سألت أحد الأصدقاء وهو من العاملين بقطاع البترول عن سر وسبب هذا الذي نتابعه بين حينٍ وآخر عن التغييرات التي تحدث داخل شركات القطاع علي مستوي قياداته العليا وهل لذلك أثراً سلبياً علي استقرار العمل وجودة الأداء فقال لي: إنني أعمل في قطاع البترول منذ حوالي 28 عاماً دونت خلالها يوميات وخواطر كثيرة هي مجموعة من الأفكار والمعاني والخبرات التي كونت بها قناعاتي عن هذا القطاع.. فقد عاصرت ثلاثة وزراء للبترول اخرهم المهندس سامح فهمي فلم أجد فروقاً انقلابية في سياسة القطاع ومنهجه الإداري الذي يتعامل به منذ سنوات طويلة مما يمنحه استقراراً وثقلاً وثقة رغم تغير القيادات الكبري به فطيلة هذه السنوات كان قطاع البترول ينتهج استراتيجية مدروسة تقوم علي العقل لا الانفعال وترسيخ مفهوم الإدارة كعلم له اصوله وفن له قواعده ولم تكن هذه الاستراتيجية يوماً محلاً للصراع علي المناصب أو وسيلة لتخصيص أدوار لفئة معينة أو اقتصار مقاعد لشلة من أهل الثقة وإغفال أهل العلم والخبرة. وذلك مرجعه لعاملين هامين.. أولهما القيادة العليا للقطاع التي تتوخي أكبر قدر من الشفافية والمصداقية في قراراتها وتعاملاتها وثانياً ارتباط العمل نفسه بالمادة التي ينتجها وهي النفط والغاز الطبيعي من حيث اتصالهما المباشر بالاقتصاد العالمي وآليات السوق الدولي وحركة الأسعار العالمية التي تتأثر بالفكر الإداري الذي تقاس وتوزن قراراته بميزان حساس مثل ميزان الذهب. لذا نحن ملتزمون بالتعامل بمنتهي الحساسية والدقة في كل عمل وفكر يطبق داخل القطاع ولكل ذلك تكون قياداته وعقوله المفكرة في حاجة مستمرة للتجديد والتغيير لشحذ طاقتها الفنية لتظل دائماً في حالة من التوهج والاستنفار فلا تركن في مواقف التسيب والإهمال أو تنام في عسل الكسل والتباطؤ والروتين الذي هو عدو كل تقدم وحداثة. والحقيقة أن قطاع البترول ينهج منهجاً في علم الإدارة. وهي في خلاصتها العلمية تقول إنه علي القائد الأعلي للمنظومة أن يسلك مسلكاً متزناً في إدارة قطاعه ما بين إعادة استخدام ما لديه من طاقات مادية وبشرية بعد إعادة تأهيلها وتحسينها وتدريبها وفي حالات أخري يعاد توزيع ونقل هذه القيادات إلي مواقع أخري للاستفادة من خبراتها للموقع الجديد أو أملاً في الحصول منها علي نتائج أفضل في مناخ مختلف وربما يتضمن ذلك أيضاً تطبيق مبدأ الثواب والعقاب الذي لا غني عنه لضبط وإنجاح أي منظومة وأخيراً تأتي سياسة الترشيد لتكون هي الأجدر بالاهتمام والتي هي في حاجة إلي مزيد من الإعلام وتوعية الجماهير بها لتدرك مدي خطورة الاستهلاك الزائد أو غير المنضبط وتأثيراته السلبية إما بزيادة الأسعار أو قلة العرض وربما يصل الأمر إلي نضوب السلعة نفسها! والواقع من خلال يومياتي البترولية يقول إن هنالك حقيقة مفادها أن التواصل المباشر والحاصل بين المهندس سامح فهمي والعاملين بالقطاع هو إحدي الآليات المهمة جداً في تقييم العمل وتقديره وكم من منظومة كبري انهارت بسبب انقطاع التواصل ليس فقط بين الرئيس والمرءوسين بل أيضاً بين العاملين وبعضهم البعض وهو ما يسمي أي انقطاع الاتصال مما يؤدي إلي عدم إدراك حجم الأخطاء والسلبيات المتراكمة في المؤسسة واللافت للنظر هنا هو أن المعني المرادف لكلمة التواصل هي الاعلام، فالإعلام هو الإتصال أو التواصل في أدق معانيه وانقطاع سبل الاتصال بين رئيس العمل والمرءوسين أو الجماهير بمعناه الإعلامي يعني وجود قصور شديد لدي المنظومة في تواصلها مع الآخرين وتفشي جهل كبير بأصول المعرفة والوعي الإعلامي بمعناه الإداري الذي يجب أن يكون في حالة مستمرة من اليقظة والتنوير والتطوير المواكب للفكر الإداري الحديث فلا يظل قابعاً في غياهب الفكر البيروقراطي أو أسيراً للجمود والخوف من المواجهة والمصارحة وعدم تبني أفكار جديدة فيفقد كل مصداقيته وتواصله مع الناس وهمومها وآمالها وتفقد المنظومة آلية مهمة من آليات عملها وخطوط دفاعها ويستطرد العامل البترولي في يومياته قائلاً: ولدينا حالة واقعية حدثت مؤخراً التي تحدث عنها وزير البترول في برنامج "مصر النهاردة" حين تجمهر عدد من خريجي هندسة البترول والتعدين أمام الوزارة مطالبين بإيجاد فرص عمل لهم فأمر سيادته بفتح إحدي قاعات الوزارة لهؤلاء الخريجين والتقي بهم بنفسه حيث أجري حواراً معهم واستمع إليهم وانتهي اللقاء بتلبية طلباتهم.