أكد الدكتور عبد الرحيم ريحان مدير عام البحوث والدراسات الأثرية والنشر العلمي بسيناء ووجه بحري أن وادي فيران يعد كنزا أثريا وسياحيا وبيئيا غير مستغل حتي الآن مطالبا بتحويله لمتحف حضاري طبيعي مكشوف يضم الكنوز الأثرية التي تؤكد التعايش الحضاري والتسامح علي أرض مصر لتنشيط السياحة الثقافية والدينية بالوادي. وطالب ريحان- في تصريح له اليوم الجمعة- بضرورة استغلال مجاري السيول بالوادي بعمل سدود وخزانات لتوفير المياه وإعادة اللون الأخضر لأشجار الوادي التاريخية واستغلال الطبيعة المتفردة من جبال لها سحر خاص يجمع بين البشر والحجر والشجر في مكان واحد وذلك لتنشيط السياحة البيئية بالوادي. واشار الي ان هذا الوادي حظي بزيارات الرحالة الأوربيون منذ القرن السادس الميلادي وقد سجلت مواطن الجمال في هذه الوادي لوحات الفنانة التشكيلية اليونانية إيليني باولو التي جمعت في لوحاتها الخالدة بين الأثر والشجر والطبيعة الخلابة. واضاف أن وادي فيران يقع علي بعد 60كم شمال غرب دير سانت كاترين طوله 5كم وعرضه ما بين 250 إلي 375م وكان يتميز بغزارة المياه من الآبار والعيون التي تغذي حدائق الوادي وقد نضبت بعض آبار الوادي مما أدي لقلة المياه. وأوضح ان الوادي أخذ شهرته من وجوده في سفح جبل 'سربال' العظيم الذي يبلغ ارتفاعه 2070م فوق مستوي سطح البحر، موضحا ان اسم سربال ارتبط بشجر النخيل عند سفح الجبل وكان الجبل محل تقديس قبل رحلة خروج بني إسرائيل إلي سيناء. وقال إن الوادي يحتضن مدينة مسيحية متكاملة مكتشفة بسيناء تحوي آثار عمرها أكثر من 1500عام من القرن الرابع إلي السادس الميلادي شهدت قدوم المسيحيين إليها من أوربا آمنين مطمئنين علي أرض الفيروز في رحلتهم إلي القدس عبر سيناء ومنهم الراهب كوزماس عام 535م والراهب أنطونيوس عام 565م. واضاف ان الوادي كان ملجأ للمتوحدين الأوائل بسيناء الذين لجأوا إليه هربا من اضطهاد الرومان في القرن الرابع الميلادي وبنوا قلايا 'مكان تعبد الراهب' من أحجار الوادي ما زالت باقية حتي الآن كما يضم الوادي الجبل التاريخي الشهير وهو جبل البنات الذي يحتضن دير البنات الذي يعود للقرن الخامس الميلادي. ونوه ريحان إلي أن المنطقة الأثرية بوادي فيران تضم مدينة بيزنطية متكاملة بتل محرض الأثري وتبلغ مساحته 400م طول 200م عرض له سور من القرن السادس الميلادي أساساته من الحجر والجزء العلوي من الطوب اللبن, وتضم منازل واضحة التخطيط ومقابر علي أطراف المدينة وأربعة كنائس منهم الكنيسة الأسقفية الخاصة بالكرسي البابوي وكنيسة المدينة وقد خصص جزء منها كمستشفي, مشيرا الي ان مطرانية فيران تعد أقدم مطرانية بسيناء منذ عام 451م وكان بها مقعد الباباوية. وأكد خبير الاثار أن مطرانية فيران انتقلت إلي طور سيناء 'منطقة سانت كاترين الحالية ' بعد بناء دير طور سيناء الذي أطلق عليه دير سانت كاترين في القرن التاسع الميلادي للقصة الشهيرة لسانت كاترين والعثور علي رفاتها فوق قمة الجبل الذي عرف باسمها بعد ذلك, وقد انتقل مركز مطرانية سيناء من وادي فيران إلي دير طور سيناء بعد بنائه بتسعون عاما, وأصبح دير سانت كاترين مركزا لأبرشية سيناء، وأصبح المطران يلقب ' مطران دير طور سيناء وفيران وراية ' وراية مقصود بها مدينة طور سيناء الحالية. وقال إن وادي فيران يحوي جبل الطاحونة المواجه لتل محرض الأثري ويتميز بجمال غير عادي ويرتفع 886م فوق مستوي سطح البحر ويضم قلايا مسيحية من القرن الرابع الميلادي وكنائس من القرن الخامس والسادس الميلادي بنيت بالأحجار الرملية الحمراء المأخوذة من نفس الجبل دليل علي التفاعل بين الإنسان والبيئة واستخدموا مونة من الحيب الناتج عن كثرة السيول بالمنطقة التي تجلب هذه المونة إلي سفح الجبل كما تكشف قمة جبل الطاحونة جمال الوادي وتدرج جباله وجمال المنطقة كلها. و اضاف أن الدور الحضاري لهذا الوادي مازال مستمرا حتي الآن فلقد حصل دير سانت كاترين علي حديقة كبيرة عام 1898م يسقيها خزان كبير بجوار تل محرض الأثري وقام راهبان من دير سانت كاترين ببناء كنيسة بهذه الحديقة عام 1970م تسمي كنيسة سيدنا موسي وتم بناء دير حول هذه الكنيسة عام 1979م يتميز بأشجار السرو الباسقة رمزا للخلود وخصص للراهبات التابعين لدير' سانت كاترين' ويسمي دير البنات الحديث.