اصطدم الحوثيون في محافظة إب بجدار مقاوم تقوده العشائر وحزب الإصلاح الإخواني، في خطوة قدد تؤجج حرباً أهلية طائفية في المناطق ذات التركيبة السنية. وذلك بعد توغلهم الحوثيون في شمال اليمن، وسيطرتهم علي صنعاء، وباقي محافظات الشمال والغرب وحتي الحدود اليمنية السعودية. وإن كان الحوثيون في تقدمهم هذا لم يواجهوا مقاومة تذكر من قبل الجيش والإدارة الهشة للرئيس عبد ربه منصور هادي، المتهم ب'تسليم' اليمن إلي جماعة 'أنصار الله'، إلا أنهم وفي محافظة إب تحديداً يواجهون مقاومة شرسة من قبل مجموعات مسلحة محسوبة علي حزب الإصلاح الإخواني، مدعومة بعشائر ترفض تواجد الحوثيين المسلح في مناطقهم. وأسفرت هذه المواجهات عن سقوط عدد من القتلي والجرحي ونزوح عشرات الأسر من مركز المحافظة. يرجع المحلل السياسي عادل الشرجبي، أستاذ علم الاجتماع السياسي، هذا إلي الاصطدام بعوامل طائفية وسياسية، لكون الحوثيين قد خرجوا عن 'بيئتهم الحاضنة' منذ الحادي والعشرين من سبتمبر/ أيلول الماضي، وتمددوا خارج المناطق الزيدية إلي محافظات تعز وإب. وإذا كانت هاتان المحافظتان تتميزان بطبيعة مدنية تبتعد عن الاصطفافات القبلية والعقائدية، فإن توغل الحوثيين قد ينشب عنه، حسب مراقبين، إعادة إحياء الروابط المذهبية والعقائدية، ومن ثمة التعاطف مع حركة الإصلاح السنية. ويري أستاذ علم الاجتماع السياسي، أن تقدم الحوثيين لم يكن له أن ينجح من دون تحالف جري بينهم وبين الرئيس السابق علي عبد الله صالح، الذي أمدهم بتسهيلات علي الأرض نظراً لولاء العديد من مشايخ المناطق الزيدية لصالح، الذي أُجبر علي التخلي عن السلطة بموجب المبادرة الخليجية نتيجة لثورة التغيير عام 2011. وكان الجيش والقيادات المجتمعية وزعماء القبائل مصدر هذه التسهيلات. لكن ومع تمدد الحوثيين باتجاه الغرب والجنوب الغربي، تغير المشهد واصطدم الحوثيون في إب بجدار 'مقاوم'، لاسيما وأن صالح لا يتمتع هناك بأي ولاء، في خطوة تعزز احتمالية نشوب حرب أهلية ذات طابع طائفي. وإلي جانب التحالف التكتيكي بين جماعة عبد الملك الحوثي وبين علي عبد الله صالح، الطامح إلي العودة إلي السلطة بنفسه أو عبر ابنه العميد أحمد علي عبد الله صالح، تتوجه أصابع الاتهام إلي عبد ربه منصور هادي، الرئيس المنتهية ولايته منذ 21 فبراير الماضي بموجب المبادرة الخليجية، ب'تواطؤه' مع الحوثيين من أجل الحد من نفوذ حزب الإصلاح الإخواني وحليفه، اللواء علي محسن الأحمر، وضرب القوي التي تكبل قراراته. ويشير الشرجبي إلي أن التحالف مع هادي غير 'فاعل' ويهدف إلي 'شراء صمته فقط'، عكس الحاصل مع الرئيس السابق علي عبد الله صالح، الذي يقدم الدعم العسكري واللوجستي والمالي للحوثيين. وفي نهاية المطاف، يعتقد كل طرف في هذا المثلث أنه قادر علي تحضير المشهد السياسي والعسكري بشكل يخدم مصالحه للقضاء علي خصومه وتقليص أعدادهم، حتي يتمكن كل طرف من 'الاستفراد بالطرف الآخر لاحقاً'. وفي ظل تعنت الحوثيين ورفضهم اتفاقية السلم والشراكة التي وقعوا عليها بعد الإطاحة بجميع مؤسسات الدولة، وأمام حكومة هشة غير قادرة علي إدارة شؤون البلاد، تبقي الساحة العسكرية هي الوحيدة الكفيلة بحسم الصراع السياسي شمال اليمن، خصوصاً مع غياب الطرح السياسي لدي الأطراف كافة، حسب ما أوضحه الشرجبي، الذي يشدد علي أن اليمن علي مشارف حرب قصيرة المدي، سيسارع كل طرف إلي حسمها لصالحه، ولن تكون حرباً أهلية 'منفلتة'، إلا أنها ستتأرجح بين حرب 'أهلية' و'نظامية'. لكن هناك تحذيرات من الدور الإيراني الداعم للحوثيين، والذي سيعمل باتجاه دفع عبد الملك الحوثي نحو الإطاحة بحكومة الرئيس هادي والاتفاق علي حكومة يحصل فيها الحوثيون علي وزارات سيادية، أو علي تسليم السلطة إلي مجلس عسكري أو مدني لحين خلط الأوراق من جديد.