لأكثر من مرة وأنا أحاول الهروب من واقع سياسي ملتبس، لأعيش زمانًا آخر غير زماننا، عل النفس تهدأ، ويصبح المرء أكثر اعتدالا والفكر انقي صفاء.. راحت يداي إلي كتاب المفكر طارق البشري 'الحركة السياسية في مصر من 1945- 1952'.. أنسقت وراء ما أورده من تأريخ عاصرت بعضًا منه طالبًا بالمدرسة التوفيقية الثانوية، والتي جاء ذكرها فيما أورده الكتاب من أحداث، كنت مشاركا فيها، وليتني ما فعلت، تذكرت أيام الشباب ولنصف قرن مضي من الزمان، وخروجنا في تظاهرات طلابية، نحمل علم مصر بيد، والأخري تحمل علم المدرسة. في الفصل الثالث من الكتاب، وبعنوان الإخوان المسلمين، وما كان من علاقات مباشرة ولقاءات بين المرشد العام والملك، وشراكة الملك في اختيار المرشد العام،.. أنشأت الجماعة قسمًا للطلاب بداخلها، تركزت نشاطاته في الجامعات والمدارس والأزهر، عماده تشكيل فرق من الكشافة ذات طابع عسكري، تحولت فيما بعد إلي النظام الخاص 'التنظيم الإرهابي في الجماعة'، تشكيلات زاد من قوتها أنها تجري باسم الدين، كما جاء باعتراف قاتل النقراشي، وأنه انتقل من نظام الجوالة إلي التنظيم الإرهابي.. يقول الكتاب عن حركة الاخوان المسلمين.. 'رغم مواقفها البالغة التميع بعد الغاء معاهدة 1936، وعزوفها الصريح عن الارتباط بالحركة الثورية، من خوض الكفاح المسلح ضد الاستعمار الإنجليزي، في وقت نادت فيه جميع التيارات الشعبية بالدعوة إليه.!!'.. أدعو شباب اليوم لقراءة الكتاب. أسست أمريكا حلف بغداد في الأربعينيات، وأوكلت لبريطانيا إدارته ماليًا وإداريًا، ولم تكن مصر منضمة لهذا الحلف، وكان كل هم الامبريالية العالمية هو انضمام مصر إلي الحلف، وقد أشار الأمريكي للإدارة المسئولة بأن القادر علي التأثير، لدخول مصر حلف بغداد هم الاخوان المسلمين، طلبت الجماعة اربعة ملايين استرليني ثمنا لذلك، وتم لها ما أرادت، وما استطاعت الجماعة أن تفي بوعدها، فما دخلت مصر الحلف وما ردت الإخوان الملايين الأربع.. عملية نصب سياسية.. أهدي هذا الباب لرئيس وزراء مصر الحاج الببلاوي، ليعرف من سطور التاريخ أنها جماعة إرهابية منذ نشأتها، تاريخًا وسلوكًا، انتماءهم لفكرة الخلافة منكرين فكرة الوطن بالمرة بقولتهم 'التدين هو الوطن' ومنه يستبين تعبير المرشد السابق 'طظ في مصر' مستهينًا بها وبشعبها.. الإخوان أول من اشعل النيران في القاهرة في 26 يناير 1951.. كتاب 'واحترقت القاهرة' لأحمد حسين. إبان عضويتي في حزب العمل الاشتراكي، قرر المهندس إبراهيم شكري أن يتحالف مع الاخوان المسلمين، وكنت من أشد المعارضين للتحالف.. قاومته وشعارهم الزائف 'الاسلام هو الحل' أسقطنا التحالف، أوقفنا نشاط الحزب تمهيدا لحله وقد تم لنا ما أردته وزملائي، والنتيجة أن هشموا سيارتي المرسيدس بجراج الحزب.. الإخوان لا يعرفون أية لغة للتفاهم أو الحوار غير العنف، وإنكارهم الشديد للوطن، ظهر الإنكار جليا يوم زار مرسي العياط السودان.. وفي حديث بينه وبين البشير عن حلايب وشلاتين، وضمها لأراضي السودان، رغم موقعها الاستراتيجي الهام، سياسيًا واقتصاديا وأمنيا.. قال مرسي لزميله البشير الحاكم الإخواني للسودان 'المكان الذي يرتاح إليه ضميرك وتضع قدمك فيه هي حدودك المشروعة'. من سوءاته أيضًا إقليم قناة السويس، وتحويل المشروع إلي ملكية خاصة، لاعضاء الهيئة العامة لتنمية اقليم قناة السويس، واعتبار أهالي الإقليم شعبًا آخر منفصل عن الوطن الأم، في نظم التعليم والثقافة والقضاء، وبسلطات مطلقة لرئيس الجمهورية، بعيدًا عن الأعراف والتقاليد والدساتير.. أفرج عن المجرمين والإرهابين بالمئات.. منح الجنسية المصرية لغير المصريين وأسكنهم سيناء، وأعلنها جمهورية للإرهاب، بالتعاون مع حماس، وإقامة مشروع عسكري مع ميليشيات الإخوان، كنواة لجيش موازٍ، لجيش الوطن بعد تفكيكه، طبقًا لمخططات اجهزة المخابرات الأمريكية، تمامًا كما حدث في الجيش الوطني العراقي وتمزيقه علي يد بول بريمر، الحاكم الأمريكي للعراق، وليكون الجيش المصري ثالث ثلاثة في المخطط الاستعماري، مرشحا للحل والتمزيق تحقيقا لمشروع الشرق الاوسط الجديد، وضرب القوس العسكري القوي مصر وسوريا والعراق حفاظًا علي أمن اسرائيل. هذا ما ساقتني إليه قراءتي لأستريح من عنف توابع زلزال حكم الإخوان المسلمين، وليعرف الشباب عمق التحديات والمؤامرات والفخاخ التي تنصب لشعب مصر وتقسيمه إلي دويلات أو ولايات، من مشروع الشرق الأوسط الجديد، أو مشروع الخلافة الإخوانية.. شعب مصر قاهر الاستبداد مفجر ثورات التحرر الوطني، من ثورة يوليو وتوابعها في العالم الثالث بأسره، وحتي ثورتي 25 يناير و30 يونية، أمامكم امتحان صعب، إما انتصار قوي الشرق العالمية ومؤامرات الصهيوأمريكية، أو انتصار إرادة شعب مصر والتي هي إرادة الأمة العربية بأسرها.. الطريق الي تحقيق كسر قوي الشر الصهيوأمريكية والخلافة الإخوانية والشرق أوسطية، هي التصويت بنعم للدستور الجديد، لتكون ثورتكم الثالثة التي تبهرون بها العالم.. أثق تمامًا في شعب مصر وقبوله التحدي.