منذ عزل الرئيس السابق محمد مرسي، وانحياز الجيش للإرادة الشعبية في 30 يونية الماضي، بدأت الأعمال الإرهابية تتوالي بداية من سيناء، ثم امتدت إلي القاهرة والمحافظات، إلي أن وقع الحادث المروع الذي طال كنيسة الوراق قبل أيام، حيث كان الجميع يصطف ليرددوا الترانيم، تغمر وجوههم الفرحة والسعاده ينتظرون إنهاء طقوس العرس، ولم يدركوا انهم يستعدون لطقوس الجنازة، حيث تلاقت ترانيمهم عند عبور باب الكنيسة برصاص الإرهاب والغدر من قبل ملثمين، لتحصد أرواحًا بريئة لا ذنب لها في أي صراع سياسي، وتكسو الدماء ملابس الفرحة وتعلو الصرخات والنحيب والبكاء علي صوت الترانيم، وتحول حفل الزفاف إلي جنازة مروعة بعدما سقط خمسة أبرياء 'رجل وامرأة مُسنة وطفلتان ومسلم' فضلاً عن إصابة 17 آخرين. وأكدت شخصيات سياسية وحزبية قبطية ان حادث الوراق كارت محروق تستخدمه 'المحظورة' لإشعال الفتنة الطائفية، والانتقام من الاقباط لموقفهم الواضح في ثورة 30 يونية، وعقاب النظام الحالي علي عزل رئيسهم مرسي، كوسيلة للضغط في محاولة لإعادة فصيلهم للاستيلاء علي الوطن.. وأكد المفكرون ان مصر لن تنقسم وان الإرهاب الذي يمارس ضد الوطن يزيد من قوة الوحدة الوطنية بين جموع الشعب. وقالت القيادية بحزب المصريين الأحرار 'مارجريت عازر': إن حادث كنيسة العذراء بالوراق الذي راح ضحيته 5 أشخاص من بينهم الطفلة مريم التي لا ذنب لها في أي خلاف سياسي، يُعد عملًا إرهابيًا خسيسًا، من قام به لا يستحق لقب آدمي. وشددت عازر علي ان الحادث لن يكون فتيلا لإشعال أزمة طائفية بين المصريين، بالعكس فإنه سيزيد من الوحدة الوطنية بين مسلمي وأقباط مصر، ولن يجني ما يريده الجناة الإرهابيون. وأشارت عازر إلي أن حالات المصابين والضحايا في المستشفيات تدمي القلوب، وقالت إن تلك الأعمال الإرهابية تزيد من كره الشعب للإخوان، حيث أصبحت جماعة منبوذة، وأضافت: انه لا يمكن اتهام الإخوان وحدهم بالوقوف خلف ذلك العمل عديم الإنسانية، ولكنه لا يخرج عن نطاق الجماعات الإرهابية الخارجة علي القانون والتي تسعي لإفساد مصر. وقالت عازر إن مصر ستظل بمسلميها ومسيحييها يدًا واحدة متكاتفة ولن يستطيع أي فصيل زرع الفتنة بين أبناء الوطن، والقيام بعقاب الأقباط لموقفهم في ثورة 30 يونية، ولكن ذلك الحادث سيجعل الشعب بأكمله يقف بجوار الجيش للقضاء علي الإرهاب وإعادة الآمان للوطن. ويري البرلماني السابق المفكر القبطي 'جمال أسعد عبد الملاك'، أن حادث كنيسة الوراق يعيد إلي الأذهان إرهاب الثمانينيات والتسعينيات، حيث كانت مثل هذه الأعمال تستهدف الأقباط والكنائس والشرطة والمدنيين أيضًا. وقال أسعد إن العمليات الإرهابية كانت متوقعة عقب فض اعتصامي رابعة والنهضة، حيث خرجت قيادات 'المحظورة' بتهديدات صريحة ومباشرة بإشعال الإرهاب في جميع أرجاء الوطن، إذا لم يعد المعزول إلي الحكم، وبدأت في سيناء ثم انتقلت إلي القاهرة والإسماعيلية، في محاولة اغتيال وزير الداخلية، واقتحام مقر المخابرات العسكرية بالإسماعيلية. وأشار 'عبد الملاك' إلي ان حادث كنيسة الوراق المروع هو مجرد تصعيد جديد وخطير للعمليات الإرهابية، التي كانت مقتصرة علي سيناء ثم امتدت إلي الكنائس والأقباط للضغط علي النظام الداخلي والرأي العام الخارجي، ومحاولة إشعال الفتنة وتفتيت الشعب، ولكن الجماعة المحظورة أصبحت تلعب بكارت محترق لا قيمة له وهو كارت 'الفتنة الطائفية'. وأوضح 'عبد الملاك' ان حادث كنيسة الوراق ليس مجرد عمل الهدف منه فقط إشعال الفتنة الطائفية، لأنه بعد فض اعتصامي رابعة والنهضة أصبحت تلك الأعمال تدور في نطاق تمزيق المشهد السياسي العام في مصر، وليس الهدف هم الأقباط وحدهم، حيث إن الأمر أصبح صراعًا بين 'المحظورة' والنظام الحالي عقب ثورة 30 يونية التي دعم فيها الجيش الإرادة الشعبية، مشيرًا إلي ان الأقباط أصبح لديهم وعي بأنهم ليسوا الهدف الوحيد ولكنهم جزء من مخطط يستهدف الشعب بأكمله. ويري 'عبد الملاك' أن العمليات الإرهابية التي تستهدف الأقباط والكنائس عن طريق إطلاق النار العشوائي بالسيارات أو الدراجات البخارية، لم تعد أمرًا غريبا بل أصبحت أسلوبًا معتادًا للإرهابيين، ومحاولتهم دائمًا لإفساد فرحة الشعب في الأعياد والأفراح وتحويلها إلي جنائز. وفي السياق نفسه علق المفكر القبطي 'كمال زاخر' علي حادث كنيسة الوراق قائلاً: إنه ليس عملًا إرهابيًا الغرض منه إحداث فتنة طائفية، ولكنه عمل اجرامي يستهدف مصر بأكملها مثل الأعمال الإرهابية التي أعقبت فض اعتصامي رابعة والنهضة، وتفجيرات سيناء والاعتداء علي مؤتمر الأديب علاء الأسواني في باريس. وأكد زاخر ان الإرهاب ليس أمرًا غريبًا ولكنه كان متوقعًا الحدوث، حيث كانت المحظورة بمثابة العباءة السوداء التي أخرجت من طياتها الميليشيات المسلحة والجماعات الجهادية، وقامت بتقسيم المصريين إلي قبطي ومسلم، ولكن بأفعالهم تلك جعلوا رباط الوحدة الوطنية أكثر تماسكًا، ضد تنظيم إرهابي استولي علي مصر لمدة عام ثم سقط شر سقوط، ما جعل ذلك الفصيل الإرهابي يبدأ في الانتقام بشكل دموي وإرهابي. ووصف زاخر الاعتداء علي كنيسة العذراء بالوراق بأنه 'رسالة انتقام واضحة' من الأقباط نظرًا لدورهم في ثورة 30 يونية، حيث إن قتل الأقباط هو أسلوب معتاد للمحظورة للانتقام من النظام وتوريطه في أزمات وفتن، من خلال القيام بجرائم تتنافي مع مبادئ الإنسانية، خلف قناع الإرهاب من أجل إعادة المعزول حتي إن كلفهم الأمر تلطيخ أيديهم بدماء المصريين، ويري زاخر انه لابد من عقد اجتماع للأمن الوطني من أجل التصدي لأعمال الإرهاب والتوصل إلي الجناة وبتر يد العنف. وأشار 'أمين إسكندر'، القيادي بحزب الكرامة، إلي أن من قام بحادث كنيسة العذراء بالوراق وغيرها من العمليات التي تستهدف الكنائس والأقباط، لم يعد هدفهم إشعال فتنة طائفية بقدر رغبتهم في تخريب المشهد السياسي الحالي وعقاب الشعب علي ثورته المجيدة التي دعمها الجيش، وإظهار فشل الأمن في التصدي لأعمال العنف والتخريب، ومحاولتهم زعزعة الوحدة الوطنية، ولكن غاب عن ذهن المجرمين ان الشعب الذي أسقط نظامي مبارك ومرسي كان يهتف في الميدان حاملًا القرآن والصليب جنبًا إلي جنب ليس هناك فرق بين مسلم وقبطي، لن يخدع بمثل تلك الألاعيب القذرة لتقسيم وحدة الوطن. وأكد جورج إسحاق، الناشط السياسي أن مصر ستظل قوية متماسكة مهما حدث ومهما مرت به رغم أنف الإرهاب والخونة، وان حادث كنيسة العذراء بالوراق لن يشعل فتيل أزمة مفتعلة للمساس بوحدة مصر، ووجه إسحاق التحية إلي كل شهداء الإرهاب مسلمين وأقباطًا قائلاً.. 'كلنا مصريون'. وأضاف إسحاق ان استخدام الأقباط وسيلة انتقام من النظام هو أسلوب متوقع من الجماعات التكفيرية الإرهابية التي أدركت ان القتل والعمليات التفجيرية وإراقة الدماء لن تحقق ما يريدون، خاصة في ظل تكاتف الجيش والشرطة والشعب بمسلميه وأقباطه، وبالتالي بدأوا في استخدام ورقتهم المحروقة وهي قتل الأقباط. وزرع فتيل الفتنة بين جموع المصريين، مؤكدا انه لا يمكن تحميل الحكومة مسئولية تلك الأعمال الإرهابية وحدها، حيث إنه لابد من تكاتف المجتمع بأكمله ومنظماته ومؤسساته ل بتر 'يد الإرهاب'.