صبرى غنيم - لاتعرفون مدي سعادتي كلما أعلن رسميا عن اختيار الأم المثالية لمصر.. فقد كانت فكرة اختيار الأم المثالية هي فكرتي وفاء مني لاسم عملاقي الصحافة مصطفي وعلي أمين يوم أن تعرض الاثنان لتصفيتهما أدبيا علي أيدي الانظمة الديكتاتورية التي بدأت بمحاولة إلغاء " عيد الأم " واستبداله بعيد الاسرة حتي يسقط عملاقا الصحافة من ذاكرة التاريخ .. ومع ذلك فشلوا وبقي اسمهما محفورا علي صدر كل إبن وكل إبنة .. وفشلت فكرة استبدال عيد الأم بعيد الاسرة ليبقي اسم مصطفي وعلي أمين تاجا في كل بيت.. - أذكر أن صاحب الفضل الذي ساعدني في احياء فكرة " الام المثالية " هو أستاذي رحمة الله الكاتب الكبير الاستاذ احسان عبدالقدوس والذي كان رئيسا لمجلس إدارة اخبار اليوم بعد دخول مصطفي أمين السجن .. وتحديد إقامة علي أمين في لندن .. ويومها ذهبت للاستاذ احسان وعرضت عليه فكرة " الأم المثالية " وقلت له بالحرف.. ما رأيك في أن تقيم مسابقة لاختيار الأم المثالية لمصر كل عام في عيد الام ليبقي عيد الأم .. والذي كنت أعرفه أن أستاذنا الراحل احسان عبدالقدوس كان عاشقا لأمه طيب الله ثراها.. وقد كانت فاطمة اليوسف قدوة لأمهات مصر .. ولذلك أعطاني الضوء الأخضر وأفسح لي مساحة في صحيفة الاخبار ومجلة " آخر ساعة " .. وفوجئت بالمرحومين الاستاذ أنيس منصور وسعيد سنبل وهما يمدان يدهما لي لنجاح فكرة " الام المثالية " ليبقي اسم مصطفي وعلي امين داخل البيت المصري كأصحاب " لعيد الام".. وأصبح عيد الأم هو طاقة النور لاسميهما بين افراد الأسرة المصرية.. - والشهادة لله بعد عودة عملاقي الصحافة الي موقعهما في " اخبار اليوم " .. استقبلني أستاذي المرحوم علي أمين وهو يبارك فكرة " الأم المثالية " التي أصبحت عيدا داخل عيد الأم.. بل وكان سندا لها يوم أن وقع إختيار اللجنة العليا للأم المثالية علي الحاجة " أنيسة أبو الحسن " لتكون الأم المثالية لمصر.. وهذه السيدة العظيمة كانت تحمل إبنتيها المعوقتين علي ظهرها وتذهب بهما الي الجامعة واحدة تلو الاخري.. وقد اشتري علي أمين سيارة مجهزة لهما حتي لا تتعرضان لعذاب كل يوم عند ذهابهما الي الجامعة.. .. وبمناسبة الحديث عن اللجنة العليا للأم المثالية فقد وفقني الله في تشكيلها من وزراء الصحة والشئون الاجتماعية والحكم المحلي ورئيس محكمة استئناف القاهرة ومحافظ القاهرة والعبد لله بالاضافة الي رئيسة عميدة الاسرة والطفل بوزارة الشئون.. وكانت هذه اللجنة تعقد اجتماعاتها في فبراير لتعلن أسماء الأمهات في مارس.. وقد وجدت مساهمة من جميع أجهزة الدولة لتكريم الأمهات المثاليات .. رحلات لأداء العمرة والحج من وزارة الطيران والسياحة ورحلات الي اوروبا من وزارة النقل البحري .. وكان صديق العرب رجل الأعمال اليوناني " جون / لاتسيس " يستقبل الأمهات المثاليات وينزلن في ضيافته في الجزر اليونانية.. - وأذكر أن أول أم مثالية لمصر كانت الأم " أمينة الشرقاوي " وهي فلاحة من المنصورة .. كرمها الرئيس الراحل انور السادات ومنحها وسام الكمال في عيد الأم .. وقصة الحاجة أمينة أبكت أمهات مصر لأن عطاءها لإبنها فاق كل المعايير .. فقد كان ابنها كسيحا وكانت تحمله الي المدرسة علي كتفها كل يوم .. وإذا بأطباء العظام في المنصورة نصحوها بالسفر الي القاهرة لعرض الابن علي جراح العظام المعروف الدكتور كمال الزرقاني .. وفي اول مقابلة معه .. طلب أن يتبرع أحد الوالدين الأم أو الأب بعشرة سنتيمترات من عظام ساقها لزرعه في ساق الابن حتي يستطيع أن يمشي علي قدميه .. وافق الاب .. لكن الأم اعترضت ويومها قالت للطبيب " خذ عظمي كله وأترك الأب لأنه هو الذي ينفق علينا " .. أما أنا فلو عشت كسيحة أفضل من أن يعيش الأب بعاهة تعوقه عن الصرف علي الأسرة.. - ونجحت العملية ، ووقف الابن علي قدميه.. لكن آثارها جعل الأم فعلا عاجزة عن الحركة الطبيعية .. ومع ذلك كانت اسعد الأمهات بعد أن قاطعها أهلها علي هذا التصرف.. لكن الأم أم.. لم تضعف أمام مقاطعة اهلها الذين تصالحوا معها يوم تكريمها " كأم مثالية لمصر ". ..واسمحوا لي أن احيي أرواح العمالقة العظام مصطفي وعلي أمين وإحسان عبدالقدوس وأنيس منصور وسعيد سنبل ورشدي صالح وموسي صبري .. كل هذه الاقلام ساندتني يوم أن بدأت أطرح فكرة الأم المثالية التي أصبحت واقعا بين أمهات مصر.. وأصبحت الهيئات والمؤسسات تحتفل بها كل عام في عيد الأم.. أسألكم أن تقرأوا الفاتحة علي روح أصحاب فكرة عيد الأم العملاقين الراحلين مصطفي وعلي أمين رحمة الله عليهما .. فقد رحل الاثنان وبقي عيد الأم رمزا لعطائهما لمصر..