في الثامن من ديسمبر 1948 أصدر محمود فهمي النقراشي رئيس الوزراء قرارا بحل جماعة الاخوان المسلمين. بعد عشرين يوما اغتال عبد المجيد أحمد حسن عضو الجماعة النقراشي وفي فبراير 1949 تم اغتيال مؤسس الجماعة ومرشدها الاول حسن البنا علي أيدي عملاء للحكومة والقصر. منذ قرار الحل الاول وثمة التباس حتي الان حول إن كان للجماعة وجود قانوني وما هو أساسه. ذلك أن كثيرا من أمور الجماعة منذ نشأتها عام 1928 وحتي الان كان يجري وفق مواءمات أو صفقات مع نظم الحكم. فبعد ثلاث سنوات من قرار الحل عاودت الجماعة نشاطها واختارت مرشدها الثاني حسن الهضيبي واستقبله الملك فاروق وقامت ثورة يوليو 1952 وشهدت تعاونا مع الاخوان تمثل في استثنائهم من قرار حل الاحزاب باعتبار انهم ليسوا حزبا ثم صداما بحل الجماعة مرتين في عام 1954 ثم صداما دمويا آخر عام 1965 فعودة شبه مستقرة منذ 1971 وحتي الان. لكن ما ليس واضحا هو إن كان هناك قرار صدر في أي مرحلة منذ 1948 بعودة الاخوان وإن كانت الجماعة مسجلة بشكل قانوني لدي أي من أجهزة الدولة وبأي صفة.. ربما لم يكن التساؤل مبررا عندما كانت الجماعة عرضة لاضطهاد من قبل نظم الحكم. أما وقد أصبحت الام الحاضنة لاكبر حزب سياسي بعد ثورة 25 يناير وأصبح الحديث يجري علي أنها تقرر والحزب ينفذ فإن من حق الناس عليها ومن حقها علي نفسها جلاء تكييفها القانوني من عدة جوانب أولها إن كان لها وجود قانوني بشكل لا يقبل الجدل ولا يقوم علي تفسيرات لبعض أحكام مجلس الدولة. والثاني الكيفية التي هي مسجلة بها.. هل هي منظمة مجتمع مدني وهل نشاطها خيري أم دعوي وهل يحق لها الاشتغال بالعمل السياسي. إن مصر الجديدة وهي تسعي لقيام دولة القانون تريد أن يكون لكل ما هو قائم علي أرضها وضعه القانوني. وما يجري بشأن منظمات للمجتمع المدني تمارس نشاطا وتتلقي تمويلا من الخارج دون أن يكون لها وجود قانوني أدعي الي أن تسارع جماعة الاخوان الي توضيح موقفها وتصحيح وضعها القانوني إن كان ثمة ما يستوجب ذلك. يكتسب الامر حساسية مضاعفة في ضوء سيطرة حزب الحرية والعدالة الجناح السياسي للاخوان علي قرابة نصف مقاعد مجلس الشعب وهو المجلس الذي يتوقع منه صوغ قانون جديد ينظم عمل منظمات المجتمع المدني وغيرها من الجمعيات. صدور مثل هذا القانون قبل اتضاح الموقف القانوني للجماعة من شأنه أن يلقي ظلالا كثيفة علي مصداقية كل من الحزب والجماعة. ثمة بعد آخر لمثل هذه المطالب وهو تحديد العلا قة بين الجماعة والحزب. ليس للجماعة كمنظمة مجتمع مدني أن تمارس نشاطا سياسيا وبالتالي فإن ما نشر وينشر علي لسان أعضاء مكتب الارشاد ونائب المرشد عن استعداد الجماعة أكرر الجماعة لتشكيل حكومة انقاذ وطني وعن رغبتها في تقاسم المناصب مع القوي الاخري هو بالتحديد نوع الخلط الذي من شأنه أن يصيب الحياة السياسية في مقتل. تهرب الساخر بيرم التونسي من مطالبة السلطة له باستخراج ترخيص لمطبوعة له في مطلع القرن الماضي بأن أسمي المطبوعة " المسلة لا جريدة ولا مجلة". ولا أظن الاخوان في حاجة الي مثل هذا التهرب.