بعدما تناولا وجبة العشاء، طلب الأب من ابنه الجامعي تشغيل التليفزيون لمتابعة الأخبار، فتح الابن التليفزيون علي أحد البرامج والتي كانت تناقش خبرًا مفاده أن قوات الأمن المصرية ألقت القبض علي شبكة تجسس جديدة تابعة للموساد في مصر، تتكون من 3 مصريين و5 من ضباط الموساد. الأب: 'بأسي': لك الله يا مصر، محاصرة من جميع الجهات ومستهدفة بكل أنواع الحروب سواء بقواعد عسكرية أو حرب مياه أو تسليح إرهابيين؟ فالكل يتآمر عليك، إسرائيل وأمريكا وقطر وتركيا وأثيوبيا وحماس وإيران، لكن ما يحز في قلبي أن بعض من أكلوا من خيراتك وشربوا من نيلك وتربوا علي أرضك نجدهم يتآمرون عليك. الابن: ولماذا مصر بالذات يا أبت؟ الأب: لأن مصر قلب العالم.. ومن يسيطر ويتحكم في القلب يستطيع التحكم في باقي الجسد. الابن: وكيف الخلاص يا أبت؟ الأب: مصر في حاجة إلي رئيس وطني مخلص، قوي وحازم، وكل هذه الصفات متوفرة في المشير السيسي يا ولدي. الابن: 'يشيح بيده' رئيس عسكري تاني؟.. مصر في حاجة إلي رئيس مدني يا أبت. الأب: ألديك شك في أن مصر مستهدفة؟ الابن: أعلم يا أبت علم اليقين بأن المنطقة كلها مستهدفة وليس مصر وحدها.. فقد قرأت الكثير عن مخططات التقسيم بداية من سايكس بيكو 1916، مروراً بمشروع آفي ديختر وبرنارد لويس وانتهاءً بنظرية الفوضي الخلاقة لكوندليزا رايس، لإعادة تقسيم المقسم وتفتيت المفتت حتي يسهل الحصول علي كل جزء علي حدة دون عناء يذكر، وأعلم يا أبت أن هذا المخطط نجح في العراق والسودان وليبيا والصومال، ويحاولون الآن مع سوريا ومصر. الابن: طيب يا ابني إزاي بعد ده كله عايز رئيس مدني؟! أيه الحكمة العقلانية من وجهة نظرك إن مصر يحكمها رئيس مدني عمره في حياته ما درس أي معلومة عسكرية؟! الابن: يا أبت تعلم أنني من عشاق المشير السيسي نظراً لدوره العظيم في مساندة الشعب في ثورته في 30 يونية، ألم تلاحظ الصورة المعلقة له في غرفة نومي، لكن ترشح المشير للرئاسة يعزز من ادعاءات القائلين بأن ما حدث في 30 يونية انقلاب عسكري وليس ثورة. الأب: أصحاب هذه الادعاءات يعلمون علم اليقين أن ما حدث في 30 يونية ثورة كاملة الأركان ساندها جيش الشعب، وهؤلاء لا يدخرون جهداً لتشويه ثورة الشعب في 30 يونية، لأنها حطمت أحلامهم وأسقطت مخططاتهم الشريرة. الابن: لكن، بقاء المشير في منصبه كقائد عام للقوات المسلحة أفضل بكثير لمصر. الأب: بالعكس، فمصر في حاجة إلي شخصية قويه مثله خاصة في هذه الآونة التي يتآمر فيها الجميع علي مصر من الداخل والخارج. الابن: لكن، لست في حاجة أن أذكرك بما حدث لمصر من هزيمة في عام 67 نتيجة لغياب الديمقراطية، فالرؤساء ذو، الخلفية العسكرية لا يؤمنون بالديمقراطية. الأب: الديكتاتوريات ليست بالضرورة أن تُهزم، وأن الديمقراطيات ليست بالضرورة أن تنتصر في حروبها، فرنسا الديمقراطية هُزمت علي أيدي الجيش النازي، أثينا الديمقراطية هُزمت علي أيدي جنود اسبرطة الاستبدادية العسكرية، وأذكرك بنصر أكتوبر 73، الذي تعرضت فيه إسرائيل الديمقراطية إلي الهزيمة علي يد السادات وهو رجل عسكري، وليس صحيحًا أن العسكريين لا يعرفون الديمقراطية ومستبدون في حكمهم، ويبقون في الحكم بالقوة والاستبداد والقمع، لأن طبيعة المجتمع وبنيته هي التي تصنع الحاكم وتوجهه وليس العكس، وعبد الناصر لم يكن ديكتاتوراً كما يصوره أعداؤه، فقد كان تعبيراً عن ضمير أمة بأكملها، ولست في حاجة لأذكرك بقرار التنحي الذي رفضته كل الجماهير العربية من المحيط إلي الخليج، وهذا أبلغ رد علي كل من يصف عبد الناصر بالدكتاتور. الابن: لكن كل الدول التي قطعت شوطاً كبيراً في التقدم كان علي رأسها رئيس مدني. الأب: من قال لك بأن الدول المتقدمة يحكمها فقط مدنيون؟! أشهر وأنجح رؤساء في التاريخ الحديث في الغرب المتقدم المتمدن كانوا عسكريين، والتاريخ يزخر بالعديد من الأمثلة علي القادة العسكريين الذين بنوا أمجاد بلادهم، وصنعوا منها دولاً كبيرة وعظمي، فأميركا ما زالت تفتخر بقادتها من العسكريين وتحتفل بذكراهم، أمثال روزفلت وترومان وغيرهما، وما زال الضابط تشرشل مقدساً في بريطانيا، وما زال الماريشال ديجول رمزا كبيرا في فرنسا، وما زالت تركيا تمجد باني نهضتها الحديثة كمال أتاتورك، وما زالت يوغسلافيا المقسمة كلها تتذكر أمجاد الماريشال تيتو، والأمثلة كثيرة لا حصر لها. الابن: 'يطرق برأسه ولا يتكلم' الأب: من حفظك كل هذا؟! الابن: مش فاكر.. لما عملنا الثورة قالولنا كده. الأب: مين اللي قالولكم كده يا ابني؟؟ الابن: النخبة.. الأب: ااااااه مش هي دي النخبة اللي سافرت في وفد شعبي بعد تنحي النظام، وأعطت بإندفاعها غير المحسوب غطاء شرعي لأثيوبيا في بناء السد؟؟ وهمّا اللي فضلوا يشتموا هناك في عمر سليمان 'اللي انت دلوقتي عرفت قيمته' وهما هما بتوع الحوار الوطني السري المذاع علي الهوا أيام مرسي، اللي اتكلموا عن الحل العسكري و المخابراتي كأنهم بيتكلموا عن حلقات مسلسل أبو زيد الهلالي؟ هما دول اللي حفظوك الكلام ده وعملولك غسيل مخ، وهم دول اللي خربوا البلد بيك يا ابني، هؤلاء خدعوا الشعب، وهم من مهدوا الطريق للجماعة الإرهابية لوصولها لحكم مصر و قتل شعبها، والآن يعملون حثيثاً علي عودتها.. إحذر هؤلاء يا ولدي أنت وكل أقرانك. الابن: شكراً لك يا أبتِ، الآن اتضحت الصورة أمامي من جميع زواياها الأربع، ومن ثم سأدعم المشير السيسي في الانتخابات الرئاسية. الأب: علي بركة الله يا ولدي، وحفظك الله وحفظ المشير السيسي من كل مكروه وسوء.. قالها الأب وهو يحتضن ابنه الجامعي.