أحياناً يتحول الصديق إلي خصم لأسباب تخصهما ولا علاقة للآخرين بها أو بهما. الأمر يختلف عندما تنقلب الصداقة إلي خصومة ليس لخلاف شخصي بينهما وإنما فقط لاضطرارهما إليها لزوم المنافسة علي الفوز بأعلي الأصوات في معركة انتخابية تؤثر سلباً أو إيجاباً علي حياة الملايين. فمثلاً.. طوال سنوات عديدة ماضية استمر رجل الأعمال الروسي الملياردير: ميخائيل بروخوروف مدافعاً عن انجازات و أمجاد وفتوحات وانتصارات صديقه الحميم الرئيس الروسي فلاديمير بوتين الذي انتهت فترة رئاسته للجمهورية، فاتفق مع الرئيس الجديد علي تعيينه رئيساً للحكومة تمهيداً للترشح في الانتخابات الرئاسية في مارس 2012بعد انتهاء فترة الرئيس الحالي الذي وعده بوتين بتعيينه رئيساً للحكومة.. طبقاً لقواعد وأصول لعبة "الكراسي الموسيقية ". دفاع الملياردير بروخوروف عن صديقه بوتين لم يدهش أحدا. فالمداح المغرّد كون ثروته الهائلة 16ألف مليون يورو بدعم وتشجيع الرئيس بوتين وبالتالي فأبسط تعبير عن اعترافه وتقديره للفضل هو وقوفه إلي جانبه في معركة الانتخابات الرئاسية القادمة. وفجأة اختلف الأمر بعد أن قرر بروخوروف الجمع بين الثروة والسلطة ومنافسة بوتين علي رئاسة روسيا. وهكذا تحوّل الملياردير ببساطة شديدة من صديق وحليف لبوتين إلي منافس وخصم رافعاً شعاراً يطالب ب "التغيير الشامل في الوجوه والأداء". هذا التحول المريب أثار شهية الصحفي الفرنسي فرانسوا دو لابار لمشاغبة المليارديرالطامع في رئاسة روسيا وإقصاء صديقه عنها. والتقي الصحفي الفرنسي منذ أيام ميخائيل بروخوروف لإجراء حوار طويل نشرته مجلة "باري ماتش" تحدث فيه عن برنامجه الانتخابي، وضرورة التخلي عن برامج وسياسات ومواقف النظام السابق والحالي واستبدالها بأخري تدفع بروسيا إلي المكانة التي يستحقها الشعب الروسي ضحية الفساد والاستبداد والتفرقة متعددة الصفات والألوان والقدرات. وبعد أن صال وجال المرشح الملياردير في كشف سلبيات حكم بوتين، والتبشير بالتغيير والإصلاح فور فوزه برئاسة روسيا، فاجأه الصحفي الفرنسي بتذكيره بما سمعه منه من آراء وتصريحات نشرت في مجلة "باري ماتش" في مارس 2010 وكلها تلف وتدور حول صلاحية بوتين لإعادة انتخابه رئيساً لروسيا ليوفر لها الاستقرار والأمن وهما أهم ركيزتين يعتمد عليهما في إنهاء آلام الشعب وتحقيق آماله (..). التذكير بهذه التصريحات المنشورة لم تصدم قائلها، وإنما علي العكس تقبلها ببساطة، وشجاعة، يحسد عليهما قائلاً: " أتذكر جيداً ما قلته. فقد عبرت آنذاك عن وجهة نظري كأحد رجال الأعمال. فمن النادر آنذاك أن نسمع من أحدهم نقداً للحكومة أو للنظام الحاكم (..). الوضع اختلف الآن. فأنا الآن رجل سياسي ، و بوتين منافس لي .. لا أشاركه مواقفه وسياساته وأفكاره في إدارة وإصلاح البلاد". السؤال كان محرجاً والإجابة عليه من الصديق الذي أصبح خصماً جاءت واضحة لكنها في تصوري لم تقنعني. وهذه حكاية أخري.