لأننا تعودنا علي تصنيف كل من يكتب عن الاخوان المسلمين بأنه اما معهم أو ضدهم , منتميا للجماعة أو متأمر ومتحالف مع الحكومة والحزب الوطني ضدها ,أجدني مضطرة في بداية هذه السطور كي أعلن أنني لا أنتمي لجماعة الاخوان ولا لغيرها ,أختلف مع الكثير من أفكارها وسياساتها وتصريحات بعض قياداتها لكن هذا الاختلاف لم يؤثر أبدا علي نظرتي لمن ينتمون لجماعة الاخوان ممن أتعامل معهم من الاصدقاء والزملاء وعدد من الشخصيات العامة أو حتي من لا أعرفه منهم , فالجماعة كأي فصيل او تيار أو حتي انسان يؤخذ منه ويرد عليه , بها الصالح والطالح ,الصادق والمتلون , بشر كسائر البشر ليسوا ملائكة وليسوا شياطين .وليس من المنطق أوالعدل أن نطلق عليهم أحكاما عامة وبالجملة سواء بالسلب او الايجاب . فلكل منا الحق في أن يختلف كل الاختلاف مع الجماعة وأن يرفض افكارها جملة وتفصيلا أو يتفق معها ويتبني أفكارها أو ينتمي اليها لكن ليس من حق أحد ان يسلب من ينتمون للجماعة حقوقهم كبشر ومواطنين لهم حقوق المواطنة وحقوق الانسان التي يكفلها الدستور والقوانين المصرية والدولية لمجرد أنهم ينتمون لجماعة الاخوان حتي وان كانت محظورة . ففي الفترة الأخيرة تزامن مع التصعيد السياسي ضد الاخوان وخاصة مع اقتراب الانتخابات البرلمانية بعض الأحداث التي خلط فيها البعض بين مواقفهم من الجماعة وبين النظر الي من ينتمون اليها كمواطنين مصريين, لينتقل الهجوم علي سياسات الجماعة وأفكارها الي هجوم علي كل من ينتمي اليها حتي وان تم انتهاك حقوقه كمواطن وانسان . وتجلت هذه المواقف في واقعة اعتداء ضابط الحرس الجامعي علي سمية أشرف الطالبة بكلية الدراسات الاسلامية بجامعة الأزهر فرع الزقازيق والتي تنتمي لجماعة الاخوان المسلمين حيث اعتدي عليها الضابط بالصفع والضرب "بالشلوط "والخرطوم أثناء اشتباكه مع مجموعة من طالبات الاخوان بسبب رفضهن الخضوع للتفتيش بعد اظهار بطاقات الجامعة وهو ماشاهده الكثيرون علي اليوتيوب حيث قامت بعض زميلات الطالبة بتصوير الواقعة باستخدام كاميرات الهواتف المحمولة وهو ما يظهر واضحا في هذه الفيديوهات التي شملت أيضا محاولات منع الحرس الجامعي لسيارة الاسعاف من نقل الطالبة للمستشفي . ورغم قسوة هذه الواقعة المخزية التي تتنافي مع كل الأعراف والقوانين ومبادئ حقوق الانسان وتنتهك أدمية طالبة بصورة بشعة لا يرضاها أي منا لابنته او شقيقته او أي فتاة أيا كان انتماءها أو دينها او جنسيتها الا أن البعض وبسبب عداءه الشديد لجماعة الاخوان خلط بين موقفه من الجماعة وبين هذا الموقف الانساني , وانبري ليبرر هذه الواقعة ويدعي أن الفتيات هن اللاتي تحرشن برجال الأمن وبدأن بالاعتداء عليهم , أو أن جماعة الاخوان خططت ودبرت هذه الواقعة حتي تكسب التعاطف و لتظهر أمام الناس بأنها مضطهدة وأنها تستخدم فتياتها كدروع بشرية فتضعهن في خط المواجهة مع الأمن .هكذا أطلق بعض من يعادون جماعة الاخوان حكما مسبقا وسريعا بأن هذه الفتاة وزميلاتها قمن "برمي بلاهم " علي الحرس الجامعي ورجال الأمن الابرياء- وعذرا لاستخدام المصطلح الشعبي لهذا التوصيف- والأكثر قسوة من هذه الاتهامات هو ماصدر عن الدكتور عبدالله الحسيني رئيس جامعة الازهر االذي برر الواقعة وتبني وجهة نظر الأمن وروايته رغم تأكيده أنه لم يشاهد فيديو الاعتداء علي الطالبات ولم يعرف تفاصيل ما حدث بالضبط ليؤكد أن الطالبات هن من بدأن بالاعتداء علي الحرس الجامعي وقذفن الضباط بالحجارة بسبب رفضهن تفتيش الحقائب واصفا ماحدث بأنه سيناريو معد مسبقا وأنه لن يسمح لطلاب "المحظورة" بمحاولة سلب عقول طلاب الأزهر لنشر أفكارهم داخل الجامعة .. وهكذا أعلن رئيس الجامعة رأيه وأصدر حكمه علي الواقعة قبل أن يعرف تفاصيلها وقبل أن يفتح تحقيقا فيما حدث لاحدي طالباته قائلا " ان الموضوع انتهي وخلاص " ونسي أنه حتي وان كذبنا أعيننا بعد أن شاهدنا الفيديو الذي يوضح هذا الاعتداء وافترضنا صدق الرواية الأمنية فان هذه الرواية لا تبرر مطلقا ضرب الطالبة بهذه الصورة البشعة والمهينة . وهكذا خلط رئيس الجامعة بين الموقف السياسي من جماعة الاخوان وبين حقوق احدي طالباته التي انتهكت وتعرضت للضرب والاهانة لمجرد انها تنتمي للجماعة .. هذا الخطأ الذي يقع فيه الكثيرون ممن يختلفون مع الاخوان وأولهم الحكومة حين يتم الخلط بين الموقف السياسي من جماعة الاخوان المحظورة وبين حقوق من ينتمون اليها كمواطنين مصريين لهم حقوق المواطنة الكاملة التي يحميها الدستور والقوانين المصرية والدولية , وهو ما يعد أكبر خدمة للاخوان يقدمها النظام ومن يعادون الجماعة حين يبالغون في درجة العداء بما يتنافي مع أبسط قواعد المنطق والعدل والقانون وحقوق الانسان وهو ما يزيد من درجة التعاطف معها , فرفقا بمواطنين مصريين لهم بحكم القانون والدستور وكل المواثيق كامل حقوق الانسان والمواطنة حتي وان كانوا ينتمون للاخوان.