أكد مدير عام البحوث والدراسات الأثرية والنشر العلمى بسيناء ووجه بحرى الدكتور عبد الرحيم ريحان في دراسة علمية عن آثار وادى فيران أن الوادى يعتبر كنزا أثريا سياحيا يمثل واحة النساك الأوائل بها وهو واد متفرد وملتقى للحضارات التى تركت نقوشها على صفحات صخوره الوردية. وأضاف ريحان "أن الوادى يضم أكبر وأهم مدينة مسيحية بسيناء ، حيث تحوى آثار من القرن الرابع إلى السادس الميلادى وشهدت قدوم المسيحيين إليها من أوروبا آمنين مطمئنين على أرض الفيروز ، ومنهم الراهب كوزماس عام 535 م ، والراهب أنطونيوس عام 565 م". ولجأ النساك إلى وادى فيران وبنوا قلايا من الحجر (مساكن الرهبان) منها وادى سجلية وبه موقع الكرم الذى يرتفع 1200 متر فوق مستوى سطح البحر ، وبه دير صغير يحوى أربع قلايا، كما تجمع الرهبان بأحد الجبال بالوادى يسمى جبل البنات يحوى دير يطلق عليه دير البنات يعود للفترة ما بين القرن الخامس إلى السادس الميلادى. وأشار الباحث إلى أن الوادي يحوى أقدم كاتدرائية بسيناء ، كانت تضم العديد من الكنائس قبل إنشاء دير طور سيناء فى القرن السادس الميلادى والذى أطلق عليه دير سانت كاترين فى القرن العاشر الميلادى للقصة الشهيرة عن هذه القديسة ، منوها بأن فيران فى القرن الرابع الميلادى كانت مدينة أسقفية حولها العديد من القلايا وبها مقعد الباباوية وكان فيها عدة أديرة وكنائس. ويؤكد الباحث الأثري المصري أن وادى فيران يضم مدينة مسيحية متكاملة بمنطقة تل محرض فى الجزء الجنوبى الشرقى من دير البنات الحديث بوادى فيران طولها 400 متر وعرضها 200 متر لها سور خارجى بنى فى القرن السادس الميلادى بنيت أساساته من حجر الجرانيت والأجزاء العليا من الطوب اللبن وتحوى المدينة أربع كنائس ومنازل ومقابر على أطرافها. وكشف عن أن فيران بها جبل شهير كان مقرا للنساك الأوائل بسيناء منذ القرن الرابع الميلادى يطلق عليه جبل الطاحونة فى مواجهة تل محرض يرتفع 886 مترا فوق مستوى سطح البحر عليه كنيستان كبيرتان بالإضافة لثلاث كنائس صغيرة ، وقد استخدم في بناء هذه الكنائس الحجر الجرانيتى الأحمر والحجر الرملى الأحمر المتوفر بوادى فيران ، مما يدل على التفاعل بين الإنسان والبيئة. وأكد الباحث الأثري الدكتور عبد الرحيم ريحان مدير عام البحوث والدراسات الأثرية والنشر العلمي بسيناء ووجه بحري أن كنائس وادى فيران علاوة على دورها الدينى فقد كان لها أدوار اجتماعية تتمثل في علاج المقيمين داخل وخارج المدينة ، حيث كانت هناك كنيسة تقع بوسط تل محرض يطلق عليها كنيسة المدينة هى التى تستقبل المرضى. وأضاف أنه كان لكاتدرائية فيران أيضا دورا مهما فى استقبال المسيحيين القادمين من أوروبا فى رحلتهم المقدسة إلى القدس عبر سيناء ، وكانت هناك أماكن مخصصة لهم بالكاتدرائية ، كما تحوى المدينة منازل ومقابر للمسيحيين لم تمس بسوء مما يؤكد حرص المسلمين طوال العصور الإسلامية التى مرت على سيناء وحتى الآن على حمايتها مثل كل الآثار المسيحية المكتشفة بسيناء. ولفت إلى أنه تم نهب هذه المقابر بواسطة سلطة الاحتلال الصهيونى أثناء احتلال سيناء ونهبت محتوياتها وسرقت جسامين الرهبان. وأشار الباحث إلى أن الدور الحضارى لمنطقة وادى فيران استمر وازدهر عبر العصور الإسلامية ، وحتى الآن فلقد حصل دير سانت كاترين على حديقة كبيرة عام 1898 م يسقيها خزان كبير بجوار تل محرض الأثرى ، وقام راهبان من دير كاترين ببناء كنيسة بهذه الحديقة عام 1970م ، وتسمى كنيسة سيدنا موسى ، وتم بناء دير حول هذه الكنيسة عام 1979 م خصص للراهبات التابعين لدير كاترين وهو دير البنات الحالى. وطالب الدكتور ريحان باستغلال هذا الوادي وآثاره المهمة والنادرة في تنشيط وترويج السياحة الدينية بسيناء واستغلال مناظره الطبيعية الخلابة وجباله الجرانيتية والرملية الحمراء وأوديته في تنشيط السياحة البيئية ، وسياحة السفاري واستغلال مجارى السيول بالوادى فى عمل سدود وخزانات لتوفير المياه العذبة لكل سيناء ، بدلا من تحويلها لقوة تدميرية ، وإعادة اللون الأخضر لأشجار الوادى واستغلال الطبيعة المتفردة به فى تحويله لمتحف حضارى طبيعى مكشوف يضم كل هذه الكنوز المعمارية والفنية. جدير بالذكر أن وادى فيران يقع على بعد 60 كم شمال غرب دير سانت كاترين ، وطوله 5 كم وعرضه ما بين 250 إلى 375 متر ، يحده من الشمال جبل البنات ومن الجنوب جبل سربال ، ومن الشرق جبل أبورا ومن الغرب جبل هداهد.