مع كل يوم تتصاعد فيه الأحداث الطائفية وتشتعل المظاهرات التي تنطلق سواء أمام المساجد أو الكاتدرائية لتعلن عن الغضب الكامن في صدور ألهبتها نيران الفتنة يتأكد لنا جميعا أن هذه الغضب يوشك علي الانفجار وأن هذه النيران تسري شيئا فشيئا لتحرق الوطن وتنال منا جميعا ساعتها لن يجدي معها بيانات رسمية للتهدئة أو لقاءات أمام كاميرات التلفزيون تجمع بين المشايخ والقساوسة . ويصبح السؤال المنطقي الذي يطرح نفسه أمام هذه الحالة هو اين دور الدولة ؟ الم تشعر بكل هذا الخطر ؟ وكيف تترك الأمور حتي تصل الي هذا الوضع الخطير؟ انني لن أذهب الي ما ذهب اليه البعض في تفسير هذا التجاهل من الدولة لهذه الأحداث بأنها تريد الهاء الناس بهذه الحالة لأهداف سياسية حتي تشغلهم عن حقوقهم المهدرة وعن الفساد الذي ينخر في كل أجهزتها ولن أذهب الي أبعد من ذلك بأن الدولة هي التي تصنع هذه الاحداث عمدا لالهاء الشعب المطحون لأنها لابد وأن تدرك أن اللعب بهذا الملف يعني اللعب بالنار التي لاجدال انه سيكون فيها نهاية مصر التي لم يستطع قهرها ما تعرضت له وشعبها من فقر وظلم وفساد فعرف أعداءها أن نهايتها لن تكون الا باللعب علي الوتر الطائفي بسياسة "فرق تسد الاستعمارية " التي قاومها أجدادنا بهلال يعانق الصليب فوقفوا صفا أمام كل الغزاة والاعداء واختلطت دماءهم الطاهرة وهم يقاومون هذه السياسة ليأتي ابناءهم وأحفادهم فينجرفوا الي هذا المستنقع الطائفي . والمثير للدهشة أن تترك الدولة هذه الاحداث تتصاعد دون مواقف حاسمة تضع الأمور في نصابها الصحيح فتتخلي عن دورها لتستمر نيران الفتنة وتزداد انتشارا .تترك قضية وفاء قسطنطين منذ مايزيد عن ستة سنوات مثارا للجدل وسببا دائما للاحتقان والمظاهرات بين حين وأخر كلما اضيفت اليها قضايا أخري وتراكمت كقضية كاميليا زاخر التي أظهرت حجم نيران الغضب التي تحملها صدور الجانبين تترك الدولة كلتا السيدتين محتجزة في الكنيسة التي هي مكان للعبادة وليست سجنا أو منفي لاحتجاز المواطنين حتي وان كانوا مسيحيين ليستمر ويتزايد كل هذا اللغط الدائر عن مصيرهما دون حسم رغم مسئولية الدولة في وقف هذا الجدل بالكشف عن مصيرهما واطلاق سراحهما وضمان حمايتهما سواء كانتا مسلمتين أو مسيحيتين وهي ابسط حقوق المواطنين عليها خاصة اذا اضفنا الي ذلك مصلحة الوطن في اخماد أسباب الفتنة والتعامل معها بحسم وبشكل قاطع . اضافة الي مسئولية الدولة في اتخاذ بعض الاجراءات التي توقف هذا الهوس الطائفي وأهمها التصدي بحسم للمتلاعبين بالأديان وكل من يسيئ الي الدين الأخر او يتعرض له بما يثير الفتنة ويستفز مشاعر شركاء الوطن خاصة من يتحولون الي الدين الأخر ويظهرون علي وسائل الاعلام أو الفضائيات او الانترنت واليوتيوب للتجريح في ديانتهم السابقة , كذلك ضرورة النظر والاستجابة الي المطالب المشروعة والقانونية للاقباط التي تتفق مع حقوق المواطنة . فهل تعجز الدولة عن القيام بهذا الدور وهل تنتظر حتي يشتعل الوطن ونحترق جميعا بنيران الفتنة قبل ان تصل عربة مطافئ الدولة ؟ [email protected]