مجلس أمناء الحوار الوطني يتابع تنفيذ الحكومة الجديدة لتوصياته    مدرب البنك الأهلي: لن أخوض مباراة زد قبل مواجهة سموحة    بسمة وهبة تتنقد تقصير شركة شحن تأخرت في إرسال أشعة ابنها لطبيبه بألمانيا    برواتب تصل ل11 ألف.. 34 صورة ترصد 3162 فُرصة عمل جديدة ب12 محافظة    ملفات شائكة يطالب السياسيون بسرعة إنجازها ضمن مخرجات الحوار الوطني    بنها الأهلية تعلن نتيجة المرحلة الأولى للتقديم المبكر للالتحاق بالكليات    سعر السبيكة الذهب اليوم وعيار 21 الآن ببداية تعاملات الإثنين 1 يوليو 2024    13 فئة لها دعم نقدي من الحكومة ..تعرف على التفاصيل    برلماني يُطالب بإعادة النظر في قانون سوق رأس المال    مع بداية يوليو 2024.. سعر الحديد والأسمنت بسوق مواد البناء اليوم    التطبيق من 6:00 الصبح .. المواعيد الجديدة ل غلق وفتح المطاعم والكافيهات ب القليوبية    اتحاد العمال المصريين في إيطاليا يكرم منتخب الجالية المصرية في موندياليتو روما 2024    4 جنيهات ارتفاعًا في سعر جبنة لافاش كيري بالأسواق    رئيس هيئة نظافة وتجميل القاهرة يبحث مع العاملين مستوى النظافة بالعاصمة    بدء محادثات الأمم المتحدة المغلقة بشأن أفغانستان بمشاركة طالبان    الرئيس الكيني يدافع عن تعامله مع الاحتجاجات الدموية في بلاده    رودرى أفضل لاعب فى مباراة إسبانيا ضد جورجيا فى يورو 2024    زيلينسكي يحث داعمي بلاده الغربيين على منح أوكرانيا الحرية لضرب روسيا    انتخابات بريطانيا 2024.. كيف سيعيد ستارمر التفاؤل للبلاد؟    بحضور 6 أساقفة.. سيامة 3 رهبان جدد لدير الشهيد مار مينا بمريوط    يورو 2024 – برونو فيرنانديز: الأمور ستختلف في الأدوار الإقصائية    رابطة الأندية تقرر استكمال مباراة سموحة ضد بيراميدز بنفس ظروفها    موعد مباراة إسبانيا وألمانيا في ربع نهائي يورو 2024    عاجل.. زيزو يكشف كواليس عرض بورتو البرتغالي    بسيوني حكما لمباراة طلائع الجيش ضد الأهلي    بسبب محمد الحنفي.. المقاولون ينوي التصعيد ضد اتحاد الكرة    من هي ملكة الجمال التي أثارت الجدل في يورو 2024؟ (35 صورة)    امتحانات الثانوية العامة.. 42 صفحة لأقوى مراجعة لمادة اللغة الانجليزية (صور)    حرب شوارع على "علبة عصير".. ليلة مقتل "أبو سليم" بسبب بنات عمه في المناشي    مصرع 10 أشخاص وإصابة 22 فى تصادم ميكروباصين بطريق وادى تال أبو زنيمة    صور.. ضبط 2.3 طن دقيق مدعم مهربة للسوق السوداء في الفيوم    إصابة 4 أشخاص جراء خروج قطار عن القضبان بالإسماعيلية    شديد الحرارة والعظمى في العاصمة 37.. الأرصاد تكشف حالة الطقس اليوم    بالصور والأرقام | خبير: امتحان الفيزياء 2024 من أسئلة امتحانات الأعوام السابقة    التحفظ على قائد سيارة صدم 5 أشخاص على الدائري بالهرم    تحالف الأحزاب المصرية: كلنا خلف الرئيس السيسي.. وثورة 30 يونيو بداية لانطلاقة نحو الجمهورية الجديدة    بالصور.. أحدث ظهور للإعلامي توفيق عكاشة وزوجته حياة الدرديري    ربنا أعطى للمصريين فرصة.. عمرو أديب عن 30 يونيو: هدفها بناء الإنسان والتنمية في مصر    عمرو أديب في ذكرى 30 يونيو: لولا تدخل الرئيس السيسي كان زمنا لاجئين    «ملوك الشهر».. 5 أبراج محظوظة في يوليو 2024 (تعرف عليهم)    محمد الباز يقدم " الحياة اليوم "بداية من الأربعاء القادم    في أول أعمال ألبومه الجديد.. أحمد بتشان يطرح «مش سوا» | فيديو    مدير دار إقامة كبار الفنانين ينفي انتقال عواطف حلمي للإقامة بالدار    من هنا جاءت فكرة صناعة سجادة الصلاة.. عالم أزهرى يوضح بقناة الناس    تعاون بين الصحة العالمية واليابان لدعم علاج مصابي غزة بالمستشفيات المصرية    علاج ضربة الشمس، وأسبابها وأعراضها وطرق الوقاية منها    ذكرى رأس السنة الهجرية 1446ه.. تعرف على ترتيب الأشهر    تيديسكو مدرب بلجيكا: سنقدم ما بوسعنا أمام فرنسا    وزير الري: الزيادة السكانية وتغير المناخ أبرز التحديات أمام قطاع المياه بمصر    رئيس الوزراء: توقيع 29 اتفاقية مع الجانب الأوروبي بقيمة 49 مليار يورو    أمين الفتوى: التحايل على التأمين الصحي حرام وأكل مال بالباطل    هل تعاني من عاصفة الغدة الدرقية؟.. أسباب واعراض المرض    فيديو.. حكم نزول دم بعد انتهاء الحيض؟.. عضو بالعالمى للفتوى تجيب    اعرف الإجازات الرسمية خلال شهر يوليو 2024    جامعة القاهرة تهنئ الرئيس والشعب المصري بثورة 30 يونيو    أبوالغيط يبحث مع وزير خارجية الصومال الأوضاع في بلاده    محافظ الإسكندرية يطلق حملة "من بدري أمان" للكشف المبكر وعلاج الأورام السرطانية    هل الصلاة في المساجد التي بها أضرحة حلال أو حرام؟..الإفتاء توضح    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



غزو سوريا.. وميلاد دولة إسرائيل اليهودية الكبري
نشر في الأسبوع أونلاين يوم 04 - 09 - 2013

يتجه الخيار الأمريكي الصهيوني بتسارع باتجاه التدخل العسكري في سوريا، والدليل هذه الحملة الإعلامية المضللة حول الاستخدام المزعوم للأسلحة الكيماوية علي الأرض السوريا.. إلي آخر ما يتم في إطار حملة هدفها تلفيق الاتهامات لسوريا ولنظامها الوطني بأنه هو من يستخدم هذه الأسلحة، وذلك تمهيدًا للتدخل العسكري في سوريا.
فقد نشرت البحرية الأمريكية مدمرة إضافية في منطقة البحر المتوسط، ما رفع إلي 4 عدد السفن الحربية المجهزة بصواريخ كروز من طراز 'توماهوك' في هذه المنطقة، ومعلوم أن 'كروز' سلاح أساسي في مستهل أي تدخل عسكري أمريكي، إذ لا بد من إطلاقها عند بدء النزاع من أجل 'فتح الباب' والقضاء بشكل خاص علي الدفاعات الجوية.
فعلي حين، دعت موسكو إلي عدم ارتكاب 'خطأ مأساوي' باعتماد الخيار العسكري في سوريا، معلنة أن الولايات المتحدة تقترب من تكرار 'السيناريو العراقي' فيها، حذرتها طهران من تجاوز 'الخط الأحمر'، بينما واصلت بعض الدول الغربية ضغطها علي دمشق وتلويحها بالخيارات العسكرية ضدها.
التحذير الروسي والإيراني لواشنطن من التدخل العسكري لحل الأزمة السوريا يطرح الكثير من التساؤلات.. لتبقي الأجوبة مفتوحة علي الكثير من الاحتمالات ولا سيما أن شرارة الأحداث لن تبق في نطاقها الجغرافي الضيق بل إن شرارتها ستلهب دول الجوار وما يسمي شرق أوسط 'رايس' الجديد، هذا فضلًا عن أن ما يجري في سوريا هو صراع إرادات بين ائتلافات دولية لها وزنها وثقلها السياسي والعسكري علي مسرح الأحداث ولعل الساحة السوريا هي النقطة المفصلية التي ستغير قواعد اللعبة حيث لم يبق وقت للندم لأن الوقت سيكون في كسر إرادة من باع نفسه لشيطان عربان النفط.
فإدارة خَلَفِ 'جورج بوش الابن'، 'باراك أوباما' تؤسس الآنَ لِعدْوانٍ تدميري شامِل مبَيتٍ ليس فقط علي سوريا التي كانت هَدفًا مُباشرًا مُدْرَجًا علي أجندةِ غزْوِ العِراق لولا أن أوقَفتها المقاوَمَة الوطنية العِراقية في حدودِ أرض السواد بل يشمل هذه المرّة حزمة أهداف شرّيرة واحدة، إيرانَ والمقاومة الوطنية اللبنانية والمصالح الاقتصادية والجيوسياسية الروسية والصينية، وهي تؤسس لهذا العدوان علي تخوفات واهية مِن امتِلاكِ الجيش السوري أسلحة كيماوية استخدمُها في لحظةٍ ما مِن الصِّراعِ الدائر حاليًا ضدَّ مجموعات إرهابية يحمل أفرادُها جنسيات مختلفة، يسمونها في إعلامهم وتصريحاتهم السياسية المتهافتة 'الشعب السوري'.
لذلك، وفي سياق مؤامرة ما يُسمّي 'الربيع العربي' لاستئناف تنفيذِ خطة 'برنارد لويس' من أجل إقامة الشرق الأوسط الكبير، الهادفةِ إلي تفتيتِ الدولِ الواقعةِ جغراسياسيًا بين الباكستان ومراكش، واستبدالها بدويلات فاشلة تقوم علي أسس عرقية ودينية ومذهبية وعشائرية، وتدور جميعها في فَلَكِ 'دولة إسرائيل اليهودية الكبري'، وما يفضي إليه ذلك بالضرورة مِن وَضْعِ اليَدِ الأمريكية الصهيونية علي ترسانة الباكستان النووية والحؤول دون امتلاك إيران سلاحًا نوويًّا، وتدمير الجيوش العربية الأربعة الأكبر 'العراقي، المصري، السوري، والجزائري'، والتمهيد لتأمين المصالح الاقتصادية الأمريكية في القارة الأفريقية بالقوة العسكرية ممثلةً بالقوات الأمريكية لأفريقيا 'أفريكوم' لمواجهة زحفِ التنين الاقتصادي الصيني في القارة السمراء، ومحاصَرة تسويق الغاز الروسي والإيراني لصالح الغاز القطري وتطويق روسيا عسكريًا وجيوسياسيًا وتحريك الأقليات الإسلامية في الصين وروسيا، ورفد ما يمكن اختلاقه من بؤر توتر انفصالية فيهما بما يتبقي مِن الإرهابيين الذين تمّ تسريبهم في مهمة شيطانية إلي الأراضي السوريا.
إن المشروع الأمريكي الجديد ليس مرتبطًا فقط بالحقبة الراهنة من تاريخ الولايات المتحدة الأمريكية ولا بالقيادة الحالية فحسب بل هو مشروع كان يطل برأسه بين الفينة والأخري، ومع الإدارات التي تعاقبت علي قيادة الولايات المتحدة الأمريكية وإن كان هذا المشروع قد اتخذ مع الرئيس السابق 'بوش' ومن ثم مع خلفه 'أوباما' مظهرًا أكثر عقائدية وأقل براجماتية وأشد عنادًا وهجومية ولا يجب في حال من الأحوال حصر تبعية 'حزب الحرب' بالجمهوريين فهذا خطأ يبعد عن الحقيقة سنوات ضوئية ومن المفيد الإشارة علي سبيل المثال لا الحصر إلي محورية دور سيناتور ديمقراطي من ولاية واشنطن هو 'هنري جاكسون' الذي من مكتبه تم استيراد نماذج عرفت بالمحافظين الجدد ومن أهمهم 'ريتشارد بيرل، وماليتدون جونسون، وكلارك كليفورد، وروبرت ماكنمار، ووالت روستو، ووسام نن، ووليان بيري، وليس اسبن، وانتوني ليك، وجيمس وولسي' وهم حفنة من رجالات 'حزب الحرب' الذي يحملون بطاقة عضوية الحزب الديمقراطي والذين يفوقون في تشددهم وصقوريتهم عقلانيي الحزب الجمهوري أمثال 'نيلسون روكفلر، وتشاك هاغل ووليام روجرز، ووليام سكرانتون'.
يكتب الباحث في 'مركز دراسات واشنطن' 'لورانس كروب' مقالًا نشره في موقع 'ذي ناشيونال إنترست' دعا فيه 'الصقور' إلي تعلم دروس الماضي، يقول فيه: 'بينما تدرس الإدارة الأمريكية كيفية الرد علي المزاعم بأن الرئيس السوري 'بشار الأسد' تجاوز الخط الأحمر الذي حدده الرئيس 'أوباما'، باستخدامه مقدارًا صغيرًا من غاز السارين الكيماوي، يتعين عليها أن تضع في ذهنها ثلاثة أحداث تاريخية علي الأقل. الحدث الأول وقع في آب أغسطس 1964، عندما كنت أؤدي الخدمة العسكرية كضابط طيران في البحرية الأمريكية، وعندما ترددت مزاعم بأن الفيتناميين الشماليين هاجموا سفنًا أمريكية في خليج تونكين، وخلال مناقشة الحادثة مع قائد سربي الجوي، الذي كان قد قام بمهمات قتالية في الحرب العالمية الثانية ثم الحرب الكورية وشارك في الجسر الجوي إلي برلين أثناء حصارها عام 1949، جادل بأن ما كانت إدارة 'جونسون' تقوله بشأن ما حدث في تونكين محض هراء، فإضافة إلي الشكوك حول ما حدث فعلًا، رأي أنه لا يعقل أن تستفز فيتنام الشمالية الولايات المتحدة وتعطيها مبررًا لشن هجوم انتقامي. وكما تبين في ما بعد، كان ضابط وحدتي محقًا تمامًا، ولكن للأسف، استغلت إدارة 'جونسون' حادثة خليج تونكين ذريعة لاستصدار قرار من الكونجرس وفر لها غطاء لشن حرب استمرت عقدًا، وأدت إلي مقتل نحو ستين ألف أمريكي وملايين من الفيتناميين، إضافة إلي تدمير فيتنام.
الحادثة الثانية جاءت عام 1998، عندما شنت إدارة الرئيس الأمريكي الأسبق 'بيل كلينتون' هجومًا مزدوجًا بصواريخ كروز استهدف مصنعًا للأدوية في السودان، وبررت الإدارة الهجوم علي المصنع السوداني بأن تحليلات مختبرية لعينات جمعتها وكالة الاستخبارات المركزية الأمريكية 'سي آي إيه' أعطت مؤشرات إلي أن المصنع كان ينتج غاز الأعصاب 'في إكس' وتبين في ما بعد أن تحليل عينات التربة تلك لم يكن قاطعًا إطلاقًا، وأن الأدلة التي أقامت صلة بين المصنع وحصول تنظيم القاعدة علي أسلحة كيماوية لم تكن جديرة بالثقة إطلاقًا.
وادعي منتقدون أن من الممكن أن يكون القصف الأمريكي قد تسبب بطريقة غير مباشرة بمقتل مئات السودانيين الذين حرموا من أدوية مهمة كان المصنع ينتجها.
وفي وقت سابق من العام الحالي، وبمناسبة الذكري العاشرة لغزو العراق المشؤوم عام 2003، تجدد النقاش حول واقعة تاريخية ثالثة عندما نشر 'ستيفان هادلي'، نائب المستشار الرئاسي لشئون الأمن القومي وقت الغزو، مذكرات قال فيها إن أحدًا في إدارة 'بوش' لم يتساءل يومًا عمّا إذا كان 'صدام حسين' قد خادع بشأن امتلاكه أسلحة نووية، وكانت تلك إمكانية، بسبب تخوف 'صدام' من سعي الإيرانيين إلي الثأر منه. علاوة علي ذلك، لم يتساءل أحد لماذا سمح 'صدام'، لو كان يمتلك فعلًا أسلحة دمار شامل، لمفتشي الأمم المتحدة بالعودة إلي العراق في أواخر، 2002، مع أنه كان يعلم أن إدارة 'جورج بوش' تسعي إلي تبرير خططها للحرب بسعيه المزعوم لامتلاك أسلحة نووية. كما أن 'ريتشارد هاس'، الذي كان في حينه مديرًا لدائرة التخطيط السياسي في وزارة الخارجية الأمريكية، نشر حديثًا كتابًا استعار فيه كلمات من 'ريتشارد نيكسون' بقوله: 'إن التسويغ الحقيقي لحرب العراق كان إظهار أن الولايات المتحدة ليست عملاقًا عاجزًا وتعيسًا. وإذا تأملنا في هذه الواقعة التاريخية، سنجد أصداء لها اليوم في خطاب صقور واشنطن الذين يدعون إلي القيام بعمل عسكري في سوريا'.
ويري 'كروب' أنه استنادًا إلي هذه السوابق التاريخية، يتعين علي أولئك الذين يدعون إلي عمل عسكري في سوريا أن يعطوا إدارة 'أوباما' وقتًا لكي تجري تقييمًا كاملًا للأدلة المزعومة بشأن استخدام أسلحة كيماوية. وكجزء من عملية التقييم هذه، يجب علي الولايات المتحدة أن تسأل سؤالين مركزيين: السؤال الأول أي سبب قد يجعل القيادة العسكرية السوريا تأمر باستخدام مقادير صغيرة من غاز السارين ضد المعارضين والمدنيين، بينما لدي الجيش السوري قوة عسكرية ضاربة وتحت تصرفه العديد من الأسلحة التقليدية الأخري القادرة علي لجم الجماعات المسلحة، خصوصًا أن القيادة السوريا تعرف تمامًا أن استخدام الأسلحة الكيماوية سيوفر للولايات المتحدة تبريرًا واضحًا لكي تتدخل؟
إنه لم يتغير شيء في المخطط الصهيوني من حيث الأطماع في سوريا، والسبب في ذلك واضح تمامًا، فسوريا، دولة وشعبًا، هي الدولة العربية، التي استمرت في مواجهة المشروع الاستعماري الصهيوني منذ بداية استيطانه في فلسطين ومحاولاته المستمرة للتوسع علي حساب الأراضي العربية، وهي التي تصدت لاعتداءات إسرائيل الحدودية منذ عام 1948، وهي التي خاضت مع مصر حرب تشرين المجيدة ضدها وحطمت أسطورة تفوق الجيش الإسرائيلي، وهي التي تصدت للعدوان الإسرائيلي علي لبنان عام 1982 ومنعته من تحقيق أهدافه، وهي التي ساعدت المقاومة الوطنية في لبنان علي تحرير الجنوب اللبناني عام 2000، ثم هزمت إسرائيل في حربها علي لبنان صيف عام 2006، وهي التي وقفت إلي جانب المقاومة في غزة أثناء العدوان عليها أواخر عام 2008 وأوائل عام 2009.
هذه هي أسباب الحقد الإسرائيلي علي سوريا والأطماع الإسرائيلية القديمة والجديدة فيها، والتي عبر عنها أكثر من مسئول بأن سوريا هي الوحيدة التي أبقت قضية فلسطين حية في النفوس، وهي التي أوجدت وساعدت المقاومة الفلسطينية، علاوة علي ذلك فسوريا تتصدي لمخططات الإدارة الأمريكية الرامية إلي الهيمنة علي المنطقة العربية وتسييد إسرائيل عليها.
إن الولايات المتحدة وإسرائيل تنظران إلي سوريا علي أنها العقبة الوحيدة أمام مشاريعهما في المنطقة، وأنها تشكل تهديدًا وجوديًا وحقيقيًا للأطماع الصهيونية في المنطقة، وهذا ما جعل الولايات المتحدة وإسرائيل وحلفاءهما من الدول الغربية التحرك وبكامل الثقل الإعلامي ضدها، أولًا لتجريم الجيش السوري، ووضع سوريا في دائرة الاستهداف العربي والدولي الدائمين ثم التحرك بكامل الثقل الاستخباري العسكري. وثانيًا وهذا هو الهدف المركزي لأمريكا وإسرائيل والقوي الغربية، هو تفكيك سوريا وتقسيمها إلي دويلات طائفية وإثنية متنازعة ومتحاربة فيما بينها لأن تحقيق هذا الهدف المذكور هو الذي يريح إسرائيل ويساعدها علي تحقيق هيمنتها علي المنطقة كاملة.
إنّ هذا السلوك الاستعماري الأمريكيّ يؤشرُ إلي أنّ إدارة 'باراك أوباما' وحلفاءها الغربيين تتصدّرهم بريطانيا الشمطاء والإقليميين ويتقدمهم سلاجقة أنقرة وتلموديّو تل أبيب، وبعض الخليجيين وبخاصة المُرتَعِدَةُ فرائصُهُم مِن قوافي الشعراء النبطيين، فكيف يكون حالهم إزاء زئير أسود الشام، فكل هؤلاء وَمَن يتعيَشُ مِن بلاطاتِهم أو يُوهِمُهم خاسئًا أنّ بمقدورِهِ أن يبيعهم الدّمَ السوريّ، قد عقدوا العزم 'سيكون عزمَ الفَرَزْدَقِ علي مَرْبَعٍ' علي شنِّ حَربٍ عسكرية لإسقاط النظام الوطني في سوريا، وتدمير مؤسسات الدولة فيها وبخاصة المؤسسة العسكرية، حيث فَشَلِت مجموعاتهم المسلحة في تنفيذ هذه المهمة الاستعمارية الكأداء
والسؤال الذي يجب أن يطرح هُنا: إذا كنا حاسمين في أنه لو كانت إدارة 'بوش الابن' واثقة مِن امتِلاك بغداد أسلحة دمار شامل لما أقدَمَت علي غزوها، فكيف بالمُقابل تُقدِمُ علي حرب ضدّ دمشق إذا كانت متيقنة من امتلاك الجيش العربي السوري أسلحة كيميائية؟
والجواب أن واشنطن وتل أبيب تعلمان جيدًا أن الأسلحة الكيميائية السوريا ليست سوي ذريعة تستخدمها الولايات المتحدة لحرب تدفع إليها الدوائر الصهيونية واشنطنَ دَفعًا لتأمينِ حماية 'إسرائيل' التي باتت متيقنة مِن أنّ وجودها باتَ مُهددًا أمام قوة المقاوَمة في لبنان أو فلسطين المحتلة، فما بالك إن وَجَدَتْ نفسَها في حرب أمام سوريا أو إيران أو كليهما، ولذلك فإن استكمال الحرب الدائرة في سوريا وتصعيدها بمشاركة القواعد الأمريكية والأطلسية في المنطقة وبمشاركة جيوش دول عربية وإقليمية باتت في حالة عداء مُعلَن مع سوريا، إضافة إلي عشرات آلاف الإرهابيين الإسلاميين الذين يتصدي لهم الجيش السوري الآن، كلّ هذا تنظر إليه الدوائر الصهيونية كفرصة تاريخية ربما يستحيل أن تتكرر، ومن 'الطبيعي' أن تنتهزها ‹›إسرائيل›› التي نشأت وترعرعت وقويت شوكتها بانتهاز الفرص.
وللأسف فإن بهلوان البيت الأبيض 'أوباما' لم يتعلم مِن درس الهزائم التي لحقت بالقوة الأمريكية الغازية في أفغانستان والعراق، ويبدو أنه لا يريد أن يقتنع بحقيقة أنّ أيّ عدوان قد تشنه واشنطن ولندن و'إسرائيل' وحلف الناتو وأتباعهم علي سوريا مِن أجل السيطرة علي المنطقة بأسرها، يتصدّي لها بعزيمة واقتِدار ملايين الصواريخ السوريا والإيرانية وربما الروسية والصينية، التي ستجعل مساحات شاسعة في الكثير مِن دول العالم بما فيها الكيانات الخليجية وبلدان أوربية قاعًا صَفصَفًا، بحيث ترزحُ البشرية ولمدّة طويلة تحت كابوس أقلّ نتائجه المؤكدة دمار الاقتصاد العالميّ بالكامل.
فهَل بقيَ في دوائر القرار الأمريكي بَعضُ عَقل يكبَحُ جُنونَ الشركاتِ الاحتكارية الإمبريالية الشرّير الشرِس، الذي يَسعي 'فيروس' الصهيونية العالمية إلي أن يُفلِتَهُ مِن عقالِه؟
إن الولايات المتحدة التي تقود الآن حربها الكونية، ليس علي سوريا فقط، بل علي كل سوريا الطبيعية، تبدو واهمة أنها قادرة علي قهر إرادة الشعوب وأنها قادرة علي الاستمرار في قيادة حلفائها وأدواتها، لأن العالم الذي بدأ يعاني هيمنتها وأسلوبها تغذيه تمرد الشعوب علي حكوماتها عبر شعار 'إسقاط النظام'، لا بد أن يدرك أن هذه التمردات ستنتقل إلي دول أخري، ولا يستبعد انتقالها إلي داخل الولايات المتحدة نفسها عندما تنشأ صعوبة في القدرة علي ضبطها، فأحداث التاريخ تعلمنا أن الشعوب لا يمكن أن تبقي خاضعة للابتزاز أو لدفع ثمن غالٍ من أجل المشاريع التي لن تعود عليها إلا بالإرهاق وعدم الاستقرار، وسيتضح للشعوب أن المشروع الأمريكي الهادف للسيطرة علي العالم وتوجيهه وفق النظام الأمريكي وقيمه، هو مشروع سينعكس سلبًا عليها، لأن لكل شعب ثقافته وقيمه، ونظامه المناسب لثقافته وبنيته، إضافة لذلك إلي وجود قوي كبري لا يمكن أن تخضع وتستسلم لما ترسمه السياسة الأمريكانية للعالم، ولهذه القوي ثقافتها وقيمها ونظامها وتطلعاتها ومصالحها التي لا يمكن أن تتخلي عنها.
قد يكون قدرُ سوريا وشعبها أن يحملا عبء الدفاع عن مقدرات الأمة في هذه المرحلة الصعبة، لكن وقوف الجماهير العربية في الأقطار التي خانها حكامها متفرجة علي ما يحدث، هو في حدّ ذاته مشكلة كبري. فإذا لم تغضب الجماهير العربية الآن، وإذا لم تتحرك الآن، وإذا لم تسارع إلي المشاركة في مواجهة الحلف الدولي المتآمر الآن، فإنها قد تبقي رهينة العبودية ربما لقرون عديدة قادمة. فالتحالف أو الائتلاف العربي الذي يستكثر علي العرب أن يكون عندهم قطر واحد مقاوم، أو حزب مقاوم، أو فصيل مقاوم أو أكثر، فيعملُ علي تقويض محور المقاومة، بل ويجند المرتزقة، ويضخ السلاح، وينفق الأموال دون حساب، من أجل تقويض هذا المحور، لا شك أنه معني بقهر الإنسان العربي حيثما وجد هذا الإنسان من خلال تحطيم إرادة المقاومة عند هذا الإنسان عبر تقويض الحدّ الأدني المتوفر من مقوّماتها.
وإننا لنقولها الآن مدويّة للجماهير العربية: كفي انسياقًا وراء الإعلام المضلل وخلف شيوخ الفتنة العملاء، فقد آن أن يدرك الجميع أن هذا الإعلام يديره صهاينة، وأن شيوخ الفتنة عملاء للأعداء ومارقون من الدين، ولا صلة لهم بالإسلام أو المسلمين، باستثناء أنهم يتاجرون بفتاوي التضليل لحساب حكام مجرمين. وإذا كان الشعب القطري مثلًا لا يستطيع بحكم حجمه وواقعه أن ينفض عن نفسه عبء حكامه الذين انساقوا في سلوكهم الخياني إلي أبعد الحدود، فإن أبسط ما يمكنهم أن يفعلوه أن يرفضوا الصلاة وراء شيخ الفتنة 'يوسف القرضاوي' وأن يؤدوا صلاتهم في مساجد أخري غير المسجد الذي يؤم المصلين فيه، فالمنطق العقلي يقول بأن اتخاذ الفاسق والمارق إمامًا هو أمر لا يجوز والاستماع إلي خطبته أمر لا يصح، فإذا ما انفضوا من خلفه كان ذلك وحده كافيًا للدلالة علي أنهم يرفضون سياسة حكامهم وفتاوي شيخهم الفتان.
إن الحكام من نعاج الأعراب باتوا خلال الفترة الأخيرة يتحدثون صراحة عن إصرارهم علي أخذ سوريا من أجل إسرائيل، وبالتحالف مع إسرائيل، وبتقديم الخدمات اللوجستية لإسرائيل، وأن كل ما يهمهم أن يتدبروا سبل تحقيق هذه الغاية، وما يمكن أن يقدموه من ناحيتهم من قدرات أو أموال حسب الحالة في هذا السبيل، وكأنهم يقدمون علي نزهة وليس علي جريمة كبري تقترف ليس فقط في حق سوريا، بل أيضًا في حق فلسطين، وفي حق العرب أجمعين.
فقد بدأت الأمور تتكشف شيئًا فشيئا وبدأت المعلومات تتدفق وبات السوريون أكثر مناعة تجاه ما يبث من أكاذيب وسموم سعودية وإسرائيلية المصدر وبكل تأكيد ستكشف الأيام القليلة المقبلة المزيد من خفايا ما حصل.. فالغاية باتت واضحة لكن الوسيلة قذرة ويسدد ثمنها السوريون كل يوم وكل ساعة ومع ذلك يبقي الصمود سيد الموقف وتبقي الكلمة الأخيرة للجيش العربي السوري وللشعب السوري الذي يكتشف تباعًا قباحة حكام السعودية ومخططاتهم الفاشلة التي للأسف لن تتوقف الآن ولا لاحقًا فآل سعود قرروا حرق المنطقة بمن فيها لحماية أنفسهم وعرشهم ولحماية إسرائيل لكن كما فشلوا في كل مرة سيفشلون بالمستقبل وسوريا ستبقي حرة سيدة مستقلة علي الرغم من كل الدماء والفظائع التي ترتكبها هؤلاء الوحوش بحماية دولية تم شراؤها بنفط العرب.
وأعتقد أن هذه الحرب الكونية علي سوريا بقيادة الولايات المتحدة، تعلم العالم كله دروسًا بأن إرادة الشعوب إذا ما فعلت تستطيع تغيير مسار التاريخ، ويبدو أن سوريا بإرادتها ستكون المركز الذي سيستقطب محيطه في سوريا الطبيعية كلها، وربما ستكون أحد أسس النظام العالمي الجديد المتحرر من القيادة الأمريكانية، الذي أخذت ملامحه تظهر.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.