هل تدرك مشاعرك؟ هل تستطيع التحكم بها، بل والسيطرة عليها؟ هل تستطيع «تحفيز» نفسك لإتمام عملك؟ هل تشعر بالآخرين، بل وتستطيع التواصل معهم بمشاعرهم عاطفيًّا؟ من هنا، أستطيع أن أقرّ أن «الذكاء العاطفي» له دور هام جدًّا فى «إنجاز» مهام العمل، بل وأيضًا فى «قيادة» العمل من أجل تفسير هذا الأمر، دعونا نبدأ بتعريف مفهوم «الذكاء العاطفي»، وما الفرق بين الذكاء العاطفي، والذكاء العقلى المنطقي؟ «الذكاء العاطفي» هو قدرة الفرد على إدارة مشاعره، متطلباته بل واحتياجاته، وفهم ذاته من أجل تحقيق أهدافه، الذكاء العاطفى يعتمد على المدخلات العاطفية من المشاعر، والتحكم فى العاطفة، وتوجيهها التوجيه السليم.. أما «الذكاء العقلى المنطقي» فهو الذكاء الذى يعتمد على تحليل المعلومات، وليس تحليل المشاعر. دعونا نبدأ بتحليل وشرح مفهوم «مكونات الذكاء العاطفي» الضرورية للقيادة داخل أماكن العمل. يتكوّن الذكاء العاطفى من عدة مكونات داخل النفس، أولًا: «الوعى الذاتي»، يجب أن يعى «القائد» احتياجاته الذاتية، أهدافه، نقاط القوة، نقاط الضعف، وبالتالى تشكيل خطط العمل بناءً على هذا «الوعى بالذات»، الأمر الذى يجعلنا ننتقل إلى المكون الثاني، وهو «إدارة الذات»، عندما يعى الشخص احتياجات ذاته الداخلية، تأتى الخطوة الثانية وقدرة الفرد على توجيه ذاته نحو أهدافه السليمة حسب قدراته، وإمكانياته تأتى المرحلة الثالثة فى مكونات «الذكاء العاطفي»، وهى «فهم وتحليل العلاقات الاجتماعية المحيطة»، وتأتى فى هذه المرحلة فى فهم وتحليل الشخصيات، ودراسة نمط كل شخصية، لمعرفة نقاط قوتها، وضعفها من أجل النجاح فى التعامل مع الشخصيات المختلفة بل وقيادتها. فالقائد الناجح هو من يستطيع التعامل مع الشخصيات المختلفة وجذبها، تحفيزها ناحية العمل، القائد الفاشل هو من لا يستطيع قيادة الشخصيات المختلفة عن طريق الذكاء العاطفي، بل يعمل على خسارة كل الطاقات والشخصيات، فتصبح ضده والعمل بل والتخلى عنه، وبالتالى هنا ننتقل إلى النقطة الرابعة فى مكونات الذكاء العاطفي، وهى «القدرة على إدارة العلاقات». أثبتت الدراسات أن 90 فى المئة من العاملين الناجحين، والمتميزين هم مَن يتمتعون بالذكاء العاطفى بل إن العاملين الذين يتمتعون بالرواتب الأفضل هم من يتمتعون بنسبة عالية من الذكاء العاطفي. صفات القائد الذى يتمتع بالذكاء العاطفى هو من يتمتع بعدة صفات: الثقة بالنفس، الثبات، الطموح، التفاؤل، التحفيز للعاملين، الإنصات الجيد، القدرة على تحليل الشخصيات واستيعابها، النجاح فى توجيه القدرات ليس فقط حسب القدرات العلمية بل أيضًا حسب القدرات العاطفية. ولذلك فعلى كل قائد وكل عامل وكل فرد تدريب ذاته على إدارة ذكائه العاطفى وتوجيهه إيحابيًّا لتحقيق كل ما هو إيجابى والابتعاد عن كل ما هو سلبي. يمكن أن يتم ذلك عن طريق عدة خطوات: - تدريب نفسه على الوعى العاطفى من خلال «التعاطف»: التعاطف مع الآخرين والإحساس بمشاعرهم وتوجيه طاقتهم إلى طاقة إيجابية، وحل المشكلات التى من الممكن أن تحولهم إلى طاقة سلبية، من خلال أيضًا: «التحفيز»: على القائد دائمًا أن يعمل ليس فقط تحفيز ذاته من أجل إتمام المهام بل أيضًا القدرة على تحفيز الغير، وتحميسهم من أجل إتمام المهام، والأهداف العملية. - ثانيًا: القدرة على التعامل مع المتغيرات، وإن كانت غير مرضية حتى تستطيع السيطرة على هذه المتغيرات، وإدارتها بذكائك. - ثالثًا: استرجع دائمًا تجاربك السابقة، ومحاولة تحليلها لرصد أخطائك، والتعلم منها، بل وأيضًا من أجل إعادة تنمية ذاتك ومشاعرك أولًا بأول، ربما تحتاج إلى إعادة، أو تعديل بعض الخطط المستقبلية، أو الأهداف حسب إدراك عقلك العاطفي. - رابعًا: حلل سلوكك وتصرفاتك مع الأفراد ربما تحتاج إلى تعديل. - خامسًا: حاول أن تمارس ذكاءك العاطفى فى كيفية التعامل مع الشخصيات السلبية أو السامة، وتعديلها. - وأخيرًا، «عند التعامل مع النَّاس، تذكَّر أنك (لا تتعامل مع مخلوقاتٍ منطقيّة، ولكن مع مخلوقاتٍ عاطفيّة. «ديل كارنيجي»). (إذا لم تكن قدراتك العاطفيِّة فى قبضتك، وإذا لم يكن لديك وعيٌ ذاتي، وإذا لم تكن قادرًا على إدارة مشاعرك المؤلمة، وإذا لم يكن لديك تعاطفٌ، أو علاقات فعالة، فبغض النظر عن مدى ذكائك= لن تمضى إلى غاية فى هذه الحياة «دانيال جولمان»).