لن أكون متجاوزا إذا قلت اننا كلنا خونة.. وعملاء لدولة أخري أو لمصلحة خاصة.. أو مكسب شخصي ضد وطننا مصر!.. كلما رأيت أو قرأت أو سمعت أحدا من الحكومة أو البرلمان أو المجلس العسكري أو النجوم اللامعة في الفضائيات والذين يحملون لقب مثقف أو ثائر أو إسلامي أو قبطي.. أو كاتب جهبذ كان يمجد عصر مبارك ويلهف من ورائه أموالا وممتلكات ليست من حقه. واليوم يسب مبارك ويمجد في المجلس العسكري.. ويبرر أقواله وأفعاله.. أو يمالئ الإخوان المسلمين أو السلفيين أو الليبراليين أو العلمانيين أو الأقباط.. باختصار تحول موقفه 081 درجة.. من أجل ان تستمر مصالحه الخاصة.. كل هؤلاء يخونون الأمانة التي يحملونها.. ويخونون مصر. قد يقول قائل لما هذه القسوة الشديدة علي الناس.. أليس فيهم من يحب مصر حبا حقيقيا؟! أليس فيهم من هو مؤمن بوطنه ويجاهد بالرأي والمشورة لانقاذه من عثرته؟! بالطبع هناك من يعشقون تراب مصر.. وهناك من يخلصون في حبها.. وهناك من هو مستعد لأن يضحي بروحه وحياته من أجلها.. لكنهم في هذا الزمن أقل مما كنت أتوقع.. لدرجة ان صوت العقل لم يعد مسموعا.. وصوت الحكمة خافت لا يكاد يتبينه أحد.. وعلت الفوضي والغوغائية لتقصي من المقاعد القيم والسلوك الحضاري المصري المتعارف عليه.. لم يعد لدينا ابن البلد الشهم.. لم يعد لدينا الشاب »العترة زينة الحتة«.. الذي يخاف علي بنات الحي ويحافظ علي بنت الحارة.. ويواجه بشهامته أي اعتداء عليهم! فأين هو الآن؟!.. ما يسري علي الحارة يسري علي البلد كلها.. وإليكم المشهد الحزين.. الذي يدمي قلبي وقلوب عشاق مصر.. هذا الوطن الذي له سحر خاص في العالم.. ماذا حدث منذ الثورة البيضاء في 52 يناير 1102 حتي نهاية مارس 2102.. أي بعد عام وشهرين؟! انتهي عصر الفساد والديكتاتورية.. وسيطر المجلس العسكري علي الحكم باعتباره أحد أضلاع حماية الثورة وأحد أسباب نجاحها دون اراقة المزيد من الدماء.. وحدثت منه أخطاء عديدة كان يمكن تداركها.. لكنها انتجت جرحا غائرا بسبب عدم التمييز بين التعامل مع المدنيين والتعامل مع العسكريين.. وتم تدارك ذلك مؤخرا.. لكن استمرار المجلس العسكري يضع علامات استفهام عديدة حول استراتيجيته في المستقبل.. ويتوقع الكثير من الخبراء ان يستمر يفرض سلطانه بشكل أو بآخر... وهنا أحذره من ان الصراع سيتحول ليصبح الشعب ضد نظام العسكر، والذي يلفظه الشعب الآن كخيار لأحد السيناريوهات المطروحة لمستقبل مصر! أما البرلمان.. فقد حصدت التيارات الإسلامية الأغلبية في مجلسي الشعب والشوري.. وتعامل الإخوان المسلمون مع الشعب بمنهج التعامل في النقابات المهنية.. وربما كان الأداء أقل بكثير مما يقومون به في النقابات.. وهذا خطأ منهجي كبير.. ومرت اشهر وتوالت الأزمات.. وعاني الشعب من المعيشة.. ولم يجد من البرلمان سوي المسكنات.. وكلها كلمات جوفاء لا تسمن ولا تغني من جوع.. وزاد الطين بلة ان الخلافات بين الحكومة والبرلمان اشتعلت.. وأصبحت تحت تهديد سحب الثقة.. وصارت الكلمة المتداولة بين الحكومة والبرلمان »البرلمان يتخذ إجراءات سحب الثقة من الحكومة.. الحكومة ترد: ما تقدرش« وصل الأمر إلي ان الوزراء ورئيس الوزراء رفضوا الحضور إلي الجلسات.. مازال مجلس الشعب يهدد.. والحكومة لا يهمها البرلمان وتقول: »اللي معيني المجلس العسكري واللي يشيلني المجلس العسكري« وخرج من يتحدث عن المجلس العسكري ويؤكد ان حكومة الجنزوري مستمرة إلي بعد انتخاب رئيس الجمهورية!! وبالتالي علي نواب البرلمان ان »يخبطوا دماغهم في الحيطة«.. وخرجت الأقلام من جحورها.. تهيل التراب علي البرلمان.. فقد فشل في أداء مهمته.. وليت الفشل المقصود فشل أشخاص انما هو فشل تيار يتحدث باسم الإسلام سواء الإخوان المسلمين أو السلفيين.. وليس هناك قلم يدافع عن البرلمان.. سوي جريدة »الحرية والعدالة«!.. والحق ان الإسلام لا يتحدث باسمه أحد.. ولا حتي الأزهر لأن مؤسسة الأزهر »جامعة ومشيخة« تربت في حضن »جهاز أمن الدولة« الذي تحول باللافتة فقط إلي »جهاز الأمن الوطني« فكيف اذن آمن علي ديني من جهة تعمل وفق أوامر جهاز أمن الدولة.. اذن لا أحد مهما علا شأنه حجة علي الإسلام.. والنتيجة ان الصورة الذهنية للبرلمان ولمشيخة الأزهر من انها تتحدث باسم الإسلام خاطئة.. لقد تسببوا في »BAD IMAGE« تقديم صورة سيئة عن الإسلام.. ندعو الله ان يحفظ دينه ولا يفتننا فيه. أضف إلي ذلك »لجنة تأسيس الدستور« ما المانع في ان تضم جميع التيارات السياسية.. لو أخذنا ممثلا لكل حزب وعددا من المفكرين وفقهاء الدستور والمثقفين والعمال والفلاحين والمرأة والشباب وأحد الأطفال من الطلائع.. علي ان نأخذ 02 عضوا من مجلسي الشعب والشوري.. هل يضير ذلك أحدا سواء من الإخوان أو المجلس العسكري.. ان الأغلبية في اللجنة يجب ان تكون لفقهاء الدستور لأن الدستور يحتاج إلي حرفية في الصياغة.. وليس لجماعة الإخوان أو للسلفيين. وبهذا ينتهي الجدل العقيم الذي يسيطر علي الساحة الآن.. يجب ان تكون قلوبنا وعقولنا مفتوحة لمختلف الآراء والاتجاهات مهما كان شططها.. البلد تحتاج إلي كل أبنائها مهما اختلفوا في تصوراتهم. وعلي الحكومة أن تتوقف عن تصدير الأزمات.. وان تراجع نفسها بعد فشلها الذريع في حل المشكلات.. وأن تستقيل وترحل من تلقاء نفسها وليس بطلب من مجلس الشعب أو مجلس الشوري.. أو تنتظر قرارا من المجلس العسكري.. مصلحة مصر أولي من ان تبقي مصالحنا الشخصية هي شغلنا الشاغل.. وكأننا من أكلة لحوم البشر! دعاء يريح البال اللهم اجعل لي وللمسلمين من كل هم فرجا، ومن كل ضيق مخرجا، ومن كل بلاء عافية. اللهم طهر قلبي من النفاق، وعملي من الرياء، ولساني من الكذب، وعيني من الخيانة، انك تعلم خائنة الأعين وما تخفي الصدور. آمين يارب العالمين