إبراهىم عبد المجىد كل كارثة حدثت في مصر بعد رحيل مبارك انتهت إما إلي تحقيق وإما إلي لجنة تقصي حقائق. وحتي الآن التحقيقات لم تصل بنا الي شئ. والتحقيقات التي جرت وتجري مع المقبوض عليهم من رجال العهد البائد انتهي بعضها إلي أحكام قضائية ولا يزال الكثير منها لم ينته. والنتيجة طبعا أن كثيرا من النقد صار يوجه للنيابة وللقضاء جنبا الي جنب مع رئاسة الوزراء والمجلس العسكري. ولا أحد يعرف الي أين يصل بنا هذا كله. لقد رفعت بعد رحيل مبارك راية العدل والعدالة والتحقيقات النزيهة ولم يختلف أحد علي ذلك، خاصة أن الثورة كانت ولا زالت ثورة سلمية فيها من الطهارة ما لم يتوفر في أي ثورة أخري في التاريخ. فلم يحدث أن قام أحد أو جماعة من الثوار بقتل أحد من أعداء الثورة قدامي أو جدد. ورغم أن كل الجرائم تقريبا جرت علي شباب الثورة من الجنسين، فليس هناك حكم واحد يشفي غليل أحد، لا في احداث قتل الثوار أثناء الثورة ولا أحداث 9 مارس ولا أحداث البالون ولا أحداث محمد محمود ولا أحداث العباسية ولا أحداث ما سبيرو ولا أحداث مجلس الوزراء ولا غيرها. التحقيقات التي تتم بسرعة ويتم فيها الحكم هي علي شباب الثورة. بعضهم يحصل علي البراءة وبعضهم يحصل علي حكم مع ايقاف التنفيذ وبعضهم يحصل علي حكم نافذ، وبعضهم يجدد حبسه دائما بلا حكم وهكذا حتي بات في روع الجميع أن كل ما يقال عن تحقيقات او لجان تقصي حقائق ليس إلا إهدارا للوقت حتي تخمد الثورة في روح الشباب، وحتي ييأس الناس الذين التحموا مع أبنائهم ويصرخ بعضهم قائلا فينك يا مبارك، وهو يري كل شئ حوله مرتبكا بسبب المظاهرت وبسبب الاعتصامات وبسبب الإضرابات. وينسي الجميع أن أحدا من صانعي الثورة ليس في الحكم ولا من صناع القرار. هذا ما يحدث الآن فعلا وكثير من السياسيين يحذرون من ثورة أخري ستكون ثورة جياع لا تبقي ولا تذر. وأنا الحقيقة لست ممن يتخوفون من ذلك ولا الذين يهددون به، فالشعب رغم ما قلته، وقت الجد لن يفعل ذلك، لأنه تعلم كيف تكون الثورة سلمية، وكيف يدفع الثمن من روحه برضا. صار في مصر الآن حالة من الرغبة في الاستشهاد. ومن ثم فإذا حدثت ثورة ستكون كسابقتها احتلالا للميادين وتوقف عن العمل حتي يرحل النظام أو مابقي منه حتي لو دفع الألاف مرة اخري حياتهم. والسؤال هو علي ماذا يراهن النظام الحالي ؟. وهن الثورة حتي الآن هو كلام يقال، لكن لم يحدث أن رأينا ثورة مضادة في الميادين والشوارع، ولن نراها لسبب بسيط جدا، أن الذين خرجوا يفعلون ذلك في العباسية مثلا يعرف الجميع من ورائهم والاموال التي صرفت عليهم والمواعيد المحددة لهم في كل مرة، فإذا اتت مواعيد الانصراف يختفون. وكثير من زلات لسان خطبائهم كانت تشي بذلك وتعلنه. مثل من وقف مرة يقول بيقولوا علينا عشرات أو مئات هات يابني الكشوف خليهم يشوفو الأعداد. وطبعا لا كشوف تعد باسماء للثوار ومسبقا. فالرئيس القادم في الحقيقة سيكون الرئيس الذاهب إذا جاء مخيبا لآمال الثورة والثوار. وأول آمالهم ان يلقي الذين قتلوا الشباب عقابهم وفي أسرع وقت. لن يستطيع الرئيس القادم أن يقول أن الأمر في يد القضاء لأن احدا لن يتحمل تأخرا أكثر من ذلك. وإذا كان الرهان انه بعد انتخاب الرئيس القادم سيقال للثوارالآن لا مكان لكم لان شكل الدولة قد اكتمل فهناك مجلس شعب منتخب ورئيس منتخب فهو رهان واهم لأن الثورة وضعت أساسا للاحتجاج، وهو الميادين. ثم أن شباب الثورة بما فيهم من انخرطوا في أحزاب أو وصلوا الي مجلس الشعب لن يتأخروا عن الخروج للشارع والميادين. أقول هذا الكلام لأني اشعر أن شهر يونيو القادم سيكون حاسما، ففيه موعد نتيجة انتخاب الرئيس الجديد، وفيه الحكم علي مبارك ورجاله، وإذا جاء الاثنان مخيبين للآمال، خاصة انتخاب الرئيس الذي يشي كل شئ بما فيه المادة 28 التي تمنع الطعن علي النتيجة انه لن يكون الرئيس الناجح بانتخابات حقيقية، لكن سيكون الرئيس الناجح بالتزوير، حتي لو لم يحدث تزوير، فستظل هذه المادة مثيرة لهذا المعني في القلب والعقل. أقول إذا جاء الإثنان مخيبين للآمال ستندلع الثورة. كنت أتصور أن النظام القائم يحرث الأرض للرئيس الجديد ولا يورطه فيها. لأنه لن يتحمل أحدا كلامه الذي سيقوله، إعطوني فرصة ووقتا. التحقيقات التي تأخرت كثيرا في إنهاء القضايا الكبيرة التي تتعلق بدم الثوار لن تحبط الثورة وستشعل الثوار، وستكون حجر العثرة الكبير أمام أي رئيس. وبهذه المناسبة أشير الي آخر تحقيق يجري الآن، وهو التحقيق مع ضابط الأمن الوطني الذي قبض عليه عمال ومتظاهرو بترو جيت وهو يحرضهم علي اقتحام مجلس الشعب. كلام وزير الداخلية عن أنه كان يؤدي عمله في المكان وأنه تعرض للضرب وأن هناك تحقيقا في الواقعة ولم يقل أحد ما هي العبقرية التي تجعل العمال يتهمون ضابطا بشئ كهذا ويتفق الكثيرون جدا منهم علي الاتهام. هل ستنتهي التحقيقات بسوء الفهم مثلا او بادعاء المتظاهرين عليه أو ستطول حتي تنسي. اذا انتهت بسوء الفهم من العمال للضابط فليست هذه هي الطريقة للدفاع بها عن جهاز الأمن االوطني، لان أحدا لن يقتنع وسيضم العقل الجمعي للناس التحقيق الي غيره، وسيقول الكثيرون من الناس العاديين ياعم مافيش فايدة ما توجعوش دماغكم. لكن لن يتأخروا عن الخروج الي الثورة بكثافة في يونيو القادم بعد الحكم علي مبارك ورجاله إذا جاء مخيبا للآمال وانتخاب الرئيس غير المنتظر.. اللهم قد بلغت اللهم فاشهد.