مصالحهم, وانه تكشف للمحكمة ان قانون نقابة الاطباء رقم 45 لسنة 1969 وتعديلاته يحتاج الي تعديل من المشرع خاصة المادة الاولي منه التي مازالت تنص علي ان تباشر نقابة الاطباء نشاطها في اطار السياسة العامة للاتحاد الاشتراكي العربي الذي اندثر منذ عدة عقود مما يؤكد ان مثل تلك القوانين تعيش بمعزل عن الدستور ومخالفة له, مما اصابها غيبوبة تشريعية منفصلة عن واقع الحياة وضد عجلة الزمن, كما انه يجب تحرر النقابات من الخضوع للعمل الحزبي بحسبان ان النقابات في الانظمة الديمقراطية الحديثة تعد احدي اهم الوسائل الفعالة للتعبير عن مصالحهم الوظيفية والمهنية ليصل صوتهم الي مسامع الدولة للتعرف علي مشاكلهم وتحقيق مطالبهم المشروعة والدفاع عنها في مواجهة الجهات الادارية وذكرت المحكمة انه فضلا عن ذلك فان قانون مزاولة مهنة الطب رقم 415 لسنة 1954 الصادر منذ 60 عاما يحتاج هو الاخر تعديل طرأت فيه علي مهنة العديد من التقنيات الحديثة والتطورات المعلوماتية علي مستوي العالم ودون ان يواكب ذلك تطورا موازيا للتشريع المنظم لاقدم مهنة واكثرها عراقة في خدمة صحة الانسان خاصة تحديد العلاقة بين الطبيب والمريض وبيان حقوقهما وتنظيم المسئولية عن الاخطاء الطبية وتحديد الجهات الرقابية ممن يمنحون صفة الضبطية القضائية من الاطباء انفسهم للرقابة علي المستشفيات العامة والخاصة واساليب اليتها. واضافت المحكمة انه في ضوء النصوص الضعيفة لتلك القوانين فان قرار غلق عيادة الطبيب جاء بناء علي توصية من وزير الصحة, وتوصية الوزراء لا تصلح وحدها دون سند قانوني سليم كأساس لاصدار القرارات الادارية, والثابت ان اللجنة الوزارية اثناء مرورها علي مستشفي كوم حمادة العام التي كان يعمل بها المدعي وجدت عدة مخالفات ادارية, قرر وزير الصحة احالتها للتحقيق الاداري وندب المدعي لمستشفي ادكو المركزي, الا ان وكيل وزارة الصحة اصدر قرارا بغلق العيادة الخاصة للمدعي وجاء بها انه صدر بناء علي ' توصية معالي الوزير ' وهو امر منبت الصلة عن المخالفات الواقعة بالمستشفي الحكومي العام ولا علاقة للعيادة الخاصة بها, فضلا عن انه لا يجوز عقاب الشخص مرتين عن فعل واحد, ولامر لا يخص العيادة كمنشأة طبية لها مرضاها التي تتردد عليها, كما ان ماذكرته الادارة من ان المدعي لم يتعاقد مع ادارة النفايات الخطرة لا اساس له في الاوراق اذ الثابت من حافظة مستندات الادارة ذاتها ان المدعي متعاقد معها قبل اصدار قرار الغلق وان تراخي تنفيذه بعد ذلك, كما ان الجهة الادارية لم تقدم للمحكمة التحقيق الذي اجري مع المدعي مما يكون معه قرار غلق عيادته الخاصة مشوبا بعيب الانحراف بالسلطة. واختتمت المحكمة ان قرار غلق عيادة المدعي يتوافر به ركن الخطأ في جانب الجهة الادارية وانه سبب اضرارا مادية للمدعي حرمته من الدخل الذي كانت تدره عليه عيادته الخاصة مدة اربعة اشهر وما تحمله من مصاريف التقاضي فضلا عن الاضرار الادبية التي تفوق الضرر المادي ولا يعادلها تعويض التي حاقت بسمعته الطبية وسط زملائه الذين انتفضوا لمظلمته وعقدوا جمعية عمومية غير عادية بنقابة الاطباء بالبحيرة تضامنا منهم مع مظلمته مستنكرين تدخل الوزير لغلق عيادة زميلهم دون وجه حق, اضافة للاضرار الادبية الاخري امام مرضاه الذين وثقوا فيه بتقديم العلاج اليهم مما تري معه المحكمة بالزام وزير الصحة بان يؤدي للمدعي تعويضا مقداره خمسون الف جنيه جبرا لتلك الاضرار.