تخوض القوات العراقية إلى جانب عناصر ينتمون إلى ميليشيات موالية للسلطة معارك مع خليط هش من تنظيمات متطرفة تقودها جماعة «الدولة الاسلامية في العراق والشام» الشهير ب«داعش» وتلقى دعما من عناصر في حزب البعث المنحل بينهم ضباط سابقون. وعلى مدى أسبوع من المعارك، تمكنت هذه التنظيمات السنية الجهادية والسلفية من السيطرة على مناطق واسعة في شمال البلاد، أبرزها الموصل (350 كلم شمال بغداد) مركز محافظة نينوى، وتكريت شمال بغداد عاصمة محافظة صلاح الدين. إلا أن القوات الحكومية نجحت في الأيام الثلاث الأخيرة مدعومة بمسلحين من ميليشيات شيعية موالية لها في استيعاب صدمة خسارة الموصل وتكريت، واستعادة المبادرة العسكرية عبر وقف الزحف نحو بغداد وتوجيه ضربات جوية وارسال تعزيزات إلى مناطق القتال. وقال مصدر أمني إن تنظيم «الدولة الاسلامية» الذي تأسس في العراق «يشكل القوة الرئيسية المسيطرة والتي تقود الأمور ولا تسمح لأي تنظيم أخر بأن يشاركها القيادة». وأضاف «الثقل العسكري هو لهذا التنظيم. هناك تعاون مع تنظيمات أخرى مثل «جيش النقشبندية» و«جيش محمد»، رغم أن دورهم محدود في هذا الهجوم، وهناك تقاطع في ما بينهم حيال مسألة الصراع على السلطة». وتابع «لا شك في أنه مهما قيل عن طبيعة المجموعات الإرهابية المقاتلة، فإن هذه المجموعات تتلقى أيضا الدعم اللوجستي والدعاية والتحريض من قبل عناصر من حزب «البعث» المنحل، وتحديدا المعارضون للعملية السياسية». ويرى المصدر أن «هناك تعارضا أيديولوجيا بين هؤلاء والتنظيمات الجهادية إلا أنهم يدعمون في هذه المرحلة «داعش» من باب أن عدو عدوي صديقي، ويرون في هذه الفترة فرصة للانقضاض على النظام والحكومة، وربما العودة إلى الحكم في مرحلة لاحقة». وانبثقت «الدولة الاسلامية في العراق والشام» عن «الدولة الاسلامية في العراق» الفرع العراقي لتنظيم القاعدة الذي يقوده أبو بكر البغدادي، علما أن التنظيم بتسميته الجديدة انفصل عن تنظيم القاعدة بعد وقوف الأخير إلى جانب «جبهة النصرة» التي تقاتل «الدولة الاسلامية» في سوريا. ويقدر خبراء بما بين 5 آلاف و6 آلاف عدد مقاتلي هذا التنظيم في العراق و7 آلاف في سوريا، ومعظم هؤلاء يحملون الجنسية العراقية، ولكن قادتهم يأتون في أغلب الأحيان من الخارج ويكونون قد قاتلوا من قبل في «الشيشان» و«أفغانستان»، أو «سوريا». وظهرت في العراق منذ اجتياحه على أيدي قوات تحالف دولي قادته الولاياتالمتحدة عام 2003 العديد من التنظيمات الجهادية المتطرفة الاخرى، التي قاتلت القوات الأمريكية قبيل انسحابها من البلاد نهاية 2011 لكنها شاركت ايضا في النزاع الطائفي بين السُنة والشيعة بين عامي 2006 و2008. وبين هذه التنظيمات «جيش رجال الطريق النقشبندية» السني المتطرف والذي تشير تقارير إلى قربه من عزة إبراهيم الدوري، أحد أبرز قيادات نظام صدام حسين. وهناك ايضا «جيش محمد» المقرب من حزب البعث، و«جيش المجهادين» وهي مجموعة جهادية تشكلت من عسكريين سابقين وبرز اسمها في معارك الفلوجة عام 2005، وبعيد سيطرة مسلحين على هذه المدينة الواقعة على بعد 60 كلم غرب بغداد بداية العام الحالي. ويقول الخبير العسكري أنور محمود خلف الجبوري وهو ضابط سابق إن تنظيمي «جيش أنصار السنة» السلفي الذي تبنى هجمات عديدة ضد القوات الأمريكية و«الجيش الاسلامي» السلفي أيضا الذي يضم ضباطا سابقين «يقاتلان أيضا القوات الحكومية في إطار الهجوم التي تتعرض له البلاد حاليا». ويضيف «حتى وإن اختلفوا في ما بينهم فهم ينسقون ويتبادلون المعلومات».في مقابل ذلك، تخوض القوات الحكومية التي يبلغ عديدها نحو مليون عنصر المعارك بمساندة من ميليشيات موالية للسلطة، أبرزها «عصائب أهل الحق» الشيعية التي أعلنت في عدة مناسبات قتالها الىجانب قوات الجيش والشرطة. ويستعد الآف المتطوعين للانضمام إلى تلك الميليشيات والمقاتلة إلى جانب القوات الحكومية بعد دعوة المرجع الشيعي الأعلى اية الله العظمى على السيستاني إلى حمل السلاح ومقاتلة المسلحين المتطرفين.كما أن الزعيم الشيعي مقتدى الصدر، قائد «جيش المهدي» الميليشيا التي جرى تجميدها في السابق بامر من الصدر، أعلن الأسبوع الماضي عن اقتراح بتشكيل «سرايا السلام»، وهي قوة مسلحة تهدف بشكل خاص إلى حماية المقدسات الدينية. وتلعب العشائر العراقية دورا مهما في معارك الطرفين، حيث أنها غالبا ما تمارس نفوذها على المسلحين في منطقة معينة، فتتبنى حملهم للسلاح، أو تجبرهم على تركه، وقد دعا رئيس الوزراء نوري المالكي الأربعاء عشائر البلاد إلى نبذ المسلحين الذين يقاتلون القوات الحكومية.