صرح د.محمد صابر عرب وزير الثقافة عن استيائة البالغ من رد فعل العالم حول أحداث التفجير الذي وقع صباح الجمعة الماضية أمام مديرية أمن القاهرة والذي طال مبني دار الكتب ومتحف الفن الاسلامي بباب الخلق، قائلا أنه تم اختزال المشهد في الحالة السياسية التي تمر بها البلاد فقط ولم يعالج الموضوع من الناحية الإعلامية علي أساس أننا أمام جريمة هدم وتنكيل بهذا التراث الحضاري الضخم الذي هو ليس ملكا للمصريين فقط بل للإنسانية كلها، وأضاف عرب أن حدوث جريمة في الشارع الذي يقاوم الارهاب شئ مفهوم ولكن من غير المفهوم أن تستهدف ذاكرة الأمة وتراثها وثقافتها الممثلة في هذا المبني التاريخي، وأضاف عرب أنه قد تم تشكيل لجان فنية استشارية لمعرفة حجم الخسائر التي طالت الدار ولا نستطيع أن نفتح باب التبرعات قبل أن تنتهي هذه اللجان من عملها خلال أسبوع لتعلن عن تقديراتها المالية لحجم الخسائر وسيفتح حساب مفتوح لهذا المشروع مؤكدا أن هذا المبني عندما افتتح عم 2007 كان 50% من المبلغ الذي انفق عليه تبرعات من شخصيات عربية ووطنية مصرية، معلنا عن إصرار الحكومة علي إعادة دار الكتب والمتحف في اقرب فرصة، وأن المصريين مصرون علي استكمال مشوارهم في التحول الديمقراطي وبناء الدولة الديمقراطية الوطنية المدنية، جاء ذلك خلال المؤتمر الصحفي والمعرض الذي أقامته دار الكتب والوثائق القومية بالتعاون مع قطاع الفنون التشكيلية بعنوان بين ثقافة الهدم وثقافة البناء ' بمتحف الفن المصري الحديث، وكان اختيار المكان ليدلل للعالم أجمع حجم ما تمتلك مصر وتزخر به من ثقافة وحضارة انسانية تخدم البشرية كلها، بحضور م. محمد أبو سعدة رئيس قطاع مكتب وزير الثقافة ورئيس قطاع صندوق التنمية الثقافة، د.عبد الناصر حسن رئيس دار الكتب والوثائق القومية، د.صلاح المليجي رئيس قطاع الفنون التشكيلية، د.كاميليا صبحي رئيس قطاع العلاقات الثقافية الخارجية، د.عبد الواحد النبوي رئيس دار الوثائق، د.أحمد عبد الفتاح رئيس الادارة المركزية للمتاحف والمعارض، محمد دياب رئيس الادارة المركزية لمراكز الفنون، ايمان عز الدين المشرف علي دار الكتب بباب الخلق وعدد من السفراء ومندوبيهم وهم غينيا، باكستان، المغرب، تونس، ومندوب سفارة الهند، اسبانيا، الصين، الذين ابدوا تضامنهم الكبير مع مصر في هذه الكارثة، وقد كان سفير المغرب أول الحاضريين في هذا الافتتاح معبرا عن مدي حرصه في التواجد وأنه متضامنا مع مصر وسيقف بجوارنا إلي أن يستعيد هذا الصرح بهائه، مؤكدا أن هذا التراث ملك للانسانية وليس لمصر فقط، وأن هذا الحادث مأسوي وأنه يدرك أهمية الدار كمبني ومحتوي. واستعرض صابر خلال المؤتمر الصحفي تاريخ دار الكتب والوثائق القومية منذ نشأتها في أواخر القرن التاسع عشر وبالتحديد في عام 1870 وافتتاحها في عام 1904، حيث كانت البدايات الأولي لدار الكتب أو الكتب خانة في قصر الأمير مصطفي باشا فاضل في شارع الصليبة ثم انتقل المتحف الي باب الخلق، وجري اكتتاب عليه بدعوي من علي باشا مبارك، فأهدي الأمراء مكتباتهم والتي تحوي النفائس من المخطوطات والمصاحف والعملات والبرديات وبعضها يرجع تاريخها الي القرن الأول الهجري الي دار الكتب بباب الخلق، واستطرد عرب أن رؤساء الدار كانوا حتي عام 1914من الألمان وبعد الحرب العالمية الأولي تولي أول مصري رئاسة دار الكتب وهو لطفي السيد، كما عُين بالدار توفيق الحكيم وكيلا لها وأحمد رامي، وكان إحسان اوغلو والد أكمل الدين احسان اوغلو من الذين خرجوا من تركيا عقب سقوط دولة الخلافة وجاء إلي مصر وعُين مشرفا علي قسم المخطوطات الشرقية بالدار، ولما تُوفي إحسان أوغلو عُين ابنه وكان طالبا بكلية العلوم بجامعة عين شمس في نفس وظيفة والده والذي اصبح أمينا عاما لمنظمة المؤتمر الاسلامي الذي عُقد منذ اسبوعين، وظلت دار الكتب بباب الخلق تقدم رسالتها حتي عام 1975 بعد افتتاح دار الكتب والوثائق القومية الجديدة برملة بولاق فتم نقل كل ما تحوية الدار بباب الخلق الي المبني الجديد الذي كان علي النموذج الفرنسي في حفظ المخطوطات، ثم تمت العودة الي دار الكتب بباب الخلق بعد ترميمها وتجديدها وتزويدها بأحدث الوسائل الحديثة من كمبيوتر وتكييف ووسائل حماية مع المحافظة علي روح المبني الذي افتتح في عام 2007، وكان السائحون والطلبة والمستشرقون العرب والاجانب والمثقفون وكبار المفكرين والشعراء والأدباء يأتون الي باب الخلق ويشعرون بقدر كبير من الطاقة مما تحوية الدار من تراث وإرث تاريخي، وقد دمرت اعداد من المخطوطات من أندر واقدم تراث تملكه البشرية، وأشار عرب أنه لأول مرة يظهر علم التحقيق للمخطوطات وكان في دار الكتب والوثائق المصرية، كما أضاف عرب بأننا سنعيد بناء دار الكتب وسيكون علامة دالة وواضحة علي ما يُحدثه الارهاب في ثقافتنا ووعينا ولابد أن نعلم اولادنا بأن روحنا الثقافية السمحة تعرضت لانفجار ليس كبناية ولكن كتاريخ وثقافة وتراكم وعي، مشيرا بأن الحكومة وافقت علي اسناد اعمال تطوير متحف محمد محمود خليل إلي شركة المقاولون العرب. وقال د.عبد الناصر أن ما حدث لدار الكتب بباب الخلق من دمار يجعلنا جميعا نتخذ موقفا جادا تجاه تلك الأعمال الحقيرة التي لن توقف تاريخ التقدم ولن يثنينا هذا القبح في أن نُعيد بناء هذا الصرح مرة اخري، مطالبا أن تتوقف العمليات الارهابية فورا وأن يعرف كل منا مكانه في بناء هذه الحضارة العظيمة التي امتدت في العالم منذ آلاف السنين، مؤكدا أن الحضارة المصرية والعربية هما الحضارة المتميزة الضاربة بجذورها في عمق التاريخ، وعندما نري محتويات دار الكتب من محتوياتها النفيسة من مخطوطات وبرديات ومجموعات من الخط العربي من أندر المجموعات، لابد و أن ترتفع لدينا قيمة احساسنا بالوعي والثقافة. وفي كلمتها قالت إيمان عز الدين أننا الآن نقف أمام هجمة تتارية ضد كل ما هو انساني ولكن لن ننحني أمام هذه الهجمة البربرية وسيقوم باب الخلق مرة أخري ويرمم ويؤدي دوره، واشارت الي المجموعة الخاصة من فرمانات ومراسيم بدار الكتب دخلت سجل ذاكرة العالم بمنظمة اليونسكو عام 2005، والمجموعة الفارسية وهي نسخة واحدة دخلت ذاكرة العالم باليونسكو ايضا عام 2007، وفي يونيو 2013 دخلت مجموعة المصاحف المملوكية وعددها 140مصحف أيضا الي ذاكرة العالم، مؤكدة أن هذا التراث ليس مصريا أو عربيا أو اسلاميا فقط بل إرث وتراث عالمي نفتخر و نحتفظ به، وقد دُمر العرض المتحفي وعدد من البرديات والمخطوطات، آمله في دعم العالم العربي والاسلامي والأجنبي لاعادة دار الكتب بباب الخلق مرة أخري الي ماكانت عليه. بدأ المعرض بعرض فيلم توثيقي بعنوان 'بين ثقافة البناء وثقافة الهدم ' في ساحة متحف الفن الحديث بالاوبرا، أعقبه افتتاح معرض صور عن الدار يضم 25 لوحة لما كانت عليه الدار قبل التفجير وبعده، وخلال المؤتمر الصحفي تم عرض فيلم تسجيلي حول دار الكتب بباب الخلق اثناء الترميم وقبل افتتاحه في عام 2007 يوضح مراحل الترميم وما كانت عليه الدار بعد افتتاحها.