تخوض القوات العراقية إلي جانب عناصر ينتمون إلي ميليشيات موالية للسلطة معارك مع خليط هش من تنظيمات متطرفة تقودها جماعة 'الدولة الإسلامية في العراق والشام' وتلقي دعما من عناصر في حزب البعث المنحل بينهم ضباط سابقون. وعلي مدي أسبوع من المعارك، تمكنت هذه التنظيمات السنية الجهادية والسلفية من السيطرة علي مناطق واسعة في شمال البلاد، أبرزها الموصل مركز محافظة نينوي، وتكريت عاصمة محافظة صلاح الدين. إلا أن القوات الحكومية نجحت في الأيام الثلاث الأخيرة مدعومة بمسلحين من ميليشيات شيعية موالية لها في استيعاب صدمة خسارة الموصل وتكريت، واستعادة المبادرة العسكرية عبر وقف الزحف نحو بغداد وتوجيه ضربات جوية وارسال تعزيزات الي مناطق القتال. وقال مصدر أمني في تصريح لوكالة فرانس برس إن تنظيم 'الدولة الاسلامية' الذي تأسس في العراق 'يشكل القوة الرئيسية المسيطرة والتي تقود الأمور ولا تسمح لاي تنظيم آخر بان يشاركها القيادة'. وأضاف 'الثقل العسكري هو لهذا التنظيم، وهناك تعاون مع تنظيمات أخري مثل 'جيش النقشبندية' و'جيش محمد'، رغم أن دورهم محدود في هذا الهجوم، وهناك تقاطع في ما بينهم حيال مسألة الصراع علي السلطة'. وتابع 'لا شك في أنه مهما قيل عن طبيعة المجموعات الإرهابية المقاتلة، فإن هذه المجموعات تتلقي أيضا الدعم اللوجستي والدعاية والتحريض من قبل عناصر من حزب البعث المنحل، وتحديدا المعارضون للعملية السياسية'. وأكد المصدر أن 'هناك تعارضا إيديولوجيا بين هؤلاء والتنظيمات الجهادية الا أنهم يدعمون في هذه المرحلة 'داعش' من باب أن عدو عدوي صديقي، ويرون في هذه الفترة فرصة للانقضاض علي النظام والحكومة، وربما العودة إلي الحكم في مرحلة لاحقة'. وكان وزير الخارجية العراقي هوشيار زيباري قال في مقابلة صحفية الأسبوع الماضي أن تنظيم 'الدولة الاسلامية في العراق والشام' قام 'بالتنسيق مع 'تنظيم' الطريق النقشبندية وبعض الفصائل الاسلامية المتشددة وقيادات بعثية من الجيش السابق'. وبعد سيطرته علي الموصل، أعلن تنظيم 'الدولة الاسلامية في العراق والشام'، مدينة نينوي ولاية تابعة له، ورفع راياته السوداء علي المراكز الحكومية في الموصل حيث بدأ يفرض قوانينه علي السكان. وانبثقت 'الدولة الإسلامية في العراق والشام' عن 'الدولة الإسلامية في العراق' الفرع العراقي لتنظيم القاعدة الذي يقوده ابو بكر البغدادي، علما بأن التنظيم بتسميته الجديدة انفصل عن تنظيم القاعدة بعد وقوف الاخير الي جانب 'جبهة النصرة' التي تقاتل 'الدولة الاسلامية' في سوريا. ويقدر خبراء بما بين خمسة آلاف وستة آلاف عدد مقاتلي هذا التنظيم في العراق وسبعة آلاف في سوريا، ومعظم هؤلاء يحملون الجنسية العراقية، لكن قادتهم يأتون في أغلب الاحيان من الخارج وقاتلوا من قبل في الشيشان وافغانستان أو سوريا. وظهرت في العراق منذ اجتياحه علي ايدي قوات تحالف دولي قادته الولاياتالمتحدة عام 2003 العديد من التنظيمات الجهادية المتطرفة الأخري، التي قاتلت القوات الاميركية قبيل انسحابها من البلاد نهاية 2011 لكنها شاركت أيضا في النزاع الطائفي بين السنة والشيعة بين عامي 2006 و2008. وبين هذه التنظيمات 'جيش رجال الطريق النقشبندية' السني المتطرف والذي تشير تقارير الي قربه من عزة ابراهيم الدوري، أحد ابرز قيادات نظام صدام حسين. وهناك أيضا 'جيش محمد' المقرب من حزب البعث، و'جيش المجهادين' وهي مجموعة جهادية تشكلت من عسكريين سابقين وبرزت في معارك الفلوجة عام 2005. ويقول الخبير العسكري أنور محمود خلف الجبوري وهو ضابط سابق إن تنظيمي 'جيش أنصار السنة' السلفي الذي تبني هجمات عديدة ضد القوات الأمريكية و'الجيش الإسلامي' السلفي أيضا الذي يضم ضباطا سابقين 'يقاتلان أيضا القوات الحكومية في إطار الهجوم التي تتعرض له البلاد حاليا'. ويضيف 'حتي وان اختلفوا في ما بينهم فهم ينسقون ويتبادلون المعلومات'. في مقابل ذلك، تخوض القوات الحكومية التي يبلغ عددها نحو مليون مقاتل المعارك بمساندة من ميليشيات موالية للسلطة، أبرزها 'عصائب أهل الحق' الشيعية التي أعلنت في عدة مناسبات قتالها الي جانب قوات الجيش والشرطة. ويستعد آلاف المتطوعين للانضمام الي تلك الميليشيات التي تقاتل الي جانب القوات الحكومية بعد دعوة المرجع الشيعي الأعلي آية الله العظمي السيد علي السيستاني الي حمل السلاح ومقاتلة المسلحين المتطرفين. كما أن الزعيم الشيعي مقتدي الصدر، قائد 'جيش المهدي' أعلن الأسبوع الماضي عن اقتراح بتشكيل 'سرايا السلام'، وهي قوة مسلحة تهدف بشكل خاص إلي حماية المقدسات الدينية. وتلعب العشائر العراقية دورا مهما في معارك الطرفين، حيث إنها غالبا ما تمارس نفوذها علي المسلحين في منطقة معينة، فتتبني حملهم للسلاح، أو تجبرهم علي تركه، وقد دعا رئيس الوزراء نوري المالكي الأربعاء الماضي عشائر البلاد إلي نبذ المسلحين الذين يقاتلون القوات الحكومية.