في الثالثة صباحا.. تعود الخريج جمال عبد الواحد ان يبدا مغامرته اليومية الخطرة.. يغادر بيته الدافئ الي وحشة الليل مضطرا.. يلاقي زملاءه خفية.. يخططون الامر في عجالة معا.. يتفقون حينا ويتنازعون أحيانا.. ولكن ضيق الوقت يجبرهم دائما علي سرعة التنفيذ.. يجب ان ينتهوا قبل شروق الشمس وأمام كل مزارع عشر دقائق فقط.. ليتمكن فيها من منح ارضه الجافة بعض المياه.. قبس من الروح والحياة.. فالثمار العطشي الباقية بقرية »اليشع« بالنوبارية تنازع الموت بأعجوبة.. وتكاد تقضي عليها سياط الموجة الحارة.. يقترب جمال وزملاؤه من الحاجز الذي يمنع المياه عنهم ويذهب بها لفروع 42 و32 و72 »لري أراضي كبار رجال الدولة«.. العرق ينتفض من علي الجبين والعين تراقب الطريق.. واللسان يحنو فيحايل تارة ويقسو تارة حتي يتغاضي حارس بوابات المياه عنهم.. ويسمح لهم بمرور بعض المياه البسيطة.. فالمياه الان تساوي الحياه من سيروي أرضه«؟؟. هل يصدق السادة المسئولون ان هذا مشهد حقيقي يتكرر يوميا علي مسقي واحد والمسئول عن ري 0052 فدان تقريبا بقرية اليشع بالنوبارية بعد ان سيطرت أزمة الري علي أراضي الخريجين.. وباتت تهدد جهدهم طوال العام.. »الأخبار« تواصل رصد حكايات المزارعين وشكاوي الري بالمنطقة.. يروي جمال عبد الجواد »مهندس زراعي« جئنا من الغربية منذ 21 عاما لتعمير الصحراء حيث التشجيع من قبل المسئولين اضافة الي توفير الخدمات والمياه ولكن مع تزايد اعداد الخريجين تلاشي التشجيع وقلت الخدمات وازدادت الصعوبات التي تواجهنا اهمها ازمة مياه الري التي تعاني منها زراعاتنا وبالتالي عدم اكتمال نمو الثمار ومثالا علي ذلك فروع اشجار الخوخ التي كانت تعطي انتاجا وفيرا والموجودة علي خط 31 لم تعد تنتح واحترق المحصول ويوضح ان ازمة مياه الري شديدة علي مسقي اعلي فرع 02 بترعة النصر حيث لا تصلها المياه الكافية ويظهر الاسي علي وجه جمال وهو يشير مع زملائه الي منسوب المياه الضحل ويلمس الزراعات المحترقة التي سقطت الثمار منها ويتابع في ظل تجاهل المسئولين قمنا بانشاء روابط مستخدمي المياه بترخيص من وزارة الري ونحاول ان نتعاون فيما بيننا ونتواصل مع المسئولين ولكن بدون جدوي ويضيف ان العديد من الخريجين باعوا الارض بسعر رخيص حتي يتخلصوا من مشاكل الارض نحن في ضغط معنوي ومادي كبير وانا اضطر ان اخرج ليلا في محاولة لري ارضي ويصرخ منفعلاً انه في حالة عدم الاستجابه من قبل المسئولين لتوفير المياه سيلجأ المزارعون للاعتصام امام وزارة الزراعة ويقول عوني منصور »منتفع« جئت من طنطا عام 97 كانت الارض حينها مجرد صحراء جرداء ووافقت علي البقاء ولدي حلم التعمير والاستصلاع والزراعة ولكن الحلم تبخر في ظل وجود العديد من المعوقات التي برزت في الآونة الاخيرة مثل سوء الخدمات وازمة الري فمراقبة بنجر السكر تسحب المياه الكثيرة اللازمة للبنجر ويشير الي ان العديد من المزارعين تعاقدوا علي توريد منتجاتهم لبعض الشركات ولكن في ظل هذه الظروف لا يستطيعون الوفاء بما التزموا به اذا لم تصل المياه ويقول شاكر سلامة من القليوبية »خريج« صاحب 01 افدنة مزروعة عنبا وموالح ان نظام المناوبات غير مناسب لنظم الرش والتنقيط والعنب يضمر علي الشجر خصوصا نتيجة الموجات الحارة وقلة المياه ونحن لا نعرف ماذا نفعل والمسئولون داخل مكاتبهم المكيفة. نصف الانتاج يقول احمد أبو زيد رئيس الجمعية التسويقية بمراقبة طيبة انه يوجد 007.8 خريج ومنتفع ومضار يمتلكون 53 الف فدان بمراقبة طيبة بالاضافة الي اراضي المستثمرين والتي تعتمد علي ترعة النصر من خلال الري بالتنقيط وهذا يعني ضرورة توافر المياه بشكل دائم وتبرز المشاكل في فرع عشرين حيث لا توجد سوي محطة رفع واحدة تعمل خلال ايام محددة من الاربعاء السبت فقط ويتابع ان كمية المياه غير كافية والمشكلة تتركز في قري عبد الوهاب واليشع وبلال وخصوصا اول نقطة مياه بعد مسقي 1 التي تروي نصف الزمام والذي يقدر ب 3 الاف فدان بقرية اليشع يليها مسقي 23 ويحذر رئيس الجمعية من ان اغلب ثمار الزراعات المطلة علي مسقي واحد بهذه القرية انخفضت بنسبة 06٪ نتيجة قلة المياه وتوقع ان تتراوح انتاجية محصول الطماطم في هذه المنطقة ما بين 51 الي 03 طنا بفارق كبير عن انتاجية الاعوام السابقة التي وصلت الي 05 طنا للفدان الواحد وبالتالي لن تستطيع هذه المجموعة من المزارعين للوفاء بشروط التعاقد مع الشركات العربية والاجنبية. الخريجون كسالي وبالتوجه الي المسئولين نفي المهندس عادل الديب مسئول الري بالمنطقة وجود مشكلة في توزيع مياه الري وقال ان المياه متواجدة بشكل مستمر واشار الي وجود تفتيش مستمر ومراقبة علي الترع والمساقي للتأكد من وصول المياه اليها وفيما يتعلق بمسقي واحد قال انهم طالبوا المزارعين بتطهير الفروع والقنوات والمساقي من المخلفات التي تعطل الري لكن المزارعين تكاسلوا ولم يقوموا بتطهيرها.